جامعة الزقازيق تفتح باب الترشح لمنصب عميد ل 7 كليات كبرى    اليوم آخر فرصة للتقديم..1787 وظيفة في محطة الضبعة النووية براتب 11 ألف جنيه    «مستقبل وطن» يدعو المصريين بالخارج للمشاركة بكثافة في انتخابات مجلس الشيوخ    وزير التعليم يشيد بمقترح رئيس التنظيم والإدارة بإعداد قوائم انتظار للناجحين بالمسابقات    انخفاض الزيت.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق اليوم (موقع رسمي)    بروتوكول تعاون بين مصر ولبنان في الأبقار الحية واللحوم المذبوحة    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل تعاملات اليوم    وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس المراكز والمعاهد والهيئات البحثية    «الخدمات البيطرية»: بروتوكول تعاون لاستيراد الأبقار الحية من لبنان وإعادة تصدير اللحوم    سرايا القدس تقصف مغتصبة "بئيري" في غلاف غزة بعدد من الصواريخ ردًا على جرائم العدو    كالاس تحث إسرائيل على تنفيذ اتفاق المساعدات الإنسانية في غزة    الهلال السعودي يستقر على إعارة مهاجمه هذا الصيف    "بتتلعب عشان الزمالك بس خلي بالك".. شوبير يفجر مفاجأة حول رحيل لاعب الأهلي    السيد حمدي: عقدي كان أعلى من أبوتريكة.. والرواتب بتعمل أزمة في أوضة اللبس    "مرحلة الحسم".. الزمالك يدخل معسكرا مغلقا في العاصمة الإدارية    ضبط 18 طن دقيق مدعم في حملات على المخابز خلال 24 ساعة    «ميتا» تزيل 10 ملايين حساب من فيسبوك بسبب المحتوى الزائف    «الداخلية»: ضبط سائق هارب صدم سيدة وأودى بحياتها في حادث بالقاهرة    ساخرون، مناخوليا.. حكومة آخر زمن، لا يرضى عنها الشعب ولا تلبي طموحات الرئيس    لا تهمل الآلام وعزز مصادر دخلك.. توقعات برج الحمل في النصف الثاني من يوليو 2025    ورش حكي وتصميم لوحات.. «قصور الثقافة» تنظيم أنشطة فنية في جنوب سيناء خلال يوليو    أستاذ بالأزهر: أعظم صدقة عند الله هو ما تنفقه على أهلك.. والزكاة للأقارب جائزة    أمين الفتوى: المصريون توارثوا حكمة "اطلع شيء لله وقت الشدة".. والصدقة قد تكون بالمشاعر لا المال    محافظ القليوبية يدشن مبادرة "100 يوم صحة" لتوفير رعاية شاملة للمواطنين    السيطرة على حريق محدود بمبنى إداري دون إصابات بشرية بمستشفى قنا العام    تداول 11 ألف طن بضائع و778 شاحنة بموانئ البحر الأحمر    أمير كرارة وأبطال فيلم الشاطر يحتفلون بالعرض الخاص فى 6 أكتوبر.. اليوم    مصرع وإصابة 5 أفراد من أسرة واحدة في حادث مروع    تراجع في 3 بنوك.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الثلاثاء    الدفاع الروسية: إسقاط 55 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    حالة الطقس اليوم.. حرارة شديدة تصل ل41 درجة    "تكريم وتمكين".. ملتقى بجامعة قناة السويس لربط الإبداع الأكاديمي بفرص التوظيف    رئيس جامعة جنوب الوادى يناقش مشروع الاعتماد المؤسسي للجامعة    تعرف على مدة الدراسة في نظام البكالوريا وفقا للقانون الجديد    إعلام إسرائيلي: الجيش غارق في وحل غزة وقيادته تخشى مواجهة المستوى السياسي    وزير الدفاع الألماني: يُجرَى الإعداد لتسليم نظامي باتريوت لأوكرانيا    الإصابات بالسعال الديكي في اليابان تتجاوز 43 ألف حالة خلال 2025    تنسيق الثانوية 2025 للناجحين في الشهادة الإعدادية.. رابط التقديم والحد الأدنى للمحافظات    رئيس «قناة السويس» يبحث مع السفير الإيفواري التعاون في تطوير الموانئ والتدريب    سد النهضة.. عباس شراقي: أثيوبيا تغامر بسلامة السد والسودان في خطر- تفاصيل    بلغت كولر..تعليق مثير للجدل من المعد النفسي السابق للأهلي على قرار الإدارة    أحمد وفيق: اشتاق للكوميديا .. وجلال الشرقاوي منحني أدوارًا غير متوقعة    الصحة الأمريكية: تفشي مرض الحصبة لا يعتبر حالة طوارئ وطنية في الوقت الحالي    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تقصف مبنى سكنيًا غرب مدينة غزة    شعبة الأدوية تطالب بزيادة أسعار 1000 صنف دوائي وتوضح الأسباب    مدحت العدل يتصدر مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريحه حول حجاب حفيدة أم كلثوم    بيراميدز يستفسر عن ثنائي الزمالك.. ويرفض التفريط في نجمه للأبيض (تفاصيل)    ممثل أمريكا لدى الناتو: ترامب يرى فرصة اقتصادية في تصنيع أسلحة لكييف بتمويل أوروبي    الحكم محمد الحنفي يعلن اعتزاله    صفقة جديدة لزعيم الفلاحين.. المحلة يتعاقد مع لاعب كاميروني    محامي المُعتدى عليه بواقعة شهاب سائق التوك توك: الطفل اعترف بالواقعة وهدفنا الردع وتقويم سلوكه    أكلت بغيظ وبكيت.. خالد سليم: تعرضت للتنمر من أصدقائي بعد زيادة وزني    أحمد وفيق: عملت في الإضاءة والديكور وتمصير النصوص المسرحية قبل احترافي الإخراج    «أحلى صفقة في حياتي».. أول تعليق من سيد مرعي بعد انتقال نجله إلى الأهلي    أمين الفتوى: صلاة المرأة في الأماكن العامة ليست باطلة (فيديو)    المنقلبون على أعقابهم!    «واشنطن» تُصعّد لهجة الانتقادات ضد «موسكو».. وتستعد لتزويد «كييف» بأسلحة هجومية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 15-7-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البُعد الثقافي في كفاح الأسرى الفلسطينيين!
نشر في الواقع يوم 16 - 05 - 2012


بقلم عاطف سعد
حَرِصَ الأسرى الفلسطينيون على تبويب مطلب تزويدهم بالكتب في مكانة متقدمة من بين مطالبهم التي أعلنوا أنهم يخوضون إضراب الأمعاء الخاوية من أجل تحقيقها. وسبق " توفير الكتب" مطالب تقع في صُلب حقوقهم كبشر مثل " تفكيك سياسة العزل " ووضع حد للإعتقال الإداري الظالم و تمكين الأقارب من قطاع غزة بزيارة أبنائهم الأسرى الذين لم يروهم منذ العام 2007.
إن أفظع ما يعانيه الإنسان في السجن هو الشعور بالوحدة في زنزانته. والإنعزال القسري يعذب الأسير! وأعظم سعادة يحس بها السجين المعزول تتحقق بكسر عزلته وإستئناف تواصله الإنساني.
"هل من نبأ سعيد يمكن أن يتلقاه السجين عدا إخلاء سبيله؟"، تساءل الكاتب والمناضل التركي اورهان كمال ، في كتابه ، "في السجن مع ناظم حكمت". يُجيب على السؤال، " نعم يوجد مثل هذا النبأ. كان أسعد خبر تلقيته في زنزانتي عندما بلغني أن ناظم حكمت، شاعر تركيا، سوف ينقل إلى السجن الذي أنا فيه، سجن بورصة."
لكن أحمد سعدات[1]، الذي يقضي حكما بالسجن الفعلي لمدة 30 عاما، لم يسعَد، بعد، بلقاء من يُحب في قسم العزل المشدد في سجن الرمله ، فلأنه رفض مساومة السجان على مطالب رفاقه وزملائه المضربين، ضاعفت إدارة القسم من العزلة، بأن وضعت شريطا بلاستيكيا على شباك باب زنزانته، فأصبح فوق الشبك غطاء آخر، كما أخبر محاميه .
إن عذابات الأسرى الفلسطينيين المحرومين من زيارة أقاربهم لمدة تزيد عن خمس سنوات، هي أكبر من معاناة تمضية الأحكام الصادرة بحقهم في سجون الإحتلال. وهي مشاعر تتلاقى مع من تعذّب على دروب الحرية مثل نائل البرغوثي ونيلسون مانديلا وناظم حكمت ورفاقهم الفلسطينيين والجنو-أفريقيين والأتراك وباقي الأمم المتطلعة للحرية.
توفر الكتاب للسجين يعني أيضا كسرا لطوق العزلة الفكري الذي يضربه السجان حول ضحيته ليحرمه حتى من تخيل الحرية، النقيض المباشر لقيود السجن. فقراءة الكتب في السجن لها نكهة خاصة جدا. إنها تساعد السجين على الإفلات، ولو لبعض الوقت من سطوة السجان؛ و إنها، أيضا، و مع مرور الوقت، تزود السجين بصور وأفكار وثقافة رحبة يتولد منها إحساس وشغف بأهمية الكفاح من أجل الحرية فيجعل من جدران السجن الصلدة، الباردة جدرانا وهمية فيقوى في مواجهة السجان. وهي أفكار " تكفي السجين عندما يتحاور مع نفسه في زنزانة العزل"، كما كتب الروائي المغربي محمد شكري في " الخبز الحافي"!
إسرائيل أرادت إضعاف روح الصمود والمواجهة لدى الأسرى، فحظرت إدخال الكتب إلى السجون أو مراكز الإعتقال، وسمحت بإدخال ثلاثة كتب فقط سنويا بشرط أن لا تكون أكاديمية أو سياسية.هذا الحظر تم إبان تولي نيتنياهو السلطة في إسرائيل. إن كسر "حظر الكتب" سيُعيد الطاقة الإبداعية للأسرى الفلسطينيين لِيعيدوا صياغة وضعهم الإعتقالي من جديد على قاعدة أن إسرائيل هي من يتحمل مسؤولية حبسهم وأكلهم وصحتهم وإقامتهم وليس المجتمع الفلسطيني أو السلطة الفلسطينية!
قبل نيتنياهو بسنوات عديدة، كثيرة، تشبث الأسرى الفلسطينيين بالكتاب، هذا الموقف جعل العديد من مندوبي هيئة الصليب الأحمر يندهشون من تسبيق مطلب الكتاب على مطلب الغذاء والدواء في أجندات الإضرابات الإحتجاجية التي خاضوها في سجون إسرائيل وسقط في العديد منها شهداء أطهار. لا أقول هذا من نزوع نرجسي، بل من تجربة شخصية عشتها ردحا من الزمن في السجون . ومن دليل مادي وملموس عثرت عليه السلطة الفلسطينية في سجن جنيد وسجن نابلس القديم يتكون من 8000 كتاب ومجلد عندما تسلمت مسؤولياتها بعد العام 1994.[2] وهذه الكتب محفوظة على نحو لائق في جناح خاص بإمكان رواد وزوار مكتبة بلدية نابلس مشاهدتها. ويمكن لزائر جناح أسرى الحرية في مكتبة بلدية نابلس، أن يشاهد بعينيه ويتحسس بيديه 800 كراس " تنظيمي"، كتبت بخط اليد و تخص حركة فتح والجبهة الشعبية. وقد يُثير المتفحصين لهذه الكراسات من أبنائنا وبناتتنا (آمل أن يحدث ذلك)، عناوين مواضيعها فيقرأوا عن "حرب الغوار"، ونظرية الجنرال الفيتنامي جياب في حرب التحرير" ، "الصمود أمام المحقق الإسرائيلي" " والبناء التنظيمي الخ . ونظرية برجيس دوبريه في الحرب الثورية، وتجارب ثورات كوبا والجزائر وفيتنام الخ. مثل هذه الكتابات التي تم تأليفها وصياغتها قبل أكثر من 20 عاما قامت بها نخبا من المثقفين الوطنيين والثوريين ممن كانوا ضمن أسرى الشعب الفلسطيني آنذاك.
أُلقي نظرة على رف من خشب مصفوفه عليه كتب فأقرأ عناوين وأسماء لكتاب وأدباء ومفكرين ثوريين وتنويريين ومذكرات قادة عظام في الغرب مثل الجنرال ديغول وونستون تشرشل. وما يثير البهجة والإنبهار ، الحرص الذي أبداه الأسرى بإدخال قواميس للتعرف على الثقافات الإنسانية الأخرى ولغات الشعوب. فتجد قواميس من الصينية للفرنسية. وقواميس من الإيطالية للإنجليزية. وقواميس من العبرية للعربية. وكتب تدريس اللغة العبرية. وتعليم اللغة الصينية ( بالفرنسية ) الصادر عن جامعة ليون الفرنسية إصدار عام 1967. وكتب وقواميس عن تعلم اللغات الفرنسية والإنجليزية والألماني. وهذا يبرهن على مستوى الإهتمام الرفيع الذي أظهره الأسرى الفلسطينييون، ومنذ وقت مبكر، حيال الثقافات الإنسانية العالمية. وما يؤكد أنهم إستعملوا الكتب وإنتفعوا بها ما كتبوه بخطوط أياديهم على صفحاتها أو أغلفتها من ملاحظات!
أما متى دَخَلَت الكتب وكيف ومن أدخَلها فهذه قصة أخرى سآتي على سردها لاحقا.
لكن دعونا نبتهج ونفرح للأسرى الأبطال بنصرهم المطلبي والثقافي الذي أكد من جديد المعادلة التي بدت للبعض مستحيلة، إنتصار قوة الإرادة على إرادة القوة ، فالكتب التي سلبها منهم نيتنياهو المقيت سَيُعاد إدخالها رغم أنفه! .
[1] أحمد سعادات هو الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ويعد من بين أبرز السجناء السياسيين الفلسطينيين.
[2] أتكلم عن سجنين فقط. هناك سجون أخرى وكتب أخرى خرجت لم أتيقن من حجمها بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.