إخطار المقبولين بكلية الشرطة للعام الدراسي الجديد هاتفيًا وبرسائل نصية    وزير الري يتابع موقف مشروعات الخطة الاستثمارية للعام المالى الحالى 2025 / 2026    انطلاق فعاليات التدريب البحرى المشترك المصرى الفرنسى "كليوباترا - 2025"    منهم يمامة وسري الدين والهضيبي، مرشحون قيد الدراسة على رئاسة الوفد    تقلبات منتظرة.. مفاجأة عن أسعار الخضار الفترة القادمة    9 مطالب في لقاء رئيس مركز باريس في الوادي الجديد بالأهالي    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 14 ديسمبر 2025    بروتوكول تعاون بين الاتصالات والنيابة العامة لتنفيذ 10 مشروعات تطوير رقمى    تعرف على سعر الدولار أمام الجنيه في بداية تعاملات اليوم 14 ديسمبر    وزير الخارجية ونظيره البلجيكي يؤكدان عمق العلاقات «المصرية - البلجيكية»    لا مساومة فى الحق الفلسطينى    جوتيريش: استهداف قوات حفظ السلام بجنوب كردفان جريمة حرب    قائد الجيش الأوكراني: نتصدى لأكبر هجمات روسية منذ بدء الحرب على طول خط الجبهة    هل لعب صلاح مباراته الأخيرة مع ليفربول؟.. كوناتى يكشف مستقبل الفرعون.. فيديو    موعد مباراة مانشستر سيتي وكريستال بالاس في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    بعد خسارته في إنتركونتيننتال، موعد مباراة بيراميدز القادمة    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام ألافيس في الدوري الإسباني    كثافة مرورية أعلى دائري السلام بسبب انقلاب تريلا    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    اليوم.. محاكمة الشيخ سمير مصطفى بتهمة الانضمام لجماعة إرهابية    محافظة القاهرة تخصص مكانًا لإيواء الكلاب الضالة    معرض عن رحلة العائلة المقدسة بمتحف الطفل بالتعاون مع المركز الثقافي المجري    لماذا تسخرون من السقا؟!    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    هام من الصحة بشأن حقيقة وجود فيروس ماربورغ في مصر.. تفاصيل    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    إعلام إسرائيلى : إيطاليا أعربت عن استعدادها للمشاركة فى قوة الاستقرار بغزة    بدء الصمت الانتخابي فى 55 دائرة ضمن المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    بمشاركة اشرف عبد الباقي.. ختام مهرجان المنيا الدولي للمسرح في دورته الثالثة (صور)    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    دون خسائر بشرية.. اندلاع حريق في منزل بساحل سليم أسيوط    اليوم.. محاكمة المتهمين بقتل طفل شبرا الخيمة بقضية الدارك ويب    أسعار اللحوم الجملي والضاني اليوم الاحد 14-12-2025 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الاحد 14-12-2025 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 14-12-2025 في محافظة قنا    حادث جامعة براون وتحذير الأرصاد الأبرز.. جولة إخبارية لأهم الأحداث الساخنة (فيديو)    مصرع حداد سقطت عليه رأس سيارة نقل بالدقهلية    45 دقيقة متوسط تأخيرات قطارات «طنطا - دمياط».. 14 ديسمبر    لميس الحديدي: اتفرجت على "الست" مرتين.. الناس بتصفق بعد كل مشهد    ستار بوست| عبلة كامل تتحدث بعد غياب.. وقرار غير حياة عمرو يوسف    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    وزير الخارجية الأمريكي روبيو يحذر رواندا من إجراءات بسبب الكونغو    فيلم فلسطين 36 يفتتح الدورة 36 لأيام قرطاج السينمائية بحضور مخرجته وكامل الباشا    رئيس الإنجيلية يبدأ جولته الرعوية بمحافظة المنيا    نائب وزير الصحة: حياة كريمة كانت السبب الأكبر في إعلان مصر خالية من التراكوما المسبب للعمى    المستشار عبد الرحمن الشهاوي يخوض سباق انتخابات نادي قضاة مصر    الكتب المخفضة تستقطب زوار معرض جدة للكتاب 2025    آرسنال ينتزع فوزًا مثيرًا من وولفرهامبتون ويواصل الابتعاد في الصدارة    باريس سان جيرمان يفوز على ميتز في الدوري الفرنسي    طفل يلقي مصرعه خنقًاً.. ويُكشف عنه أثناء لعب أصدقائه بقرية اللوزي بالداقهلية    توروب عن إمام عاشور: عودته من الإصابة تمنح الأهلي قوة إضافية    الزراعة: التوعية وتغيير سلوكيات المجتمع مفتاح حل أزمة كلاب الشوارع    إينيجو مارتينيز ينتظم في مران النصر قبل موقعة الزوراء    يسري جبر يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عددٍ للقراءة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أحياءٌ ميّتونْ، وأمْواتٌ يُرزقونْ!
نشر في الواقع يوم 21 - 09 - 2012


بقلم د. فايز أبو شمالة
كان مصاباً عندما زرته في المستشفى، ورغم ذلك بادر بالترحيب قائلاً: هل رأيت أمواتاً يرزقون؟ إنهم أولادي، هم أحياء عند ربهم يرزقون! واصل المهندس "محمد شراب" حديثه: لقد صدّقت الإذاعة الإسرائيلية عن رفع حذر التجول لعدة ساعات أثناء الحرب على غزة، فركبت سيارتي الساعة الثانية عشر ظهراً، وتوجهت مع اثنين من أولادي "كساب 28عاماً، وإبراهيم 19عاماً" من منطقة "الفخاري" إلى بيتي في خان يونس، ولكن عندما صرت على مسافة كيلومتر واحد من المستشفى الأوروبي، فاجأنا جنود الجيش الإسرائيلي بالرصاص.
توقفت السيارة بعد أن اصطدمت بحائط، لقد أصيب الأب "محمد شراب" بيده، وأصيب ابنه "كساب" في ساقه، في حين سارع الابن غير المصاب "إبراهيم" بالنزول من السيارة للمساعدة، فكانت رصاصات الجيش الإسرائيلي أسرع، فارتقى شهيداً أمام عيني أبيه وأخيه!
تحامل الوالد "محمد شراب" على جرحه، ونزل من السيارة إلى قارعة الطريق، وهكذا فعل ابنه الجريح "كساب"، وراحا يتأملان جثمان "إبراهيم" الممدد أمامها، يبكيانه لحظة، ويتوجعان من جراحهما لحظة، وينظران إلى جنود الجيش الإسرائيلي الذين تصببوا لا مبالاة.
قال لي "محمد شراب": تحدثت مع الجيش الإسرائيلي باللغة الإنجليزية، وطلبت منهم المساعدة، ولكن دون جدوى، واتصلت هاتفياً من مكاني بكل من أعرف من الناس، طلباً للمساعدة، وجاءتني عدة اتصالات من بعض الإذاعات، وتحدثت من مكاني مع عدة فضائيات، وكانت حالتنا الصحية تبث على الهواء مباشرة، وكان المكان الذي يحاصرنا فيه الجيش الإسرائيلي معروفاً للجميع، ولكن لم تستطع أن تصل إلينا أي سيارة إسعاف!.
يضيف محمد شراب": حل المساء، وأنا وابني الجريح "كساب" تحت السماء والطارق، يصبر أحدنا الآخر، ونتبادل أطراف الحديث في برد كانون من العام 2009، كانت الحرارة 6 درجات مئوية، وكان ابني "كساب" يرتجف، ومع ذلك كان يحدثني، ويشد من أزري حتى الساعة الثانية عشرة ليلاً، حين خيم الصمت على المكان لفترة، فسألت ابني "كساب" عن أحواله، ولكنه لم يرد، سألته ثانية، ولم يرد، فمددت يدي إليه، لأجده قد فارق الحياة!.
ظل المهندس "محمد شراب" ينظر إلى جرحه النازف مرة، وينظر إلى جثتي ولديه الممدتين على الأرض مرة أخرى، حتى الساعة الثانية عشرة من ظهر اليوم التالي، عندما سمح الجيش الإسرائيلي لمنظمة الصليب الأحمر الدولي بنقله مع الجثتين إلى المستشفى.
لم تنته الدراما الفلسطينية، فقبل أيام أعلن المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان: أنه نجح في التوصل إلى تسوية مع النيابة العسكرية الإسرائيلية لدفع مبلغ 430 ألف شيكل، أي ما يعادل "مئة ألف دولار أمريكي" تعويضاً لعائلة شراب، مقابل إغلاق ملف القضية.
وهنا جاء رد المهندس "محمد شراب" والد الشهيدين مدوياً، لقد قال بصوته الفلسطيني ألأبي المقاوم: "أي مالٍ هذا الذي سيعوضني إياه اليهود عن فقد أولادي؟ وهل سيضيف لي المال بضع لقيمات! إنا الفلسطيني وليّ الدم، وأنا لا أقبل إلا بالقصاص، يجب أن يقتل من قتلني، وإذا لم يكن بمقدوري الآن أن أقتله، فإنني أفوض أمري إلى الله، عسى أن يريني فيمن قتل أولادي شيئاً يخفف النار التي تشتعل في داخلي، ولن يغلق ملف القضية!.
رجع "محمد شراب" إلى بيته حزيناً، جلس على مائدة الطعام وحيداً، غمس لقمة الخبز بزيت الزيتون، ثم وضع نصفها في فمه، ولكن نصف اللقمة الآخر ظل يشهد بعد وفاته: أن الدم والعرض والأرض لا تعوض بكل أموال الدنيا!.
لقد فارق المهندس "محمد شراب" الحياة ولسان حاله يقول:
بلغوا وزير الحكم المحلي في حكومة رام الله، بلغوا زياد البندك، وقولوا له: إن مآسي الفلسطينيين أحوج إلى دموعك التي ذرفتها قبل أيام على مقابر اليهود في "أوشفتز".
وبلغوا سفير سلطة رام الله في ألمانيا، صلاح حيدر عبد الشافي، وقولوا له: إن الفلسطينيين أحوج إلى أنفاسهم التي اغتصبها اليهود، أكثر من حاجتهم إلى البكاء على ضحايا الكارثة اليهودية، التي تطالب بتدريسها في المدارس العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.