بقلم د.عصام سرحان الناس فى الشارع..يعبرون طريقا طويلا ؛ هو المسافة بين أحلامهم وواقعهم.. لهذا كان الشارع فى مصر حياة ؛لأن الفجوة بين واقعنا وأحلامنا هى بطول الحياة وعرضها. كيف أتخلص من لعنتها!!! المرأة الفقيرة التى كانت تنتظر الأتوبيس أمام القصر العينى وهى تحمل طفلا نائما..ورغم قبح الفقر..إلا أن ظلا من جمال كنت تلمسه بسهولة فى ملامحها وأنوثتها...وحين سقط الأتوبيس أمامنا كصخرة الدويقة....أغمضت السيدة الجميلة عينيها وألقت بجسدها وكبريائها وأنوثتها فى زحام...ما كان يليق بملائكية طفلها النائم ولا بكبرياء أنوثتها المهملة.. أتذكرها كلما أغلقت باب سيارتى وكلما افترضت مساحة من خصوصية ما لى فى هذا العالم...أين أنت من الأخر وأين الاخر منك؟؟؟. فى بداياتنا...كنا نؤمن أننا سنحكم العالم يوما ما – أنا شخصيا كنت ألمح ما بدا لى وقتها استعدادا لمراسم ما فى السماء- بعد قليل من العمر ..وقليل من الخبرة..اكتشفت أن لا أحد يحكم العالم أو سوف يحكم العالم. إذا سأكتفى أن أكون شخصية تاريخية....بعد قليل من العمر وكثير من الخبرة.......ترجع بيتك بعد يوم مرهق من العمل وكل ما ترجوه أن لا أحد سيحرمك من متعة قهوتك وأنك ربما وللمرة الاولى ستختار بملء إرادتك متى تذهب للسرير..............لتواصل نوما لا أحسبه كان انقطع حتى وأنت فى عملك ..حتى وأنت فى زحامك وزحامهم الممتد. أنا لاأملك رفاهية الكذب ..لأننى ببساطة لا أملك رفاهية النوم دون أن أغمض عينى. أنا كلما أغمضت عينى..رأيتنى طفلا نبيلا على سجادة الصلاة خلف والدى وكلما حاولت الهرب أعادتنى الملائكة – ضاحكة-..أنا كلما أغمضت عينى ..رأيت احتياجا لا نهائيا من الأخرين لضعفى وتسامحى ودموعى. عندما أغمض عينى ..أرانى وأرى الجميع..مجردين من ضوضاء وصخب لم نصنعه ولم نختره ولا كان لنا ولا كنا له...وأرانى وأراهم..مجردين من سطوة خريطتنا الجينية وأصولنا النفسية...فأرانى وأراكم..أوراق شجر تطفو على نهر... لهذا لا أجدنى مستعدا أن أتحدى ورقة شجر تطفو بجانبى..........................نحو العدم. الناس فى الشارع..يعبرون طريقا طويلا ؛هو المسافة بين أحلامهم وواقعهم.. لهذا كان الشارع فى مصر ألما وجراح ؛لأن الفجوة بين واقعنا وأحلامنا هى بقسوة الجرح وإمتداد الألم.