أسعار الدولار اليوم الأحد 29 يونيو 2025    مصدر أمريكي بالوساطة ل الشروق: خطة ترامب لتهجير سكان غزة لم تعد قائمة    مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على مشروع قانون ترامب الضريبي    نشطاء تونسيون: من حق إيران امتلاك التقنية النووية السلمية    تقارير: روسيا تستهدف مناطق أوكرانية بعيدة عن الخطوط الأمامية    موعد مباراة تشيلسي ضد بالميراس في ربع نهائي كأس العالم للأندية والقنوات الناقلة    خالد الغندور: شلبي يرفض الرحيل.. وخلاف مالي يُعطل انضمامه للبنك الأهلي    الأرصاد تحذر من اضطراب الملاحة البحرية اليوم وغدا    توافد طلاب الثانوية العامة على لجان امتحان الإنجليزي بالسادس من أكتوبر وسط إجراءات أمنية مشددة    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه الأحد 29-6-2025 بعد هبوطه الأخير في 8 بنوك    منتخب السعودية يخسر بثنائية أمام المكسيك ويودع الكأس الذهبية    جدو يعلن تجديد تعاقد يورتشيتش مع بيراميدز    الاتحاد الأوروبي يشهر سلاح العقوبات مجددًا ضد روسيا.. والحسم خلال أيام!    إعلام عبري: إيران جنّدت مستوطنا لاغتيال وزير جيش الاحتلال كاتس    موقف محرج لشيرين عبد الوهاب على مسرح مهرجان موازين (فيديو)    مي عمر شعبية في مسلسلها الجديد برمضان 2026    45 دقيقة تأخيرات القطارات بين قليوب والزقازيق والمنصورة    رحلة نقل ملكية السيارة تبدأ من هنا.. إليك المستندات المطلوبة    اليوم.. الإعلان عن تنسيق القبول بالثانوية العامة والمدارس الفنية بمدارس الجيزة    إحداها عادت بعد 120 دقيقة.. العواصف توقف 6 مباريات في كأس العالم للأندية    مدرب بالميراس: سنقاتل حتى النهاية من أجل حلمنا في كأس العالم للأندية    حقيقة عرض وكيل زيزو اللاعب على بشكتاش وفنربخشة    البحرين ترحب باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا وتشيد بدور واشنطن والدوحة    النائب عاطف مغاوري: أزمة الإيجار القديم تحل نفسها.. وستنخفض لأقل من 3% في 2027    «ماسك»: قانون خفض الإنفاق الحكومي «انتحار سياسي»    ضبط الأب المتهم بالتعدي على ابنه بالشرقية    مشاركة متميزة لشركات وزارة قطاع الأعمال في معرض "صحة إفريقيا Africa Health ExCon 2025"    وارن بافيت يعلن عن تبرعات بقيمة 6 مليارات دولار لخمس مؤسسات    «واخدلي بالك» على مسرح قصر ثقافة العريش    كايروكي يشعلون استاد القاهرة برسائل دعم لغزة وصور الشهداء    اللواء أبو هميلة: "الشيوخ" تسير بشفافية لجاهزية "الوطنية للانتخابات"    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    أضف إلى معلوماتك الدينية | 10 حقائق عن المتوفي خلال عمله    في جوف الليل| حين تتكلم الأرواح ويصعد الدعاء.. اللهم اجعل قلبي لك ساجدًا ولسانِي لك ذاكرًا    اكتشاف فيروس جديد في الخفافيش أخطر من كورونا    دواء جديد يعطي أملا لمرضى السكري من النوع الأول    أشرف زكي ناعيا ضحايا حادث المنوفية: للفقيدات الرحمة ولذويهم خالص العزاء    فيديو.. كريم محمود عبد العزيز: سعيد بتقديم دراما بشكل جديد في مملكة الحرير    شاب يقتل والدته ويدفنها في أرض زراعية بالمنيا    يسبب التسمم.. احذر من خطأ شائع عند تناول البطيخ    اليوم، امتحان مادة "التاريخ" لطلاب الأدبي بالثانوية الأزهرية    بعد توصية طارق مصطفى.. رئيس البنك الأهلي يعلن رحيل نجم الأهلي السابق (خاص)    بعد فشل توربينات سد النهضة، خبير جيولوجي يحذر من حدوث فيضانات بالخرطوم قريبا    ثبات حتى الرحيل .. "أحمد سليمان".. قاضٍ ووزير وقف في وجه الطابور الخامس    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قياديين في "حزب الله" بغارات جنوب لبنان    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    سعر التفاح والبطيخ والفاكهة بالأسواق اليوم الأحد 29 يونيو 2025    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    للتعامل مع القلق والتوتر بدون أدوية.. 5 أعشاب فعالة في تهدئة الأعصاب    فوائد البنجر الأحمر، كنز طبيعي لتعزيز صحة الجسم    رئيس جهاز مدينة حدائق أكتوبر: تسليم وحدات مشروعي «810 و607 عمارة» قريبًا    عمرو أديب ل أحمد السقا ومها الصغير: «زي ما دخلنا بالمعروف نخرج بالمعروف» (فيديو)    «الغالي ثمنه فيه».. مؤتمر لابناء المرحلة الإعدادية بإيبارشية طيبة (صور)    موعد اعتماد نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة قنا    القبض على 3متهمين بغسل الأموال    بنفيكا ضد تشيلسي.. جيمس يفتتح أهداف البلوز فى الدقيقة 64 "فيديو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرازق أحمد الشاعر يكتب عن : تاريخ من الألم
نشر في الزمان المصري يوم 28 - 07 - 2012

يبدو أن ولع الفرس بالحروب وميلهم إلى الغزو جبلة أصيلة فيهم، فقد روى هيرودوت الذي رحل عن عالمنا في القرن الخامس قبل الميلاد دون أن يعلم أنه قد ترك لنا وليدا من صلبه أو يعترف ببنوته حكاية غريبة عن بروتوكولات عبدة النار في الاستعداد للحرب. يقول الرجل أنهم كانوا يستبقون الحرب باجتماع عاجل يضم كافة الجنرالات لمناقشة استعداداتهم الحربية من جند وعتاد ومؤن وخلافه. وفي ذلك الاجتماع كان المؤتمرون يحرمون الخمر ويستبعدون كل من فاحت منه رائحتها أو تغيرت بفضلها نبراته. وبعد الاتفاق على كافة التفاصيل يدير الحاضرون كئوس الرحى فيما بينهم حتى تدور الرؤوس وتثقل الألسنة. وعندها، يبدأ الجمع في تناول شئون الحرب من جديد ليتخذوا قرارات أقل وعيا وأقل تحفظا. فإذا ما اتفق ما تفتق عن وعي الرجال مع ما فاح من أفواههم المخمورة أعلن مجلسهم العسكري الحرب فورا.
في حِل نحن من تصديق رواية الرجل التاريخية، لأننا تعلمنا من بنيه وأحفاده أن التاريخ يكتبه المنتصرون وأصحاب الهوى، إلا أننا لا نمتلك حتى اليوم دليلا واحدا على انتماء الرجل إلى أي حزب يوناني حاكم في تلك الآونة أو حصوله على تأشيرات سفر إلى بلاد الفرس أو وجود شبكة مراسلين تعمل لصالحه هناك. كل ما نعلمه عن الرجل أنه عاش في اليونان بضعا وخمسين سنة قضى جلها في دراسة تاريخ الحضارات المصرية والبابلية والفارسية القديمة. لكننا إن تخلينا عن ثقافتنا الديكارتية المعاصرة وصدقنا الرواية دون تمحيص في سيرة الرواة، ستقابلنا بعض الأسئلة الشائكة عن إمكانية توحد المرء وجدانيا مع فكره، وهو أمر يستحيل التحقق مع حشد من القادة العسكريين الذين يمتلكون حتما طموحات ذاتية قد لا تتفق كثيرا مع توجهات الدولة أو رغباتها. عصي على التصديق توحد هؤلاء جميعا على هدف قومي واحد وجلوسهم في نفس المقاعد بعد زوال تحفظات الوعي وسقوط أحكام المنطق.
ولو افترضنا جدلا توحد النزعات والميول الفردية مع التطلعات والطموحات الأممية، سيواجهنا سؤال آخر متعلق بحسن نوايا الهيئات الرشيدة التي أحصت أصوات الغائبين عن الوعي وانتماءاتهم الأيديولوجية.
لكننا حين نلقي بعلامات الاستفهام خلف ظهور النصوص، ونتعامل بواقعية براجماتية مع النص التاريخي، سنجد في تقديس أبناء فارس لمفهوم الدولة وتقديمه على ما عداه من مصطلحات إنسانية أو دينية ما يبرر إلى حد ما تلك الظاهرة التي بسطت لجنود فارس الولائم في كافة العواصم، وأسقطت تحت سنابك خيولهم تيجان الملوك وعروشهم.
لم أرد هنا بالطبع الحديث عن هيرودوت ولا عن جيش فارس الذي لا زال يعبث بخارطتنا الإقليمية ويعيث في إنسانيتنا فسادا ويحصى حاجة جيوشه من جند ومتاع ومؤن ليُغِير على ما تبقى لنا من كرامة في دنيا الناس. لم أرد هنا التملص من النص للولوج إلى المعترك السوري الذي دهست فيه سنابك الخيل الفارسية أمن أشقائنا وكرامتهم، ولطخت بدماء الأحقاد جبين الإنسانية والعروبة. لم أرد التحدث عن سفنهم العابرة لتاريخنا والمارة بين جلودنا الحية وعظامنا الميتة، ولم أرد التطرق إلى غفلتنا عن دمائنا وحرماتنا المستباحة ولا عن صرخات نسائنا تحت فحولتهم ولا عن غرق سراويل أطفالنا في ماء الخوف تحت شفرات نصالهم، لأنني أعتقد أن كلماتي لن تحرك ساكنا من رجولتنا فشلت في رجّه آلاف الصور والأفلام الوثائقية. فقط أردت أن أتعجب.
أردت أن أتعجب من توحد هؤلاء حول راياتهم السوداء الكاذبة، وتفرقنا تفرقا غير معصوم تحت ألوية حقوقنا المغتصبة. فقط أحببت أن أضع علامات استنكار بين فواصل الإحباط التي تفرقت فوق صفحات تاريخنا. كيف اتفق الفرس في السر والعلانية وألّفوا بين الغيبوبة والوعي في تفاصيل خططهم، وفشلنا نحن في مد جسور الوعي أو التاريخ أو الجغرافيا أو الدين أو النسب أو الإنسانية كما فشلنا في التوحد تحت راية زيفنا وقهرنا وضياعنا وخيباتنا المتكررة؟ لماذا تخلينا عن جسورنا في الوعي والغياب وتحولنا إلى قطعان نافرة لا تجيد إلا لف ألسنتها حول أعواد الحنطة وسيقان الجدل. لماذا يخذلنا الوعي فيجعلنا نتصايح ونتلاعن، وحين يستبد بنا السكر نتصايح ونتلاعن، وكأننا نريد عن عمد أن نؤكد مقولة أبي التاريخ: "أعرف أن البشرية لا تبقى طويلا في نفس المكان"؟
**أديب مصري مقيم بالإمارات
هذا البريد محمى من المتطفلين. تحتاج إلى تشغيل الجافا سكريبت لمشاهدته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.