جمهورية مصر التجريبية!! بقلم : نصر القفاص منذ 32 دقيقة 17 ثانية شاءت أقدار الوطن أن ينهزم - إلا قليلا - وشاءت الأقدار أن الوطن ذاته إذا انتصر.. فهو ينتصر قليلا فقط.. انهزمت مصر علي مدي سنوات طوال، للحد الذي جعلها تسقط بين أيدي حفنة من الفاسدين.. لا أريد أن أكتب اسماءهم، حتي لا أفقد مساحة طويلة.. فهي تبدأ من «المخلوع» وهي شهرة رئيس كان يحكم مصر اسمه حسني مبارك.. مرورا بأفراد عائلته - زوجته وولديه وحفيديه - وقد كانت كل مجتمعه وأحلامه التي عاش لأجلها.. وعبورا علي مواطن لم يمتلك في حياته غير قيراط حظ.. اسمه «أحمد نظيف» الذي تبوأ موقع رئيس الوزراء في غفوة من الزمان، وغفلة من «الشعب المصري الشقيق».. وكان هذا المواطن هو ذروة اختيار المواطنين الصالحين ليحكموا مصر.. وهؤلاء يمثلهم عازف «الدرامز» - أحمد عز - وراقص التنورة - أنس الفقي - والراجل الشامخ بسلامته - صفوت الشريف - والفقيه القانوني والدستوري، وأستاذ أساتذة علم تفصيل القوانين - فتحي سرور - ولا تنتهي القائمة عند ضابط احتكر الحظ، فخرج مفلسا من الحياة - حبيب العادلي - مع ضرورة الاشارة والجغرافيا، فحكموا أرض الحضارات لسنوات طوال.. هب نسيم الثورة، فسقط كل النظام.. اعتقدنا أن الأمر سهل وميسور وهين.. فكانت الخديعة الكبري.. فقد جاءت عاصفة حكومة يقودها واحد من رجال أمانة السياسات التي شكلها وكونها ودربها وريث «المخلوع».. فإذا به يتعملق دراميا عندما تم تنصيبه كرئيس للوزراء من ميدان الشرف والثورة والطهارة والصدق والأمانة.. خدعنا بابتسامات باهتة.. حدثنا بكلمات رطبة حاول أن يجعلها تحمل معني القوة والصرامة.. ثم شرع في استدعاء كل ما يمكن أن يطعن به «ثورة النسيم».. فحقق نجاحا تفوق به علي الذين اختاروه يوما من الأيام وزيرا، ثم عزلوه لأنه أقل من امتلاك القدرة علي السباحة في محيط كله فاسدون.. دون اكتشاف رغبته في أن يطال قامتهم القصية!!.. ودارت عجلة الزمن لنصاب بذهول بعد أيام قليلة من وقوف «عصام شرف» علي مسرح المسئولية.. فهو لا يمتلك قدرات سياسية تؤهله لترويض الثورة.. ولا يملك قدرات تآمرية تمكنه من الانقضاض عليها.. فهو أستاذ في مدرسة الرمادية، للحد الذي جعلنا نعجز عن تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود في شخصيته وآدائه.. واحتفظ لنفسي بحق الريادة عندما أعلنت رفضي لنهجه وسلوكه السياسي.. ليس لامتلاكي مهارة تميزني، ولكن قناعة أن مصر تتغير بفعل الثورة. كما كنت ساذجا.. فقد نجح الدكتور «عصام شرف» في تصنيع اليأس وزراعة الاحباط علي أرض المحروسة بأسرع مما يتخيل عاقل.. فما بالنا بالثوار.. ويبقي اعتقادي الجازم أن هذا النجاح، سيذهب به إلي حيث ذهب كل من حاولوا اغتصاب مصر!! تلك حكومة تحدثنا عن المستقبل، كلما طالبناها بحساب الماضي.. تقفز بنا إلي الأمام أكثر لو قلنا لها أن البداية يجب أن تكون علي أرض الواقع.. فرئيس الوزراء لا يري غير صورة لم يحلم بها.. أربكته.. فرضت عليه الصمت.. جعلته يتحدث حيث يجب أن يصمت.. عقدت لسانه وقتما وجب الحديث.. يهزل في وقت الجد.. وإن حاول أن يكون جادا فصراخ الضحك يبدد محاولاته.. جعلنا نخرج من المجهول إلي المجهول.. وسيأتي يوم يتحمل فيه نتيجة ثلاثين عاما قبل الثورة وبضعة أشهر بعدها.. فإذا كان «أحمد نظيف» قد حاول «فبركة» جامعة النيل.. فرئيس الورزاء الحالي يحاول «فبركة» جامعة الدكتور «أحمد نظيف» كانت قد استعانت بكل مساحيق التجميل لخداع الرأي العام.. فإن حكومة «عصام شرف» خدعتنا منذ خروجها من الحمام!! أوضاع مصر قبل 25 يناير كانت خطيرة.. وأوضاعها في عهد عصام شرف أكثر خطورة.. فقد ضرب «الشعب المصري الشقيق» في مقتل، عندما ظهر وزير التربية والتعليم في أول يوم من أيام العام الدراسي.. زائر لمدرسة قالوا أنها للمتفوقين رياضيا.. لو أننا أخذنا الوطن بما رأيناه، لاعتقدنا أنه تجاوز رافية سويسرا والنرويج والسويد والدانمارك.. في الوقت ذاته كانت آلاف المدارس تعاني من التصدع وسوء التأثيث، فضلا عن تدهور أحوال المعلمين والتلاميذ.. لكنهم يقولون أن هذه محاولة «تجريبية» لبلوغ المستقبل.. والمؤسف - حقا - أن وزير السياحة «منير فخري عبدالنور» اعتنق منهج الخداع ذاته.. فهذا المعارض يفرز أداء وممارسة سياسية وفنية تتجاوز بكثير ما كان يفرزه «زهير جرانة» الباكي خلف القضبان.. ولو حاولت استعراض أداء باقي الوزراء من الخارجية إلي التعليم العالي إلي الصحة.. سأصيب كل المحبطين بمزيد من الاحباط.. لكنهم جميعا تآمروا علينا في زمن «المخلوع» بادعاء القتال ضد «المحظورة» وسلموا مصر كلها ترتدي الحجاب لتقدم الهدية كاملة لجماعة الإخوان المسلمين «المفترية» علي طبق من ذهب.. كم أنت مظلوم أيها الشعب.. وكم أنت قادر علي سحق كل من يحاولون خداعك.. فقد سقطت نطريات «خطف» مصر باسم التجربة.. فالذين يعتقدون أن الوطن يشبه مهرجان المسرح التجريبي.. عليهم أن يتعلموا من «جمهورية مصر التجريبية» كيف يكون عقاب كل السفهاء والمخادعين والكذابين!! نصر القفاص