أصبحت فلسطين الخميس دولة مراقبا في الأممالمتحدة وذلك بعد عملية تصويت تاريخية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ورغم معارضة واشنطن وتل أبيب. ووافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على رفع التمثيل الفلسطيني الى صفة "دولة غير عضو مراقب" بأغلبية 138 دولة مقابل 9 ضد وامتناع 41 دولة عن التصويت. ويشكل هذا الوضع الدولي الجديد الذي يصبح معه متاحا للفلسطينيين العضوية في منظمات الأممالمتحدة والمعاهدات الدولية، نصرا دبلوماسيا كبيرا رغم أنها تعرض السلطة الفلسطينية إلى عقوبات مالية أمريكية وإسرائيلية. وقبل عملية التصويت أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الأممالمتحدة ستوقع "شهادة ميلاد" دولة فلسطين. واعتبر أننا إزاء "الفرصة الأخيرة لإنقاذ حل الدولتين" واعدا بإحياء مفاوضات السلام مع إسرائيل المتوقفة منذ أكثر من عامين. في المقابل اعتبر سفير إسرائيل لدى الأممالمتحدة أن هذه المبادرة "لن تدفع عملية السلام بل تعود بها إلى الوراء" كما أنها "لن تغير الوضع على الأرض". وأعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أول تعليق له على تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس لصالح رفع مستوى التمثيل الفلسطيني إلى صفة دولة مراقب في الأممالمتحدة، أن هذا القرار هو "انتصار للسلام والحرية والشرعية الدولية". وقال عباس لوكالة فرانس برس "هذا انتصار للسلام والحرية والشرعية الدولية والقانون الدولي"، مضيفا "اشكر الشعب الفلسطيني واقدم له التهنئة بهذا الانجاز، كما اشكر شعوب الأمة العربية والإسلامية وأحرار العالم الذين صوتوا لصالح فلسطين". وأكد الرئيس الفلسطيني في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إن الطلب الفلسطيني للحصول على صفة دولة مراقب في المنظمة الدولية جاء لإيمان الفلسطينيين بالسلام ولإنقاذ حل الدولتين، قائلاً إن الجمعية العامة مطالبة بمنح "شهادة ميلاد لدولة فلسطين". وقال عباس "فلسطين تجيء إلى الجمعية العامة لأنها تؤمن بالسلام"، مؤكداً أن الفلسطينيين جاؤوا ليؤكدوا "قناعتهم بأن الأسرة الدولية تقف الآن أمام الفرصة الأخيرة لإنقاذ حل الدولتين". وأكد أن الطلب الفلسطيني جاء ليكرس حضور فلسطين وليحمي "إمكانات وأُسس السلام العادل المأمول في منطقتنا". وقال عباس إن الهجوم الإسرائيلي على غزة أكد مرةً أخرى على "الضرورة الاستثنائية والعاجلة والمُلحة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، ونيل شعبنا حريتهُ واستقلالهُ"، مشيراً إلى أن "هذا العدوان أكد أيضاً على تمسك الحكومة الإسرائيلية بنهج الاحتلال والقوة الغاشمة والحرب، ما يفرض على الأسرة الدولية الاضطلاع بمسؤولياتها نحو الشعب الفلسطيني ونحو السلام". ولفت بعاس إلى أن الفلسطينيين لم يسمعوا إلاّ التهديد والوعيد من المسئولين الإسرائيليين رداً على طلب الحصول على صفة دولة مراقب، مضيفاً "ولم نسمع من أي مسئول إسرائيلي كلمةً واحدةً تُبدي حِرصاً صادقاً على إنقاذ عملية السلام، بل شَهِد شعبنا ويشهد تصعيداً غير مسبوق في الاعتداءات العسكرية والحصار وعمليات الاستيطان والتطهير العرقي، وخاصة في القدسالشرقيةالمحتلة، والاعتقالات الواسعة، واعتداءات المستوطنين وغيرها من الممارسات". واتهم الحكومة الإسرائيلية بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين وقال إن "ما يدفع الحكومة الإسرائيلية إلى التمادي في سياساتها العدوانية وفي ارتكاب جرائم الحرب ينبع من قناعة لديها بأنها فوق القانون الدولي، وأنها تمتلك حصانة تحميها من المحاسبة والمساءلة". واعتبر أن "اللحظة حانت كي يقول العالم بوضوح كفى للعدوان والاستيطان والاحتلال". وأكد أن الطلب الفلسطيني لا يهدف إلى "نزع الشرعية عن دولة قائمة بالفعل منذ عقود هي إسرائيل، بل لتأكيد شرعية دولة يجب أن تقام سريعاً هي فلسطين"، مجدداً التأكيد أن المسعى الفلسطيني يهدف "لإطلاق فرصة جدية أخيرة لتحقيق السلام" ومحاولة بث روح جديدة في احتمالات استئناف المفاوضات ووضع أساس متين لها، استناداً إلى مرجعيات القرارات الدولية. وأكد أن الفلسطينيين لن يقبلوا إلاّ "باستقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس فوق جميع الأراضي التي احتلت عام 1967 لتعيش بأمن وسلام إلى جانب دولة إسرائيل، وحل قضية اللاجئين على أساس القرار 194، حسب منطوق المبادرة العربية للسلام". وقال عباس إن "العالم مُطالب اليوم بأن يُجيب على سؤال محدد كررناه دائماً: هل هناك شعب فائض عن الحاجة في منطقتنا؟ أم أن هناك دولة ناقصة ينبغي المسارعة والتعجيل بتجسيدها فوق أرضها هي فلسطين؟". وأضاف أن "العالم مطالب اليوم بأن يُسجل نقلة هامة في مسيرة تصحيح الظلم التاريخي غير المسبوق الذي أُلحق بالشعب الفلسطيني منذ النكبة عام 1948". واعتبر الرئيس الفلسطيني أن "كل صوت يُؤيد مسعانا اليوم هو صوت نوعي وشُجاع، وكل دولة تمنح التأييد اليوم لطلب فلسطين نيل مكانة دولة غير عضو تثبت بذلك دعمها المبدئي والأخلاقي للحرية وحقوق الشعوب والقانون الدولي والسلام". وأضاف أن الفلسطينيين في مسعاهم "كي تنال فلسطين مكانة دولة غير عضو في الأممالمتحدة، نُجدد التأكيد أن فلسطين ستتمسك على الدوام باحترام ميثاق وقرارات الأممالمتحدة والقانون الدولي الإنساني وتكريس المساواة وضمان الحريات العامة وسيادة القانون وتعزيز الديمقراطية والتعددية وصيانة وتدعيم حقوق المرأة". وأضاف "قبل 65 عاماً وفي مثل هذا اليوم أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار 181 الذي قضى بتقسيم أرض فلسطين التاريخية، وكان ذلك بمثابة شهادة ميلاد لدولة إسرائيل... إن الجمعية العامة للأمم المتحدة مطالبة اليوم بإصدار شهادة ميلاد دولة فلسطين. ولهذا السبب بشكل خاص نحن هنا اليوم". ومن جهته اعتبر رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو خطاب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي طالب فيه بتأييد ترقية وضع فلسطين إلى دولة مراقبة غير كاملة العضوية في المنظمة الدولية بأنه يتسم "بالكراهية والحقد ضد إسرائيل". وقال نتنياهو في بيان صادر عن مكتبه، ليل الخميس، إن "العالم شاهد خطاب عباس الذي اتسم بالكراهية والحقد ضد اسرائيل وروج أكاذيب بشعة ضدها". وأضاف أن "الذي يريد السلام لا يتكلم بهذا الشكل"، معتبرا أن "قرار الجمعية العامة لا يحظى بأي أهمية وهو لن يغير شيئا على الأرض". وأشار البيان إلى أن نتنياهو أوضح في وقت سابق من اليوم أن "دولة فلسطينية لن تقوم بدون تسوية تضمن أمن مواطني إسرائيل، ونتنياهو لن يسمح بإقامة قاعدة إرهابية إيرانية في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) علاوة على القواعد الإيرانية التي أقيمت في غزة ولبنان". وتابع البيان أن الطريق نحو السلام بين إسرائيل والفلسطينيين "تمر عبر مفاوضات مباشرة دون شروط مسبقة وليس بقرارات أحادية الجانب في الأممالمتحدة، وبذهابهم الى الأممالمتحدة انتهك الفلسطينيون الاتفاقيات مع إسرائيل، وإسرائيل سترد على ذلك بالشكل المناسب". الى ذلك قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون ان تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس لصالح رفع مستوى التمثيل الفلسطيني إلى صفة دولة مراقب في الأممالمتحدة هو قرار "مؤسف وغير مجد". وقالت كلينتون خلال منتدى في واشنطن انتهزته فرصة للتعليق فورا على القرار التاريخي للجمعية العامة، ان هذا القرار "يضع مزيدا من العراقيل امام طريق السلام"، معتبرة أن الطريق الوحيد لقيام دولة فلسطينية هو استئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.