بقلم محمود الأمشيطي تذكرنى المرحلة الحالية من المنطقة والدول المجاورة والمواقف السياسية التى اصبحت وجبة رئيسية فى حياة كل منا اليوم بالحكاية القديمة التي تقول: إن رجلاً في مدينة ببلد عربي عانى الكثير بسبب ديكٍ يملكه جاره، وصياحه المستمر قبيل الفجر. لم يعد أمام الرجل، الذي عانى وشقي بكل ذلك الصياح، غير أن يتنازل ويطرق بيت جيرانه: "أهلا وسهلا، شرفتمونا بهذه الزيارة. ولكن، ما سر زيارتكم الطارئة يا جاري العزيز. قال له الرجل: يا سيدي، مع كل الاحترام والمودة لمقامكم، ولكن هذا الديك الذي عندكم ينغص عيشي، ففي اللحظة التي أكون فيها غارقا في النوم، يهب هذا الديك ويبدأ بالصياح، ويبقى يعوي الى أن انهض من فراشي، واخرج من البيت. سأكون ممتنا لكم اذا وضعتم حلا له. أجابه صاحب الديك: يا سيدي، الجار قبل الدار. لخاطر عينك سأقوم بذبحه، والتخلص منه، وسأعمل منه عشاء بديعا، وأدعوك للتشرف وتناول الطعام معي, وهذا ما تم بالفعل. وكان لأيام زمان للجيران حقوق، والناس تحترم الناس. ليس ذلك فقط، وانما كانوا يصدقون كلامهم ووعودهم. وهو ما جرى. ذبح الجار ديكه العزيز، وطبخ منه أكلة دجاج محشو، ثم دعا جاره لتناول العشاء معه. فأكل واستمتع، وحمد الله، وشكر صاحب الدعوة وصاحب الديك. مرت أيام قليلة، وإذا بالرجل يعود طارقا باب جاره: ما خطبك يا سيدي؟! وما الذي تريده مني الآن؟! فقال: يا رجل، أنا ممتن لك على طيبتك، وذبحك للديك، ولكنني الآن استفيق ليلا على صوت عشرين ديكا تصيح سوية، وتمزق اذني وأعصابي. ما هذا ما كنت انتظره منك. قال له الجار، صاحب الديك: يا سيدي، انت اعترضت على ذلك الديك، فذبحته لك، ومن أجل عيونك. ولكن، انا عندي عشرون ديكا آخر، وكان ذلك الديك «باشا»، يسيطر على كل الديكة، وتخاف منه. وكان لا يسمح لأحد غيره أن يصيح. وبالأمس، انت طلبت مني التخلص منه، ففعلت. ولكن، الآن لم يعد أحد في الساحة يستطيع السيطرة على هؤلاء العشرين ديكا. انطلقت جميعا بالصياح، ولا حول ولا قوة الا بالله.