بعد هدنة قصيرة بين العمال والحكومة، عادت بعض الوقفات الاحتجاجية، والمطالب الفئوية للظهور على الساحة من جديد، إلا أن هذه المرة سادت حالة من الغموض، وأثيرت العديد من التساؤلات حول عودة تلك الإضرابات في هذا التوقيت، الذي تمر فيه البلاد بأوضاع سيئة يتعرض فيها الاقتصاد المصرى إلى خسائر جسيمة، الأمر الذي فسره بعض الخبراء بأنه محاولة من قبل بعض القوى لتحريض هؤلاء العمال، ودفعهم لإحداث حالة من الفوضى، مع اقتراب ذكرى ثورة 25 يناير، وانطلاق دعوات العودة للميدان علي مواقع التواصل الاجتماعى للمطالبة بتحقيق العدالة الاجتماعية، بينما رأى آخرون أن تلك المطالب هي حقوق مشروعة لهؤلاء العمال الذين يشعرون بالظلم، ولا يمكن تأجيلها.. فقد طرقوا كل الأبواب، وأصبحت الاعتصامات هي الأمل الوحيد لتحقيق مطالبهم لعيش حياة كريمة.. وطالبوا الحكومة بفتح باب الحوار، وتلبية مطالبهم حتي تقود عجلة الإنتاج للدوران! عادت الإضرابات العمالية للظهور من جديد، حيث شهدت الأيام الماضية عدة وقفات احتجاجية، وإضرابات عن العمل في العديد من الشركات، وتمثلت أهم مطالب العمال في صرف رواتب ومستحقات متأخرة، ومطالبات بالتعيين، وقد نظم عمال 6 شركات تشرف عليها هيئة قناة السويس، وتعمل في مجال بناء وإصلاح السفن وقفات احتجاجية مفتوحة للمطالبة بالتبعية الكاملة للهيئة، وكادر مالي وإدارى ودخل الاعتصام يومه الثالث عشر وأصدروا بياناً بمطالبهم، وناشدوا الرئيس التدخل لإنقاذهم، بعد تجاهل المسئولين لمشاكلهم، كما دخل عمال غزل شبين اعتصامهم اليوم الثالث عشر للمرة الثانية خلال ثلاثة أشهر فقط احتجاجاً علي عدم صرف مستحقاتهم المتأخرة، ولمطالبة المحافظ بالتدخل لتنفيذ حكم إعادة الشركة، وموظفيها للدولة، الذي ترفض وزارة الاستثمار تنفيذه، ما هدد العاملين بالتأمين الصحي بالدخول في إضراب كلي عن العمل، والتصعيد، بعد تجاهل المسئولين لمطالبهم بالإفراج عن التشريع الخاص بزيادة موارد الهيئة، ونظم حملة الماجستير والدكتوراه دفعة 2015 وقفات احتجاجية للمطالبة بالتعيين في الحكومة، وفي محافظة القليوبية دخل العاملون بورش شركة الكراكات المصرية في اعتصام مفتوح مضربين عن العمل، بسبب تأخر صرف رواتبهم منذ شهرين، كما استمر اعتصام مئات العاملين لليوم الحادى عشر على التوالى بشركة بتروتريد بالدقهلية، للمطالبة بإقالة رئيس مجلس الإدارة، وفتح التحقيق في صرف حوافز تقدر بنحو 25 ألف جنيه على أعضاء مجلس الإدارة، كما نظم العديد من شباب مدينة رأس غارب بالبحر الأحمر، وقفة احتجاجية للمطالبة بالتعيين في شركات البترول، وتطبيق قرار وزير البترول الأسبق المهندس عبدالله غراب، بتعيين 250 شاباً في الشركات العاملة بالمدينة، وفي الوقت نفسه أضرب العديد من عمال شركة النصر للمقاولات عن العمل مطالبين برحيل رئيس مجلس الإدارة، لرفضه حل مشاكلهم، وتلبية مطالبهم، كما قطع عمال شركة الحديد والصلب بحلوان الطريق المؤدى للمصنع بالحواجز الحديدية، مانعين دخول أو خروج عربات النقل منذ يومين، احتجاجاً علي عدم صرف الإدارة أرباح هذا العام. كما شهدت محافظة الإسكندرية إضراب عدد كبير من عمال الشركات للمطالبة، بزيادة رواتبهم، وصرف الحوافز والأرباح المتأخرة، كما طالب رئيس ائتلاف صحفي جريدة الجمهورية، رئيس التحرير، بصرف العلاوة المقررة للعاملين بدار التحرير إداريين وصحفيين بنسبة 10٪ من كل عام من الراتب الأساسى، والتي أقرها الرئيس عبدالفتاح السيسي في سبتمبر الماضى، وهددوا بالدخول في اعتصام مفتوح بمقر الجريدة. أشار تقرير صادر عن مركز المحروسة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى أن الاحتجاجات العمالية خلال الربع الأول منذ عام 2015 الحالى، وصلت إلى 393 احتجاجاً، وجاءت محافظة القاهرة في المركز الأول من حيث عدد الاحتجاجات ب116 احتجاجاً، وأرجع التقرير ارتفاع عدد الاحتجاجات في القاهرة لكونها العاصمة التي تحتوى على عدد كبير من الهيئات والشركات. وأكد التقرير أن أسباب الاحتجاجات خلال الربع الأول جاء نتيجة لأسباب اقتصادية واجتماعية، مثل صرف المستحقات المالية والحواجز والبدلات المتأخرة، سواء من المرتبات أو الأجور اليومية، وجاءت تلك المطالب في المركز الأول ب75 مطلباً، يليها في المركز الثاني احتجاجات ضد عدم صرف الامتيازات المالية، وجاء في المركز الثالث احتجاج العمال ضد عدم اتخاذ وسائل الأمان للسلامة والصحة المهنية، مما أدى لوفاة وإصابة العديد من العمال، وفي المركز الرابع جاءت المطالبة بعقود عمل، وتعيينات للموظفين، وفي المركز الخامس جاءت المطالبة بالعودة للعمل والاحتجاج ضد الفصل التعسفى. وأشار التقرير إلي أن الاحتجاجات العمالية بلغت خلال أبريل ومايو ويونية، انخفاضاً ملحوظاً مقارنة بالربع الأول من نفس العام، حيث شهد الربع الثاني من العام الحالى 385 احتجاجاً عمالياً، وبلغت الاحتجاجات العمالية خلال شهر أبريل الماضى نحو 145 احتجاجاً، وخلال شهر مايو 106 احتجاجات، بينما بلغت 134 «وقفة» خلال شهر يونية الماضى، أما عن الربع الثالث من العام، فقد كشف المركز عن تنظيم 337 احتجاجاً خلال يوليو وأغسطس وسبتمبر، وبذلك يصل عدد الاحتجاجات منذ بداية عام 2015 وحتي نهاية سبتمبر الماضى نحو (1115) احتجاجاً.