انتشرت فى الفترة الأخيرة ظاهرة أجهزة الهاتف المحمول مع طلبة المدارس، داخل الحرم المدرسى، الأمر الذى يفسره خبراء علم الاجتماع بنمو اتجاه «التقليد الاجتماعى»، وتحول المحمول لأداة للغش وتداول المصنفات الإباحية بما يخل بالعملية التعليمية ويساهم فى إضعاف المنظومة التربوية، فى الوقت الذى اعتبره القائمون على العلمية التعليمية فى المدارس «حقيقة» واقعة يجب التعامل معها ومحاولة الحد من مخاطرها، فى ظل «عشوائية» قرارات وزارة التربية والتعليم وغياب الرقابة الأسرية. قال أحمد عادل، أحد أولياء الأمور، إن سبب شرائه تليفوناً محمولاً لابنه الذى يدرس بالصف الثالث الابتدائى، هو رغبته فى الاطمئنان عليه أثناء اليوم الدراسى، مشيراً إلى أن المحمول وسيلة سريعة وعملية تمكن الآباء من الوصول إلى أبنائهم بسرعة لإبلاغهم رسالة معينة، كأنه ذاهب إلى بيت جدته أو أنه سيتأخر فى الحضور للمدرسة لاصطحابه. وقال محمد طلبة، طالب فى الصف الثانى الإعدادى، إن الكثير من الطلاب يصطحبون هواتفهم المحمولة للمدرسة من قبيل «المنظرة» على بقية أصدقائهم، وذلك ب«ماركة» الهاتف أو حداثته، ولا ضرورة من استخدامه إلا فى حالات الطوارئ عندما يستدعى الأمر ذلك، خاصة مع وجود هاتف فى مكتب مدير المدرسة من الممكن أن يستخدمه الطالب للاتصال بولى أمره. وأضافت أن السبب وراء هذه الظاهرة أن الهواتف المحمولة انتشرت فى كل مكان، ولا يوجد فرد فى المجتمع بأسره لا يملك هاتفاً خاصاً به، وأصبح شيئاً عادياً خاصة مع تفاوت أسعاره التى مكنت جميع الشرائح من شرائه. وقال صلاح فايد، مدير مدرسة وادى الملوك الخاصة، إن وجود الهواتف المحمولة مع طلاب المدارس أمر واقع و«حقيقة» يجب التعامل معها، خاصة مع غياب الرقابة الأسرية، واصفاً قرارات وزارة التربية والتعليم فى هذا الشأن ب«العشوائية»، ولا توفر احتياجات العاملين فى المدارس، فى ظل غياب التخطيط وعدم تطبيق القانون. من جانبه أرجع محمد بدوى، أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب، ظاهرة انتشار الهواتف المحمولة بين التلاميذ إلى فكرة «التقليد الاجتماعى»، التى تجعل الطفل يرغب فى محاكاة كل ما تقع عليه عينيه فى المجتمع، كما أن انخفاض سعر الجهاز والشريحة جعله متداولاً بين الطبقة المتوسطة والفقيرة. وقال «بدوى» إن انعدام الرقابة سواء داخل الأسرة أو المدرسة يزيد من خطورة هذه الظاهرة صحياً ومجتمعياً، موضحاً أن الهواتف تحولت من مجرد وسيلة اتصال إلى أداة تستخدم فى الغش وتداول الصور الإباحية والأغانى الخارجة، كما يستغلها بعض التلاميذ الذين لديهم خلل ما فى السلوك فى تصوير زملائهم فى أوضاع مخلة، ضارباً المثل بالحادث الأخير الذى تعرض فيه أحد التلاميذ للتحرش والتصوير من قبل زملائه داخل المدرسة. أضاف أن استخدامه أثناء اليوم الدراسى يضر بالمنظومة التعليمية، ويشتت ذهن الطالب، ويبعده عن التركيز فى كلام المدرس، قائلاً: «يكفى أن تفتح البلوتوث الخاص بك فى الفصل، لتجد 20 طالباً يستخدمون البلوتوث أثناء الحصص فى تداول الصور والأغانى». من جانبه قال محمد على، مدير إدارة غرب التعليمية، إن هناك تعليمات من وزارة التربية والتعليم بمنع اصطحاب تلاميذ وطلبة المدارس للمحمول معهم أثناء اليوم الدراسى، فى مختلف المراحل التعليمية سواء الابتدائية أو الإعدادية، أو الثانوية، حيث يتم استغلالها بشكل سيئ فى نشر فيديوهات وأفلام وصور إباحية، ووجودها يكون مجالاً لنشر الفساد فى المدارس، ويؤدى إلى اضطراب فى الفصل، خاصة إذا «رن» أثناء الحصة. وأكد أن تواجد الموبايلات مع الطلبة له تأثير سلبى على العملية التعليمية، خاصة أن الكثير من الطلاب يستخدمونها كوسيلة غش فى الامتحانات، وهناك تعليمات إلى مدراء المدارس بمنعها خلال اليوم الدراسى، وذلك بالتنبيه على الطلبة أثناء الإذاعة المدرسية، بعدم اصطحاب المحمول، ولكن إذا ثبت أن الطالب معه موبايل يتم أخذه منه وإخبار ولى أمره على أن يأتى لتسلمه، حيث تتم معالجة المشكلة بأسلوب تربوى.