بقلم عمرو بن بحر في اسلوبها سحر وبهاء , وفي كلماتها عذوبة حلم جميل , وعندما تقرأ كلماتها يستغرقك احساس بأن الكلمات هي موجهة لك انت , فانت المخاطب لا غيرك , وانت المعني بالحديث لا سواك..فهي تخاطب الجميع فيظن كل واحد بانه المخصوص دون غيره , ويظن كل واحد ان القصة قصته هو , وان الوجد وجده ,والحزن حزنه , والفرح فرحه , وان القصيدة لم تكتبها ميمي قدري الا للتعبير عن شعوره هو بالذات.. ولان ميمي قدري لا تتكلف الكلمة ولا تفتعل العاطفة ,فان اشعارها جاءت صادقة خالية من الغلو والزيف. ومثلما ظلت في ذهني كلمات مي زيادة التي قراتها وانا طالب في الثانوية ,حيث قالت يا هذا الجمال في لبنان ياهذا الربيع , رغم بساطة تلك الكلمات , فقد ظلت كلمات ميمي تترد في وجداني , حين خاطبت امها بقولها : اماه ابثك وجدي..اماه من غيرك يحمل اوجاعي..ومن غيرك يحصد اناتي..اماه يكاد الحنين يطوي سحر ايامي..فعودي..تعالي.. فمع ان ميمي لم تسمي نصها ذاك قصيدة او شعرا , الا انه لا يقل جمالا عن الشعر , ولم تنتقص التسمية من هذا اللحن الجميل شيئا , لان الاسماء والالفاظ لا تغني عن المعنى شيئا , كما ان الشكل لا يغني عن المضمون. ففي نصها ذاك الذي اسمته( اماه ابثك وجدي )سوف نقع على معان رائعة جدا , ما كان بميسور ميمي ان تتكلفها او تفتعلها , ولم يكن بمقدورها ان تأتي بمثلها لولا ان اكتوت بنار الفراق , ولولا ان لوعها حزن الغياب الابدي , الذي سيحرمها الى اخر الدهر من الصدر الحنون الذي كانت دوما تبثه همومها .. الا وهو صدر امها.. ولذلك سوف نلتمس لميمي العذر ان هي استغرقت في حنينها , بل سوف نجد معنى مبتكرا ورائعا في قولها ذاك وهو ان يقتل الحنين او الاستغراق في هذا الحنين سحر الايام وحلاوتها..فيصبح الانسان رهين ذكرياته وحبيس ماضيه, فينشغل عن واقعه والعالم الذي حوله.. ان ميمي قدري في حديثها عن امها لم تصل لهذا المعنى الا بعد ان راحت تفاضل بين عالمين وصورتين ونموذجين , احداهما في حياة امها والاخر بعد مماتها ..اما في حياتها(فقد جفت شواطىء الاحزان , وتاب الزمن عن هفواته) واما في مماتها , فقد انست ميمي الوحدة , وصار موعد العيد ,هو ذكرى حزينه تجتمع فيه الحسرات, ويتعاظم الشعور فيه بالفقد, فتوقد شموع الحرمان بدلا من الشموع السعيدة.. وفي تلك اللحظات , تتوجه ميمي قدري الى الدهر بالعتاب , وحين يصمت الدهر , وتتيقن من صمته وانه لا يبالي , فانها تبكي وتنتحب..