بقلم رشا زكي يزورنا هذه الأيام ضيف كريم ، يطل علينا مرة كل عام وننتظره جميعا بشوق وفرحة . أيامه قليلة معدودة كما وصفها الله عز وجل فى كتابه العزيز :( يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كُتِبَ عَلَى الذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . أَيَّاماً مَعْدُودَات .....) البقرة ( 182- 183) شهرالخيروالبروالإحسان بكل ما تحمله كلمة " الخير " من معان للصائم . فدعونا نستقبل هذا الزائر الكريم إستقبالا يليق بمقامه ، فهو يأتى محملا بالعطايا للصائمين ، تلك العطايا المتمثلة فى الثواب العظيم من المغفرة والرحمة ، ألا يجب أن نعمل جاهدين لنيل تلك العطايا ، أم نتكاسل ونخسرها ونخسر أنفسنا ؟! في هذا الشهر يمن الله على عباده بأسر ألدّ أعدائه له، وهو الشيطان، فيصبح العبد مقبلاً على طاعة ربه من غير صادٍّ يمنعه عن الخير غير النفس الأمّارة بالسوء، فإن زكّى هذه النفس فقد أفلح ونجح، ومن اتبع شهواته فقد خاب وخسر. فعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ " . رواه البخاري ومسلم. شهر يمد الله عز وجل يده للصائمين بالرحمة والعفو والمغفرة ، ألا نسعى نحن أيضا بالتقرب إليه ؟! شهر فيه ليلة خير من ألف شهر ، هى ليلة القدرالتى خصها الخالق فى كتابه العزيز بسورة تحمل إسمها لمنزلتها العظيمة ، فهى ليلة نزول القرآن الكريم . كما قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ". متفق عليه. و أفضل ما يقال فيها من الدعاء ما قاله الرسول الكريم للسيدة عائشة ، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: " أرأيتَ إن وفقت ليلة القدر، ما أقول فيها ؟ قال : قولي :" اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى ". وتلك الليلة المباركة نلتمسها فى الوتر من العشرالأواخرمن الشهر الفضيل، أى أنها إما الليلة االحادية والعشرون أو الثالثة والعشرون أو الخامسة والعشرون أوالسابعة والعشرون أوالتاسعة والعشرون ، ومن الخطأ أن نعتقد أنها فى ليلة السابع والعشرين ، فذلك غير مؤكد ! يا إخوانى وأخواتى الكرام ...فلحاول أن نغتنم فرصة زيارته لنا ، ولا نجعله يمضى وينصرف دون أن ننال من عطاياه . فلنجتهد جميعا فى الطاعات للتقرب إلى الله ، ولا نقل أننا مقصرين طوال العام فى حق الله فكيف نلتزم فى هذا الشهر ! فكلنا مقصرون ونحن جميعا مثقلون بالذنوب ، ولكن علينا أن ننتهز فرصة حلول هذا الشهر الفضيل لنفتح صفحة جديدة من علاقتنا مع الله . ولنحاول جميعا أن نلتزم فى أداة الصلاة فى وقتها ، فيجب أن تتذكرأن الصلاة عماد الدين ، من أقامها فقد أقام الدين . و فى ذلك قال معاذ بن جبل : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبرك برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه ؟ قلت : بلى يا رسول الله ! قال : رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد ". قال الترمذي : حديث حسن صحيح . ولنجتهد أيضا فى قراءة وختم القرآن الكريم ، فلا يجب أن ننسى أنه يشفع لقارئه يوم القيامة ، فلنكسبه شفيعا لنا بعد شفاعة النبى الكريم . شهر تتآلف فيه قلوب المسلمين ، ففيه يطهرالأغنياء أموالهم بالصدقة للفقراء ، ولنتذكر أنه لا ينقص مال من صدقة . وفيه فرضت زكاة الفطر و حكمتها أنها تطهر الصائم من اللَّغو والرَّفث اللذين قلَّما يسلم صائم منهما، و الزكاة طُعمة للفقراء والمساكين حتى يكون المسلمون جميعاً يوم العيد في فرح وسعادة. ولا ننسى أن دعاء الصائم مستجاب من رب العالمين ، ففى هذا الشأن روى عن أبي هريرة أنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ". وأخيرا يجب ألا ننغمس فى أداء العبادات ونتجاهل أن الدين يتكون من شقين يكمل أحدهما الآخر ، وهما العبادات والمعاملات ، فعلينا أن تنتهز فرصة الشهر الفضيل ، وإذا كان أحدنا على خلاف مع آخر وكانت هناك قطيعة بينهما ، فلننه تلك القطيعة وهذا الخصام فورا ولنقبل على إخواننا وأخواتنا بنفس طيبة ولنجعل الود والتراحم من خصالنا الدائمة فى تعاملاتنا مع الآخرين .....ورمضان كريم . [email protected]