حريق يلتهم 4 أفدنة قمح في قرية بأسيوط    متحدث الصحة عن تسبب لقاح أسترازينيكا بتجلط الدم: الفائدة تفوق بكثير جدًا الأعراض    بمشاركة 28 شركة.. أول ملتقى توظيفي لخريجي جامعات جنوب الصعيد - صور    برلماني: مطالبة وزير خارجية سريلانكا بدعم مصر لاستقدام الأئمة لبلاده نجاح كبير    التحول الرقمي ب «النقابات المهنية».. خطوات جادة نحو مستقبل أفضل    ضياء رشوان: وكالة بلومبرج أقرّت بوجود خطأ بشأن تقرير عن مصر    سعر الذهب اليوم بالمملكة العربية السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الأربعاء 1 مايو 2024    600 جنيه تراجعًا في سعر طن حديد عز والاستثماري.. سعر المعدن الثقيل والأسمنت اليوم    تراجع أسعار الدواجن 25% والبيض 20%.. اتحاد المنتجين يكشف التفاصيل (فيديو)    خريطة المشروعات والاستثمارات بين مصر وبيلاروسيا (فيديو)    بعد افتتاح الرئيس.. كيف سيحقق مركز البيانات والحوسبة طفرة في مجال التكنولوجيا؟    أسعار النفط تتراجع عند التسوية بعد بيانات التضخم والتصنيع المخيبة للآمال    رئيس خطة النواب: نصف حصيلة الإيرادات السنوية من برنامج الطروحات سيتم توجيهها لخفض الدين    اتصال هام.. الخارجية الأمريكية تكشف هدف زيارة بليكن للمنطقة    عمرو خليل: فلسطين في كل مكان وإسرائيل في قفص الاتهام بالعدل الدولية    لاتفيا تخطط لتزويد أوكرانيا بمدافع مضادة للطائرات والمسيّرات    خبير استراتيجي: نتنياهو مستعد لخسارة أمريكا بشرط ألا تقام دولة فلسطينية    نميرة نجم: أي أمر سيخرج من المحكمة الجنائية الدولية سيشوه صورة إسرائيل    جونسون: الاحتجاجات المؤيدة لفلسطين داخل الجامعات الأمريكية نتاج للفراغ    قوات الاحتلال تعتقل شابًا فلسطينيًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس    استطلاع للرأي: 58% من الإسرائيليين يرغبون في استقالة نتنياهو فورًا.. وتقديم موعد الانتخابات    ريال مدريد وبايرن ميونخ.. صراع مثير ينتهي بالتعادل في نصف نهائي دوري أبطال أوروبا    معاقبة أتليتيكو مدريد بعد هتافات عنصرية ضد وليامز    موعد مباراة الأهلي والإسماعيلي اليوم في الدوري والقنوات الناقلة    عمرو أنور: الأهلي محظوظ بوجود الشناوي وشوبير.. ومبارياته المقبلة «صعبة»    موعد مباريات اليوم الأربعاء 1 مايو 2024| إنفوجراف    ملف رياضة مصراوي.. قائمة الأهلي.. نقل مباراة الزمالك.. تفاصيل إصابة الشناوي    كولر ينشر 7 صور له في ملعب الأهلي ويعلق: "التتش الاسطوري"    نقطة واحدة على الصعود.. إيبسويتش تاون يتغلب على كوفنتري سيتي في «تشامبيونشيب»    «ليس فقط شم النسيم».. 13 يوم إجازة رسمية مدفوعة الأجر للموظفين في شهر مايو (تفاصيل)    بيان مهم بشأن الطقس اليوم والأرصاد تُحذر : انخفاض درجات الحرارة ليلا    وصول عدد الباعة على تطبيق التيك توك إلى 15 مليون    إزالة 45 حالة إشغال طريق ب«شبين الكوم» في حملة ليلية مكبرة    كانوا جاهزين للحصاد.. حريق يلتهم 4 أفدنة من القمح أسيوط    دينا الشربيني تكشف عن ارتباطها بشخص خارج الوسط الفني    استعد لإجازة شم النسيم 2024: اكتشف أطباقنا المميزة واستمتع بأجواء الاحتفال    لماذا لا يوجد ذكر لأي نبي في مقابر ومعابد الفراعنة؟ زاهي حواس يكشف السر (فيديو)    «قطعت النفس خالص».. نجوى فؤاد تكشف تفاصيل أزمتها الصحية الأخيرة (فيديو)    الجزائر والعراق يحصدان جوائز المسابقة العربية بالإسكندرية للفيلم القصير    حدث بالفن| انفصال ندى الكامل عن زوجها ورانيا فريد شوقي تحيي ذكرى وفاة والدتها وعزاء عصام الشماع    مترو بومين يعرب عن سعادته بالتواجد في مصر: "لا أصدق أن هذا يحدث الآن"    حظك اليوم برج القوس الأربعاء 1-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. تخلص من الملل    هل حرّم النبي لعب الطاولة؟ أزهري يفسر حديث «النرد» الشهير (فيديو)    هل المشي على قشر الثوم يجلب الفقر؟ أمين الفتوى: «هذا الأمر يجب الابتعاد عنه» (فيديو)    ما حكم الكسب من بيع وسائل التدخين؟.. أستاذ أزهرى يجيب    هل يوجد نص قرآني يحرم التدخين؟.. أستاذ بجامعة الأزهر يجيب    «الأعلى للطرق الصوفية»: نحتفظ بحقنا في الرد على كل من أساء إلى السيد البدوي بالقانون    إصابات بالعمى والشلل.. استشاري مناعة يطالب بوقف لقاح أسترازينيكا المضاد ل«كورونا» (فيديو)    طرق للتخلص من الوزن الزائد بدون ممارسة الرياضة.. ابعد عن التوتر    البنك المركزي: تحسن العجز في الأصول الأجنبية بمعدل 17.8 مليار دولار    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    "تحيا مصر" يكشف تفاصيل إطلاق القافلة الإغاثية الخامسة لدعم قطاع غزة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط.. صور    أفضل أماكن للخروج فى شم النسيم 2024 في الجيزة    اجتماعات مكثفة لوفد شركات السياحة بالسعودية استعدادًا لموسم الحج (تفاصيل)    مصدر أمني ينفي ما تداوله الإخوان حول انتهاكات بسجن القناطر    رئيس تجارية الإسماعيلية يستعرض خدمات التأمين الصحي الشامل لاستفادة التجار    الأمين العام المساعد ب"المهندسين": مزاولة المهنة بنقابات "الإسكندرية" و"البحيرة" و"مطروح" لها دور فعّال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بحث عن :”شهادة الشهود واثبات الحقوق”يقدمه الدكتور عادل عامر
نشر في الزمان المصري يوم 30 - 10 - 2018

البينة الشخصية أو شهادة الشهود وسيلة من وسائل الإثبات القانونية والمقصود منها أن يثبت المرء حقه أو يثبت ادعاءه في مجلس القضاء بأشخاص يسميهم للقاضي للإدلاء بالشهادة في النزاع المنظور أمام المحكمة.
ودائما يلجأ الناس لإشهاد بعضهم البعض في معاملاتهم وذلك لحفظ الحقوق ولكن هنالك من يخطئ في اختيار الشاهد أو الشهود مما يتسبب له في المستقبل إذا حدث خلاف في ضياع حقه والسبب يعود لجهل الكثير من الناس في معرفة شروط الشهادة ومدى انطباقها على الشاهد أو شهود الذين أشهدهم على حقه عند الآخرين.
حينما ينكر خصمك حقك فإنه بتلقائية سوف يبحث عن مخرج قانوني لإبطال دعواك وحينما تقدم أنت شهودك سوف ينظر الخصم إلى مدى انطباق صحة شروط الشهادة على شاهدك أو شهودك وإذا وجد خصمك أن شاهدك لا تنطبق عليه الشروط دفع وطعن بشهادة الشهود وأن دعواك باطلة وليس لك حق ثم قد يذهب حقك أمام عينيك.
ولذا نبين بعض الأخطاء الشائعة في إشهاد الشهود بما رأينا أن هنالك من يشهد ابنه أو يشهد أباه أو أشخاصا لهم منفعة عنده وهذا يقدح في صحة شهادتهم، وهنالك من يشهد شخصا من أرباب السوابق بمعنى أنه ظاهر فسقه للناس وهذا لا تقبل شهادته، وحينما تريد أن تثبت حقك في معاملاتك والعقود التي تجريها مع أشخاص بينك وبينهم مصلحة مالية ونحوها أنظر في الشخص العدل الذي عرف بحسن سيرته بين الناس وأن يكون معروفا باليقظة وعدم كثرة النسيان وأن لا يكون من أصولك أو فروعك أو شخص له منفعة عندك وأن تشهده على شيء معلوم وواضح، حيث إن الشهادة مظهرة للحق فمتى صحت شروطها وتطابقت مع دعواك أخذ بها القاضي. الشهادة ما يقوله الشاهد لإثبات أو نفي واقعة معينة، وكثيراً ما تكون الشهادة الفيصل في الحكم، والمرجح لجهة على أخرى، فكم من شهود كانوا سببا لتعليق مجرمين على المشانق، وكم من شهود أخرجوا أبرياء من وراء القضبان.
ولقبول الشهادة ضوابط، كأن لا يكون ثمة مصلحة أو مفسدة للشاهد فيما يشهده، وفي حال إشهادات الأحوال الشخصية يجب مراعاة أنه لا تقبل شهادة الأصل للفرع -الأب لابنه أو ابن ابنه-أو الفرع للأصل -الابن لأبيه أو جده-ولا شهادة الأزواج لبعضهم.
أما حقوق الشاهد، فهي أنه لا يجوز الإضرار بالشاهد سواء الحسي أو المعنوي، ويجب توفير أماكن جلوس مناسبة للشهود بعيدة عن المتهمين، وتأمين الحماية لهم عند حضورهم لتأدية الشهادة.
وفي حال تعذر حضور الشاهد جاز للمحكمة ندب قاض لسماع أقوال الشاهد خارج حرم المحكمة بعد تحديد مكان وتاريخ ذلك، ويجب تلاوة محضر الشهادة على الشاهد والسماح له بقراءته والتوقيع عليه بعد أخذ اليمين منه.
أما الواجبات المستحقة على الشاهد فهي ذكر الحقائق التي يعلمها، وهو يتحمل جميع عواقب شهادته الدنيوية والأخروية، وكل من يدلي بشهادة مخالفة لما يعلم يعتبر مرتكباً لجناية يطلق عليها اسم جناية شهادة الزور، وعقوبتها الحبس بحسب تقدير القاضي.
وتوجه الأسئلة إلى الشاهد من المحكمة، ويجيب الشاهد أولا على أسئلة الخصم الذي استشهد، وإذا انتهى الخصم من استجواب الشاهد فلا يجوز له إبداء أسئلة جديدة إلا بإذن المحكمة، وإذا لم يحضر الخصم شاهده أو لم يكلفه بالحضور في الجلسة المحددة قررت المحكمة إلزامه بإحضاره أو تكليفه بالحضور لجلسة أخرى، فإذا لم يفعل سقط الحق في الاستشهاد به، ولا يخل هذا بأي جزاء يرتبه القانون على هذا التأخير. وفي حال كلف الشاهد بالحضور تكليفا صحيحا ولم يحضر قضت المحكمة عليه بالعقوبة المالية ولا يكون قابلا للطعن.
وفي حال الاستعجال والضرورة يحق للمحكمة إصدار أمر بإحضار الشاهد، أما في حال عدم الاستعجال فيأمر الشاهد بالحضور ويتحمل مصروفات ذلك التكليف، ويجوز للمحكمة إقالة الشاهد من الغرامة في حال حضر وأبدى عذرا مقبولا عن عدم حضوره، وللمحكمة الحق في توجيه أية أسئلة للشاهد تراها مفيدة في كشف الحقيقية. إذا رفض الشاهد الحضور إجابة لدعوى الخصم أو المحكمة يتم حسب الأحوال تكليفه بالحضور لأداء الشهادة قبل التاريخ المعين لسماعه بأربع وعشرين ساعة على الأقل، ويجوز في أحوال الاستعجال بناء على أمر المحكمة تكليف الشاهد الحضور بالطرق الإلكترونية بواسطة القسم المختص.
ويجوز لمن يخشى فوات فرصة الاستشهاد بشهادة الشهود أن يطلب من المحكمة سماع الشهادة من خلال طلب مستعجل يقدم لقاضي الأمور المستعجلة للاستفادة من هذا الإثبات لاحقا في دعوى موضوعية.
عندما فكرت ان اكتب في موضوع الشهادة ودورها في الاثبات كان غرضي واهتمامي هو ان احاول تهميش دور الشهادة في الاثبات ولكن بعد الدراسة والبحث ثبت لي بأن للشهادة دورا فعالا وايجابيا في اثبات الحقوق وان المجتمع مهما تطور لا يستطيع ان يهمل العمل بالشهادة كطريق من طرق الاثبات وان الابقاء عليها مهم لصيانة الحقوق وتعزيز الثقة في التعاملات المدنية.
فكما ان قانون الاثبات بشكل عام يقوم بتنظيم المسائل القانونية في المجتمع وان اي نظام قانوني لا يكون فيه قانون للأثبات يعتبر نظاما مبتورا فنظرية الاثبات من اهم النظريات القانونية في جميع التشريعات الحديثة في العالم واكثرها تطبيقا في الحياة العملية فمن هذه الاهمية تأخذ الشهادة اهميتها باعتبارها أحد طرق الاثبات. ان التطور الكبير الحاصل في عالم التكنولوجيا والاتصالات والنواحي التقنية الاخرى اضعفت دور الشهادة في الاثبات ولكن لم تعدمها حيث انها سوف تبقى طريقا مهما من طرق الاثبات لان الانسان بنفسه سوف يبقى اهم وأعظم من اي جهاز او الة او تطهر حيث انه هو المبدع لهذه الادوات العلمية ولا يمكن للإنسان ان يخلق شيئا يكون سببا في الغاء دوره في الحياة.
بعد الدراسة كما اسلفت تأكدت لي اهمية الشهادة ودورها في الاثبات لذا أصبح الموضوع أكثر تشويقا لي وأكثر اهمية بعد هذه المقدمة اريد ان اوضح بأنني في هذا البحث القصير حول موضوع متشعب وطويل قمت بتقسم الموضوع الى مبحثين.
المبحث الاول يتناول مفهوم الشهادة ونطاقها ويقسم هذا المبحث الى اربعة مطالب، المطلب الاول تعريف الشهادة كدليل من ادلة الاثبات. المطلب الثاني يتناول الاحوال التي تجوز فيها الشهادة اصلا، والمطلب الثالث يتناول الاحوال التي تجوز فيها الشهادة استثناءا،
واخيرا المطلب الرابع اختص على الاحوال التي لا تجوز فيها الشهادة اما المبحث الثاني تخصص بأجراء الشهادة وحجيتها في الاثبات القضائي ويقسم هذا الى ثلاثة مطالب، المطلب الاول هو اجراءا استحضار الشهود والمطلب الثاني تناول اجراءات الادلال بالشهادة والمطلب الثالث يتناول حجية الشهادة في الاثبات. والمبحث الخامس الشهادة في القانون المصري.
المبحث الاول
مفهوم الشهادة ونطاقها
للأثبات بشهادة الشهود قوة محدودة في نطاق التصرفات القانونية فالأصل في الاثبات يكون للدليل الكتابي. اما بالنسبة للوقائع المادية فان لشهادة الشهود قوة مطلقة في الاثبات ويفهم من نصوص المادتين (77. 79) من قانون الاثبات ان المشرع وضع قاعدة عامة هي عدم جواز الاثبات بالشهادة إذا كان التصرف القانوني تزيد قيمته على قيمة دينار او كان غير محدد القيمة وكذلك لا يجوز اثبات ما يخالف او يجاوز ما اشتمل عليه دليل كتابي ثم اورد استثناء على هذه القاعدة اجاز فيه الاثبات للشهادة حتى بالنسبة للتصرفات القانونية التي تزيد قيمتها على خمسين دينار وذلك إذا وجد مبدأ ثبوت الكتابة او في حالة فقد السند الكتابي لسبب لا دخل لإرادة صاحبه فيه او في حالة وجود مانع من الحصول على دليل كتابي(1). اجاز قانون الاثبات بشهادة الشهود كأصل هام ضمن نطاق محدد واجازها على سبيل الاستثناء في حالات اخرى ومنع الشهادة لاعتبارات تتعلق باحترام علاقات معينة او للثقة ببعض الاشخاص الناتجة عن ممارسة مهنة تقوم على اعتبارات الثقة (2). ويقسم هذا المبحث الى اربعة مطالب التالية: –
المطلب الاول: تعرف الشهادة كدليل من ادلة الاثبات.
المطلب الثاني: -الاحوال التي يجوز فيها الشهادة اصلا.
المطلب الثالث: -الاحوال التي يجوز فيها الشهادة استثناءا.
المطلب الرابع: -الاحوال التي لا يجوز فيها الشهادة اصلا.
تقضي القاعدة في الاثبات ان الاثبات بالشهادة يقتصر على الوقائع المادية والتصرفات القانونية التي تزيد قيمتها على خمسة الاف دينار فهي حجيه محدودة ومن ثم لا يجوز فيها الاثبات بالشهادة في جميع الاحوال لان المشرع قدر احتمال الكذب فيها فحد من خطرها بتفضيل الكتابة عليها.
أما فيما يتعلق بدور المحكمة في تقدير الاثبات بالشهادة:
للمحكمة سلطه تقديرية واسعه في تقدير شهادة الشهود واعتبارها كافيه للأثبات او غير كافيه. لمحكمة الموضوع تقدير الشهادة من ناحيتين الموضوعية والشخصية ولها ان ترجح شهادة على اخرى وفقاً لما تستخلصه من ظروف الدعوى على ان يتبين اسباب ذلك في محضر الجلسة(1). ولا تتقيد المحكمة بعدد الشهود فليس المهم كثرتهم او قلتهم فلها ان تأخذ بشهادة شخص واحد مع يمين المدعي إذا اقتنعت بصحتها كما ان لها ان ترد شهادة شاهد او أكثر أذا لم تقتنع بصحة الشهادة(2). وبذلك ليس هناك نصاب معين لعدد الشهود وان الاطمئنان الى اقوال شاهد وعدم الاطمئنان الى اقوال اخر مرجعه الى وجدان القاضي وقناعته.
فالقاضي ينظر اولاً على الاثبات بشهادة في لأحوال التي يجيزها القانون هل ان الوقائع المراد اثباتها بالشهادة متعلقة بالحق المدعي به ومنتجه في اثباته وهو في ذلك يتمتع بسلطه تقديريه اوسع مماله في الاثبات بالكتابة(3).
فاذا ما قدر بعد كل ذلك ان يسمع الشهادة كان له أخيراً سلطان اوسع في تقدير ما إذا كانت الشهادة التي سمعها مقنعه في الاثبات وقد ينظر القاضي الى اخلاق الشاهد ومدى قوة تذكره واستيعابه وارتباكه وسنه واحترافه للشهادة والقاضي الجيد يكون له ما يميز بين صدق الشاهد وبين احتمال كذبه وتلفيقه او تلقينه الشهادة ويحلل ما ظهر منه اثناء الدعوى من ميل او انحياز الى طرف دون آخر ومن طرحه او اضطراب وسهولة او صعوبة في التعبير عن فكرة والى غير ذلك من العوامل.
فالاطمئنان الى صدق الشاهد مرده الى وجدان القاضي وهو غير ملزم بأبداء اسباب تبريره ولا معقب عليه في ذلك وإذا تعارضت اقوال شهود الطرفين المتخاصمين في الواقعة الواحدة فله ان يرجح بعض الاقوال على البعض الاخر مسترشداً على ما يساعده على هذا الترجيح من ظروف سن الشاهد او مركزه الادبي او العلمي او غير ذلك.
(1) المادة 82 من قانون الاثبات العراقي.
(2) المادة 84 من قانون الاثبات العراقي.
(3) د عصمت عبد المجيد بكر، المصدر السابق، ص214.
شرط ان يبين اسباب الترجيح في محضر تلك الجلسة وليس لزاماً على المحكمة ان تطلب من الخصم احضار شهود الخصم الاخر بل للخصم نفسه هذا الحق وبموافقة المحكمة. ولا يجوز للمحكمة رفض سماع شهود النفي بحجة انها تكتفي بما استنبطته من اقوال شهود الاثبات لان ذلك يكون من جانبها حكماً متيسراً بصدق شهود الاثبات ويكذب شهود النفي من قبل ان تسمع هؤلاء الاخرين ومن غير موازنه بين اقوال الفريقين فيكون على المحكمة سماع شهود النفي كما سمعت شهود الاثبات(1).
إذا احضر أحد الخصمين شهوداً لا ثبات دعواه جاز ان يحضر شهود لرد هذه الدعوى(2) كما انه إذا لم توافق الشهادة الدعوى او لم تتوافق اقوال الشهود بعضها مع بعض جاز للمحكمة ان تأخذ من الشهادة القدر التي تقتنع بصحته(3) فاذا اختلف الشهود في المشهود عليه في جنسه او سببه او نوعه او غير ذلك فلا تقبل شهاداتهم وكذلك الحال إذا لم تؤيد شهادات الشهود وقوع الاضرار التي يطالب الملك بالتعويض عنها في فترة تملكه للعقار.
اما إذا توافقت الشهادتان ووافقت الدعوى فيكتفي بها وان خالفتها الشهادات الاخرى وللقاضي تجزئت الشهادة ولأخذ ببعضها وطرح البعض الآخر وهذا الجواز يكون بعدد ان يستوعب القاضي شهادة الشهود بأكملها وعول عليها في بناء حكمه دون ان يستوعب الجزء الاخر منها متصلاً بجوهر الدعوى فان تقدير لما عول علية من الشهادة يكون غير سليم ويشوب حكمة البطلان ولمحكمة التميز ترجيح شهادة أحد الخصمين خلافاً لترجيح محكمة الموضوع إذا توفرت الادلة والقرائن المعززة لذلك(4).
(1) د. عصمت عبد المجيد بكر، المصدر السابق، ص215،
(2) المادة 80 من قانون الاثبات العراقي.
(3) المادة 85 من قانون الاثبات العراقي.
(4) د. عصمت عبد المجيد بكر، المصدر السابق، ص216.
ونضيف في هذا المجال ان القاضي ليس حر في ترجيح شهادة بعض الشهود على البعض الاخر والأخذ بشهادة الشاهد الواحد بالقدر الذي يراه صحيحاً فحسب بل له الحق باطراح اقوال جميع الشهود لعدم الاطمئنان الى اقواله ولا يعد ذلك منه تحللاً من نتيجة قراره باستماع الشهود وانما هو تقدير لشهادة الشهود يقوم به القاضي في حدود سلطته ومن دون رقابة عليه من محكمة التميز اذ ليس لهذه المحكمة ان تتدخل في تقدير قاضي الموضوع للدليل(1).
ولكن في تقديرنا انه ليس للقاضي ترك اقوال الشهود وعدم الاخذ بها مالم يستند الى اسباب تبرر تركه كما ان لمحكمة التميز التدخل إذا ما صرح القاضي بأسباب عدم اطمئنانه وكانت هذه الاسباب مبنية على ما يخالف الثابت في الاقوال او تحريف الاقوال او الخروج عن مدلولها وتمتد سلطة تقيم الشهادة في قانون الاثبات الى الناحية الموضوعية والشخصية اذ تنص المادة (82) من قانون الاثبات (لمحكمة الموضوع تقدير الشهادة من الناحيتين الموضوعية والشخصية لها على ان يبين اسباب ذلك في محضر الجلسة الاولى(2).
(المبحث الثالث: -الشهادة في القانون المصري)
النصوص القانونية:
تنص المادة (110) من قانون الإجراءات الجنائي على سماع الشهود كأحد إجراءات التحقيق الابتدائي بقولها: ” سمع قاضى التحقيق شهادة الشهود الذين يطلب الخصوم سماعهم ما لم ير عدم الفائدة من سماعهم، وله أن يسمع شهادة من يرى لزوم سماعة من الشهود عن الوقائع التي تثبت أو تؤدى إلى ثبوت الجريمة وظروفها وإسنادها إلى المتهم أو براءته منها “.
حيث أن الإثبات عن طريق الشهادة يشكل جانبا أساسيا في البحث الإجرائي إذ تدور حوله إجراءات التحقيق الابتدائي والنهائي، وأن إقرارات الشاهد تعتبر من أهم الأدلة التي يستعن بها القاضي في الخصومة الجنائية، إذ ينصب على وقائع مادية أو معنوية يصعب إثباتها بالكتابة، والشهادة عماد الإثبات لأنها تقع في أكثر الأوقات على وقائع مادية لا تثبت في مستندات
ماهية الشهادة:
الشهادة هي : إثبات حقيقة واقعة معينة علم بها الشاهد من خلال ما شاهدة أو سمعة أو إدراكه بحواسه الأخرى عن تلك الواقعة بطريقة مباشرة ، والشهادة على هذا النحو تعد وسيلة إثبات أساسية في المسائل الجنائية ، لأنها تنصب في الغالب على وقائع مادية تقع فجأة ،يتعذر إثباتها إلا عن طريق الشهادة ومع ذلك فقد تضعف قيمة الشهادة كوسيلة إثبات ، إذا ما خضعت لبعض العوامل الشخصية التي تؤثر فيها وقد تتوافر أسباب أخرى تؤثر في نزاهة الشاهد ( كتعرضه للخوف أو مصلحة أو ميل أو صداقة لأحد الخصوم ) فالشاهدة تعتمد على ضمير الشاهد ، فهي تعد وسيلة إثبات وقتية أو عابرة لذلك يتعين ألا يمضى وقت بين حصول الواقعة وأداء الشهادة خشية ضياعها أو وفاة الشهود .
اختيار الشهود:
نصت المادة ( 110 ) من قانون الإجراءات الجنائية على أن يسمع شهادة من يرى لزوم سماعة من الشهود عن الوقائع التي تثبت الجريمة وظروفها وإسنادها إلى المتهم أو براءته منه ، ومن المتفق عليه فقها أن للمحقق سلطة تقديرية واسعة ، في اختيار الشهود الذين يرى سماعهم سواء طلب الخصوم ذلك أو لم يطلبوا ، حيث أن طلب الخصوم ليس شرطا لسماع الشهود ، فللمحقق سلطة كاملة في سماع من يرى سماعهم بل له أن يسمع شهادة أي شاهد يحضر من تلقاء نفسه ( المادة 111/2 إجراءات ) ، ويجوز له أن يرفض سماع من يطلب إليه سماعة من الشهود إذا لم يرى فائدة من سماعهم . ورغم السلطة التقديرية الواسعة التي خولها القانون للمحقق في اختيار الشهود، إلا أنه لا يجوز له سماع المتهم شاهدا ضد نفسه، لما يترتب علية حرمانه من الحق في الدفاع، ولهذا لا يجوز للمحقق تأخير استجواب المتهم حتى يسمعه كشاهد في بعض الوقائع ضد نفسه.
وأنه يجوز أن يكون المجنى علية شاهدا فهو ليس خصما للمتهم ، كما يجوز أن يكون المدعى المدني شاهدا وذلك لان خصومته تقتصر على الدعوى المدنية ، ولذلك نصت ( المادة 288 إجراءات ) على أن يسمع المدعى بالحقوق المدنية كشاهد ويحلف اليمين ، وقد جرى قضاء محكمة النقض على ذلك ، وأنه من السلطة التقديرية للمحقق في سماع الشهود أن يسمع المحقق الشهود الذى يرى أن سماعهم يفيد التحقيق سواء كانوا شهود نفى أم أثبات ، أما الذين لا جدوى من سماعهم فأن سماع المحقق يعطل التحقيق ، لذلك وضع المشرع سلطة تقديره جدوى سماع الشهود لصالح التحقيق .
إعلان الشهود وتكليفهم بالحضور:
نصت المادة (110 ) من قانون الإجراءات الجنائية على أن : ” تقوم النيابة العامة بإعلان الشهود الذين يقرر قاضى التحقيق سماعهم ويكون تكليفهم بالحضور بواسطة المحضرين ، أو بواسطة رجال السلطة العامة ولقاضي التحقيق أن يسمع شهادة أي شاهد حتى ولو حضر من تلقاء نفسة وفى هذه الحالة أن يثبت ذلك في المحضر ” ، ويفاد من ذلك أن إعلان الشهود وفقا لقواعد العامة يتم حضورهم بناءا على تكليفهم بالحضور يعلن إليهم بواسطة احد المحضرين أو احد رجال الضبط ، أو يكون التكليف من النيابة العامة ، بالنسبة لشهود الإثبات أما شهود النفي فيكون إعلانهم بناءا على طلب المتهم أو المسئول عن الحقوق المدنية ، وذلك طبقا للمادة 277 إجراءات جنائية ). ((بأن يكلف الشهود بالحضور بناءا على طلب الخصوم)).
وقد يكون التكليف قبل الحضور 24 ساعة مع مراعاة مواعيد المسافة، غير انه الاستغناء عن هذا الميعاد في حالة (التلبس بالجريمة)، إذ يجوز تكليفهم بالحضور في أي وقت بدون إعلان، ويجوز حضور الشهود في الجلسة، بناءا على طلب الخصوم وبغير إعلان سابق.
– التزامات الشهود وجزاء الإخلال بها.
(1) -الالتزام بالحضور أمام المحقق.
– يجب على كل من للحضور أمام المحقق لتأدية الشهادة أن يحضر بناءا على الطلب المحرر له، والا جاز لقاضى التحقيق ، أو القاضي الجزيء ، أو النيابة العامة إذا كانت هي التي تتولى التحقيق .(مادة 208) الحكم علية بعد سماع أقوال النيابة العامة بدفع غرامة لا تتجاوز 50 جنيها ، ويجوز له أن يصدر أمر بتكليفه ثانية بمصاريف من طرفة ، أو أن يصدر أمرا بضبطه وإحضاره .(مادة 117 إجراءات جنائية ) فإذا حضر الشاهد بناءا على تكليفه بالحضور ثانية أو من تلقاء نفسة وأبدى اعتذارا مقبولا جاز إعفاؤه من الغرامة بعد سماع أقوال النيابة العامة ، ويجوز إعفاؤه بناءا على طلب يقدم منه . – وإذا كان الشاهد مريضا ولدية ما يمنعه من الحضور تسمع شهادته في محل وجودة، وإذا تبين عدم صحة العذر جاز أن يحكم علية بغرامة لا تجاوز مائتي جنية، وللمحكوم علية أن يطعن في الحكم. الصادر علية بطريق المعارضة أو الاستئناف طبقا للمادة. (120، 121 إجراءات).
(2) -الالتزام بحلف اليمين.
– يجب على الشهود الذين بلغ سنهم أربعة عشرة، أن يحلفوا يمينا قبل أداء الشهادة، لأنهم يشهدون الحق، ويجوز سماع الشهود الذين لم يبلغوا 14 سنة دون حلف اليمين وذلك على سبيل الاستدلال طبقا للمادة 116، 283 إجراءات). ولا يجوز تحليف الشاهد يمن الطلاق.
(3) -الالتزام بأداء الشهادة.
إذا حضر الشاهد أمام المحقق وجب علية أداء الشهادة، بعد حلف اليمين وفى إذا ما حضر الشاهد أمام المحقق، وامتنع عن أداء الشهادة أو عن حلف اليمين، يحكم علية قاضى التحقيق أو القاضي الجزئي أو النيابة العامة، بعد سماع أقوال الشهود بغرامة لا تزيد عن مائتي جنية، ويجوز إعفائه من كل أو بعض العقوبة إذا عدل عن امتناعه قبل انتهاء التحقيق (المادة 119).
– وذلك ما مراعاة نصوص المواد (286 ،287 إجراءات).
(4) -الالتزام بذكر الحقيقة.
حتى تقوم الشهادة بدورها كوسيلة إثبات تتيح التقدير السليم للوقائع، فأن الشاهد يلتزم بذكر الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة، وذلك وفقا لليمن الذي أداه، والا عرض نفسه لعقوبة الشهادة الزور. ويلاحظ انه يجوز الطعن في الأحكام الصادرة على الشهود من قاضى التحقيق للامتناع عن الحضور أو للامتناع عن أداء الشهادة، أو حلف اليمين أو عدم الالتزام بذكر الحقيقة، ويراعى في القواعد المقررة في المادة 120 إجراءات). وللمحكوم علية أن يطعن في الحكم الصادر علية بسبب صحة عدم عذر المرض الذي منعة من الحضور)1(وذلك بطريق المعارضة أو الاستئناف وذلك وفقا لنص المادة 121/2 إجراءات
أهلية الشاهد
لابد من التعرف على الأهلية اللازمة لسماع الشهود ، أنها تجب على الشهود الذين يبلغوا من العمر 14 سنة ، لأنهم في هذا السن يصبح مكلفا أي مميزا و مدركا للأمور ، وأوجب المشرع على الشاهد الذى بلغ 14 سنة أن يحلف يمينا قبل أداء الشهادة على أن يشهد الحق ولا يقول إلا الحق ،مادة 283 إجراءات ، وقد جرى العمل على أن يحلف الشاهد اليمين بقوله (( والله العظيم اشهد بالحق ))…، وهذه العبارة وان كانت لا تتطابق النص القانوني ، إلا أنها تؤدى إلى ذات النتيجة المقصودة ، ومن ثم فلا محل للبطلان الشهادة على هذا السبب ، والحكمة من حلف الشاهد اليمين هي تنبيه إلى أن ما سيدلى به من أقوال قد تؤدى إلى أدانه برئ ، أو إفلات مجرم من العقاب ، وهو أمر مناف للدين و الأخلاق ، وإذا اغفل المحقق عن تحليف الشاهد ، فيترتب علية بطلان الشهادة و استبعادها كدليل.
– الا انه يجوز سماع الشهود الذين لم يبلغوا 14 سنة على سبيل الاستدلال بدون حلف اليمين(م 283) وفى حالة ما إذا كان الشاهد دون السابعة لا يجوز سماعة أصلا لأنه غير مميز فهو ( كالمجنون ) قانونا ،وان سمعت أقوالة رغم ذلك فلا اعتداد بها حتى ولو على سبيل الاستدلال ، وعند فراغ الشاهد من شهادته يضع كل من المحقق والكاتب إمضاؤه على محضر الشهادة)1( ، وكذلك الشاهد بعد تلاوة علية وإقراره ، بأنه مصر عليها وأن امتنع الشاهد عن الإمضاء يثبت ذلك في المحضر مع ذكر الأسباب التي يبدها ، وفى جميع الأحوال يضع المحقق والكاتب إمضاؤه أعلى كل صفحة أولا بأول).
— أحوال الامتناع عن الشهادة والإعفاء منها ……..
– يجوز الامتناع عن الشهادة في الحالات الآتية:
أستحدث قانون الإجراءات الجنائية قاعدة في المادة 286 من)2(قانون الإجراءات الجنائية من أنه يجوز للشاهد الامتناع عن الشهادة طبقا نص المادة 286 وذلك كالاتي:
1-أن يكون الشاهد تر بطة بالمتهم صلة الأصول أو الفروع أو القرابة أو المصاهرة إلى الدرجة الثانية أو الزوجية.
2-أن تكون الشهادة ضد المتهم.
3-ألا تكون الجريمة قد وقعت على الشاهد أو أحد أقاربه.
4-أن تكون هناك أدالة أثبات أخرى.
– وإذا تخلف أحد من هذه الشروط، فلا يجوز للشاهد الامتناع عن الشهادة، وإذا امتنع تطبق علية
القواعد الخاصة بالامتناع عن الشهادة.
— عدم صلاحية الشاهد للشهادة ….
بالرغم من توافر شروط الأهلية العامة لأداء الشهادة، إلا أن الفرد لا يملكها في دعاوى معينة، وهو ما يطاق علية (بأسباب عدم الصلاحية)، وتنعدم صلاحية الفرد لأداء الشهادة لصفته الشخصية أو وظيفته، فلا يجوز أن يجمع الفرد بين وظيفتي القاضي والشاهد في دعوى واحدة، ولايجوز سماع شهادة عضو النيابة في الدعوى التي قام فيها بأعمال متعلقة بوظيفته، وكما لا تقبل الشهادة ممن له صفة الخصم.
— سلطة المحكمة في الاستغناء عن الشهود ….
– يجوز للمحكمة الاستغناء عن الشهود في الأحوال الآتية:
1-إذا اعترف المتهم بالواقعة المنسوبة إليه عند سؤاله عنها.
2-إذا تنازل المتهم أو المدافع عنه عن الشهادة سواء كان تنازل صريح أو ضمنيا.
3-إذا تعذر سماع الشاهد لأي سبب من الأسباب أو استحال ذلك.
4-إذا كانت المحاكمة تجرى في غيبة المتهم في جناية أمام محكمة الجنايات فلها أن تحكم في الدعوى دون سماع الشهود.
5-إذا لم يحض المتهم بعد تكليفه بالحضور ولم يرسل وكيلا عنه في الأحوال التي يجوز فيها ذلك، وللمحكمة أن تحكم في غيبته بعد الاطلاع على الأوراق دون سماع الشهود.
— كيفية سماع الشهود ….
– نظم القانون سلطة قاضى التحقيق في سماع الشهود، وهي تسري على النيابة العامة عندما تتولى التحقيق (المادة 112 إجراءات).
– والقاعدة لا تختلف أمام المحكمة فينادى على الشهود بأسمائهم وبعد الإجابة منهم يحجزون في الغرفة المخصصة لهم، ولا يخرجون منها بالتوالي لتأدية الشهادة أمام المحكمة، ومن تسمع شهادته منهم يبقى في قاعدة الجلسة لحين انتهاء من المرافعة أو قفل باب المرافعة، ومالم تسمح له المحكمة بالخروج، وعند الضرورة يجوز أن يبعد شاهد أثناء سماع شاهد آخر. – والشهادة أساسا إقرارات يدلى بها الشاهد شفويا أمام القاضي أو المحقق، أما الإقرارات المكتوبة من أحد الخصوم لشخص آخر فلا تعد شهادة بل تعد مستند قد يوجه نشاط القاضي في الإثبات ويطاب المحقق من الشهود أن يبين كل شاهد منهم
– اسمه ولقبة وصناعته وسكنه وعلاقته بالمتهم …، وتدون هذه البيانات بغير شطب ولا يعتمد على أي تصحيح، إلا إذا صدق عليه المحقق والكاتب والشاهد (م 113 إجراءات). – ويضع المحقق والكاتب إمضاؤه عللا الشهادة، وكذلك الشاهد بعد تلاوة علية إقراره وبأنه مصر عليها. وإذا امتنع عن الإمضاء يثبت ذلك في محضر التحقيق مع ذكر الأسباب التي يبدها، وفى جميع الأحوال يضع كلا من المحقق والكاتب إمضاؤه أول بأول (المادة 114 اجراءات).
– وعند الانتهاء من سماع أقوال الشهود يجوز للخصوم إبداء ملاحظاتهم عليها. ولهم أن يطلبوا من المحقق سماع أقوال الشاهد عن نقط أخرى يبينوها، وللمحقق دائما أن يرفض أي سؤال ليس له تعلق بالدعوى أو يكون في صيغته مساس بالغير (المادة 115 اجراءات).
– ويلاحظ أن للمتهم حق الحضور أثناء إدلاء الشهود بأقوالهم مالم يقرر المحقق غير ذلك للاستعجال أو الضرورة. – وللمحقق إدراك معاني إشارات الأبكم والأصم بغير الاستعانة بخبير ما دام في الاستطاعة تبين معنى تلك الإشارات. – والأصل أن يسمع المحقق الشهود في مقر التحقيق (مكتبة)، غير أنه إذا كان الشاهد مريضا أولديه ما يمنعه من الحضور تسمع شهادته في محل وجوده (المادة 121 إجراءات).
— سلطة المحكمة في تقدير الشهادة ……
للمحكمة مطلق الحرية في وزن أقوال الشهود ، وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم ولم يضع القانون نصبا للشهادة يتقيد به القاضي في المواد الجنائية بل ترك له تقدير الشهادة بحسب اطمئنانه إليها وبغض النظر عن الشهود الذين سمعتهم، ويسمع المحقق الشهود الذى يرى سماعهم يفيد التحقيق سواء كانوا شهود نفى أو إثبات ، أما الذين لا جدوى من سماع أقوالهم ، فان سماع المحقق لهؤلاء يضع من وقت التحقيق ، لذلك وضع المشرع سلطة تقديره للمحقق جدوى سماع الشاهد لصالح التحقيق وللمحكمة سلطة تقديرية واسعة وهذا هو المتفق علية فقها وقضاءا في اختيار الشهود الذين يرى سماعهم ، بناءا على طلب الخصوم أو لم يطلبوا .
— مصاريف وتعويضات الشهود ….
– إذا كان حضور الشهود لمقر التحقيق للإدلاء بالشهادة قد يكلفهم بعض من المال أو الوقت أوجبت العدالة، أن يوف لهم مقابل ما تحملوه من مصاريف وأن يعوضوا عن الأضرار التي أصابتهم، ولذا فقد منح المشرع النيابة الحق في تقدير المصاريف والتعويضات التي يستحقها الشاهد بسبب حضوره لأداء الشهادة متى طلب ذلك منه (المادة 112، 208 إجراءات).
— أهمية سماع الشهود ….
– تمثل الشهادة الدليل العادي أو المألوف الذي يطمئن إليه في الغالب قضاء التحقيق، والحكم إذا كانت الشهادة جادة ومتصلة بالوقائع اتصالا مباشرا، ولم يكن هناك مطعن على شخص الشاهد ومع ذلك فان اتخاذ هذا الإجراء، ليس متاحا في كل الظروف، فقد لا يكون هناك شهود على هل يقضي القاضي بشهادة السمع
يقول إدوارد بونيه في كتابه الأدلة: أن الشهادة بالسماع من الدرجة الثانية حيث لا يقصد بها إثبات الواقعة المدعى بها، وإنما إثبات الشهادة الأولى أو الدليل نفسه، لأنه لا يتيسر دائماً أن تكون الشهادة مستفادة مباشرة بالمعاينة بل قد تكون مستفادة عن طريق التسامع، ومن الواضح أن الدليل يضعف كلما أبتعد عن منبعه.
ويقول الفيلسوف الفرنسي مونتيني: إن الأقدمين عندما أرادوا تدوين تاريخهم أدركوا لكثرة الانتقادات الموجهة إليه أين تكون نقطة الضعف في الإقناع، فراحوا يقوونها بمستندات مزورة، إن خطأ الفرد يجر أولاً إلى الخطأ العام والخطأ العام يجر إلى الخطأ الفردي وعلى هذا النحو يسير الخطأ وينمو متنقلاً من إنسان إلى آخر إلى أن يكون الشاهد الأبعد أكثر علماً من الشاهد الأقرب، ويكون أخر من يعلم أكثر اقتناعا من أول من يعلم، ومن هنا كانت الحكمة التي قالها لوازيل: أن عيناً واحدة أحق بالتصديق من أذنين.
وعلى هذا لا يقتضي للقاضي أن يأخذ بالأدلة من الدرجة الثانية إذا توافرت الأدلة من الدرجة الأولى ويقول بلا نبول وربيير: أن شهادة الشهود على وقائع لا يعلمونها إلا من طريق السماع وهي وإن لم تكن شهادة إثبات طبيعية إلا أنها شهادة على كل حال وهي بدلاً من تثبت الواقعة التي سيترتب عليها كسب الدعوى فهي تثبت واقعة أخرى لا ترتبط بالواقعة الأولى إلا برباط واه وهو رأي الجمهور في الواقعة المتنازع عليها وبهذا يتحول الإثبات من طبيعته الأصلية إلى طبيعة أخرى،
فمن المعلوم أنه لكي تكون الشهادة محل تصديق يجب أن تكون متعلقة بموضوع النزاع ومنصبة عليه في حين أن الشهادة بالشهرة العامة في الأحوال التي يجيز فيها القانون ذلك ليست متعلقة بموضوع النزاع ولا منصبه عليه ومع ذلك يجب الأخذ بها … إنها شهادة رأي وإذا كان للرأي قوة الشهادة فيما أجازه القانون فهذا مناف لطبيعة الإثبات.
وعلى كل فهناك أحوال يجوز فيها في القانون الفرنسي الإثبات بالشهرة العامة مثل الزوجة التي تريد أن تفض شركة الملك بينها وبين زوجها ، وأولاد الزوج لهم أن يثبتون بالشهرة العامة عين التركة المشتركة وقيمتها إذا لم يكن الزوج قد حصرها وبين قيمتها في قائمة جرد وقت حياته ، وللزوجة وأو لورثتها أن يثبتوا بالشهرة العامة الأثاث الذي آل إليها وقت قيام الزوجية ولم يحرر به قائمة جرد ، وللقاضي إذا لم تتهيأ له الأدلة التي تثبت قيمة شيء أن يلجأ إلى الشهادة بالشهرة العامة ، ولصاحب المنقولات التي وضعها عند شخص آخر ينتفع بها دون أن يحرر بها محضر استلام .
وقال جارسونيه: إنه من الضروري لكي تصبح لشهادة الشهود قيمة في الإثبات أن يشهد الشهود بما علموه شخصياً ذلك أن الإثبات بالشهرة العامة الذي يسأل فيه الشهود عما سمعوه من الغير إنما هو إثبات ناقص لا يجوز قبوله إلا بصفة استثنائية كحالة عدم وجود دليل آخر. ويقول بيكار: وهو من علماء القانون الجنائي الإيطاليين أن الدليل يقوي الدليل إذا كان كل منهما مستقلاً عن الآخر.
أما القانون الإنجليزي: فلا يجيز مبدئياً شهادة التسامع، ولكنهم قالوا إن تطبيق هذا المبدأ بصورة مطلقة يضر بالناس ولذلك فقد أجازت إنجلترا وأمريكا فيما بعد هذا المبدأ ولكن وفق ضوابط منها إذا كان الغرض من الشهادة مصلحة عامة أو إثبات وفاة متوفين أو بخصوص وضع يد قديم.
وفي تشريعنا لا يوجد ما يقرر الأخذ بهذه الشهادة أو يمنع من الأخذ أي أن للقاضي مطلق الحرية في الأخذ بهذه الشهادة سواء كانت من الدرجة الأولى أو الثانية، ولا يوجد عليه قيود
الأصل في الشهادة هو تقرير الشخص لما قد يكون رآه أو سمعه بنفسه أو أدركه على وجه العموم بحواسه، فهي تقتضي بداهة فيمن يؤديها القدرة على التمييز لأن مناط التكليف بأدائها هو القدرة على تحملها، ولذا فقد أجازت المادة 82 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية والتي أحالت إليها المادة 287 من قانون الإجراءات الجنائية رد الشاهد إذا كان غير قادر على التمييز لهرم أو لحداثة أو مرض أو أي سبب آخر مما مقتضاه أن يتعين على محكمة الموضوع إن هي رأت الأخذ بشهادة شاهد قامت منازعة جدية على قدرته على التمييز أن تحقق هذه المنازعة بلوغاً إلى غاية الأمر فيها للاستيثاق من قدرة هذا الشاهد على تحمل الشهادة أو ترد بما يفندها.
ولما كان القانون لا يتطلب في عاهة العقل أن يفقد المصاب الإدراك والتمييز معاً وإنما تتوافر بقدر أحدهما. وإذا ما كان الطاعن قد طعن على شهادة المجني عليها بأنها مصابة بما يفقدها القدرة على التمييز وقدم تقريراً طبياً استشارياً يظاهر هذا الدفاع، وقعدت المحكمة عن تقدير قدرتها على التمييز أو بحث خصائص إرادتها وإدراكها العام استيثاقاً من تكامل أهليتها لأداء الشهادة، وعولت في نفس الوقت على شهادتها في قضائها بإدانة الطاعن بالرغم من قيام منازعته الجدية حول قدرتها على الإدلاء بشهادتها بتعقل ودون أن تعرض لهذه المنازعة في حكمها المطعون فيه، فإنه يكون معيباً بالقصور في التسبيب فضلاً عن الإخلال بحق الدفاع.
(نقض 2/4/1979 مجموعة القواعد القانونية س30 ص466)
(ونقض 27/11/1985 مجموعة القواعد القانونية س2 ص152)
* المجني عليه في الدعوى لا يعتبر خصماً للمتهم، بل خصم المتهم في الدعوى الجنائية هو النيابة العمومية. وإذن فللمحكمة أن تسمع المجني عليه في الدعوى كشاهد على المتهم.
(نقض 12/3/1951 مجموعة القواعد القانونية س2 ص857)
* إن الأخذ بأقوال شاهد ولو كان قريباً للمجني عليه أمر موكول إلى اطمئنان محكمة الموضوع لصحة ما شهد به.
(نقض 31/5/1955 مجموعة القواعد القانونية س6 ص1056)
* إن القانون لم يقيد القاضي بنوع معين من الشهود ولم يجز رد الشاهد مهما أحاط به من الأسباب التي تدفعه إلى تقرير غير الحقيقة. فإذا سمعت المحكمة شاهداً على متهم في جناية وكان هذا الشاهد متهماً في الوقت عينه بضرب المتهم في الجناية، فلا تثريب في ذلك، إذ أن تقدير قيمة الشهادة متروك دائماً للمحكمة تراعي فيه الظروف التي أبديت فيها الشهادة.
(نقض 1/3/1937 مجموعة القواعد القانونية ج4 ق55 ص53)
* كل إنسان يجوز للمحكمة قبول شهادته والاعتماد عليها متى وثقت المحكمة بصحتها ولو كان لهذا الإنسان سوابق في الكذب والتلفيق، فإذا طلب الدفاع عن المتهم ضم قضية لبيان الحالة الأدبية لأحد شهود الإثبات للطعن فيه وتجريحه ورفضت المحكمة هذا الطلب من غير إبداء أسباب فلا يعتبر هذا منها إخلالاً بحق الدفاع.
(نقض 9/11/1931 مجموعة القواعد القانونية ج2 ق283 ص351)
* لا مانع من سماع أقارب المدعي بالحقوق المدني كشهود.
(نقض 17/4/1930 مجموعة القواعد القانوني ج2 ق30 ص25)
* إن المادة 198 مرافعات لا تعتبر الخصومة سبباً من أسباب رد الشاهد وتجريحه.
(نقض 14م11/1929 مجموعة القواعد القانونية ج1 ق328 ص378)
* مجرد كون الشاهد من المخبرين لا يجعله من الأشخاص الذين يجوز تجريحهم أو رد شهادتهم تطبيقاً للمادة 198 مرافعات، أو عدم سماعهم إلا على سبيل الاستدلال، فاستدعاء المحكمة مخبراً لسماع شهادته أمر جائز، وتحليفه اليمين القانونية لا يعتبر خطأ في الإجراءات مادامت سنه تزيد على الأربع عشرة سنة تطبيقاً لمادة 201 مرافعات.
(نقض 28/3/1929 مجموعة القواعد القانونية ج1 ق208 ص253)
(1) د. آدم وهيب النداوي، مصدر سابق، ص160.
(2) د. ادم وهيب النداوي مصدر سابق، ص
الخاتمة:
بعد هذه المرحلة القصيرة في موضوع الشهادة ودورها في الأثبات القضائي أود أن أبين النتائج التي توصلت اليها في مسيرة البحث ولدي بعض المقترحات حول هذا الموضوع وكما يأتي:
أولاً: النتائج: –
1-يلاحظ بأن الشهادة سوف تبقى من عناصر الأثبات المهمة لأن طبيعة التعامل اليومي بين الناس تفرض عليهم أوضاعاً لا يستطيعون تجاوزها فحركة البيع والشراء والأخذ والقبض ولاستلام والتسليم للأشياء والمواد كلها امور جارية في المجتمع لا يستطيعون الأفراد في كل حركة أو عمل أن يطلب من المقابل دليلاً كتابياً بالأخذ أو القبض أو الاستلام لأن المهمة سوف تكون شاقة على المجتمع ويؤدي الى تقيد حرية الحركة والعمل والتبادل التجاري. 2-الثقة والسرعة في التعامل اليومي مطلوب من الجميع وعلى ضوء ذلك يكون للتعامل اليومي حرية أكثر وروحية تعامل أكثر حضارية وانسانية.
ثانياً-المقترحات: –
1-ولكن بما ان النفوس في يومنا هذا قد ضعفت بضعف الوازع الأخلاقي والديني وفقدان كثير من الأفراد للقيم والأخلاق الحميدة في المجتمع يتطلب من الجميع الحذر في التعامل مع الآخرين والحذر من أقوال وشهادة الآخرين.
2-لايمكن التساوي بين جميع الناس في قيمة شهاداتهم ووزنها ولو أن ذلك ترك للمحكمة تقدرها ولكن أن يكون هناك ضوابط معلومة ومحددة للأخذ بأقوال بعض الشهود أو ردهم وأن يكون هناك نظاماً للاستماع الى الشهادات كما كان في العهد الاسلامي حيث كان للمحاكم الاسلامية وقضاتها مزكيين وكانت تأخذ بنظام تزكية الشهود وكان هناك مزكين سريين للقاضي ومزكيين علنيين له وكان القاضي يستمع الى شهادة الشهود وعلى ضوء تزكية المزكين.
المصادر
أولاً: القرآن الكريم
ثانياً: الكتب القانونية: –
1-د.آدم وهيب النداوي، الموجز في قانون الأثبات، ط2 بغداد 2007
2-احمد أبراهيم، طرق القضاء.
3-د.أنورسلطان، قواعد الأثبات في المواد المدنية والتجارية، ط198
4-السنهوري، الوسيط، ج22009، ط3 منشورات الحلبي الحقوقية بيروت، لبنان،
5-الكمال ابن همام، فتح القدير، ج6، دار الفكر.
6-د. توفيق حسن فرج، قواعد الأثبات في المواد المدنية والتجارية. منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت لبنان 2003
7-عباس العبودي، الأثبات بالدليل الكتابي في الشريعة الاسلامية.
8-عباس العبودي، شرح احكام قانون الأثبات العراقي ط1، دار الثقافة عمان 2005.
9-عبدالأميرالعكيلي و د. سليم ابراهيم حربه، شرح قانون أصول المحاكمات الجزائية، ج.
10-د.عصمت عبد المجيد بكر، شرح قانون الأثبات، ط2 المكتبة القانونية بغداد,2007.
11-د.علي احمد، قواعد الأثبات بغير الكتابة في المواد المدنية والتجارية.
ثالثاً: القوانين: –
1-قانون المرافعات المدنية العراقي رقم83 لسنة 1969.
2-قانون العقوبات العراقي رقم 111لسنة1969.
3-قانون الأثبات العراقي رقم 107لسنة1979.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.