سلفني «أردوجان» شهراً! بقلم :محمد أمين منذ 35 دقيقة 55 ثانية الغزو التركي لم يبدأ الآن.. لقد بدأ بدراما «مهند ونور» منذ سنوات.. وقلت انتظروا من اليوم جحافل الترك.. قد يتصور البعض أن هذه نغمة غريبة الآن، حيث يحظي الوفد التركي برئاسة «أردوجان»، باحتفال شعبي ورسمي.. فقط أريد أن أؤكد معني ذهبت إليه، وأراه اليوم أمام عيني.. ومع هذا فإن رجب طيب أردوجان، لم يقم بزيارة مصر، علي رأس وفد وزاري رفيع المستوي فقط.. وإنما جاء ومعه دولة بمعني الكلمة.. تستعيد أمجادها في مصر.. ويواكب زيارته، احتفال إعلامي غير مسبوق.. متطوعاً لا مدفوعاً.. كما كان يحدث في السابق، مع بعض رؤساء وأمراء وملوك، بعض دول الخليج.. والمعني أن المصريين يرحبون برئيس وزراء تركيا.. وبعضهم يقول.. سلفني أردوجان شهراً، أصنع لك مجداً.. فالمشكلة ليست في الشعوب، وإنما في القادة والسياسيين، وفي الإرادة السياسية والإدارة السياسية.. وهؤلاء يتذكرون أيضاً مهاتير محمد.. بما يعكس اهتماماً كبيراً بالتجربتين التركية والماليزية.. علي السواء! لا هو زائر عادي.. ولا هي زيارة عادية.. فالمفروض أن هناك رصيداً، لطيب أردوجان عند المصريين.. وتصوروا أن يفعل كل ذلك رجل «طيب».. يتحدث عن الإسلام، ويقدم الصورة الوسطية له.. ثم يقول عن نفسه، إنه لا قائد ولا زعيم.. وإنما هو واحد من «الخدامين العظام» لتركيا.. واستوقفتني كلمة «خدام».. فقد دعوت إلي جمعية «خدامين مصر» بعد الثورة.. وتمنيت أن أري الرئيس «الخدام»، والوزير «الخدام»، والنائب «الخدام».. وصولاً إلي أن نكون جميعاً خدامين لمصر.. واستنكف البعض أن نسميها جمعية خدامين.. وقالوا طيب غير الاسم إلي «خُدام» وليس «خدامين».. قلت بل خدامين وأفتخر.. وجاء «أردوجان» ليقول بالفُم المليان إنه خدام أو خادم لشعبه، ومن المؤكد أن الترجمة لا تعرف كلمة خدام، ولو كانت تعرف، لوجدت أنها أطعم وأفضل مذاقاً.. خدمة الشعوب نعمة.. وخدمة الوطن شرف ووسام.. من هنا ظهر «أردوجان» ليس لأنه طيب، ولكن لأنه يعرف قيمة خدمة الوطن.. فاهتم بالتعليم وجعله كالماء والهواء.. وقد تحدث فيها العالم الدكتور أحمد زويل، وقال الكثير في التجربة التركية! لابد أن الاستقبال الشعبي والرسمي، كان لافتاً لأردوجان نفسه، ولابد أنه لاحظ أن مصر الثورة غير مصر مبارك.. وهو نفسه يعرف أن مصر «المخلوعة»، كانت تتردد في التعامل مع القوي الإقليمية.. وترفض تركيا وترفض إيران.. لكنها كانت تفضل إسرائيل، أما «أردوجان» فيعرف مكانة مصر، ويعرف أنها يمكن أن تقود المنطقة في المستقبل.. ويعرف أنها عندما ثارت، فقد ثار الشارع العربي كله.. هذه هي القصة التي أغفلها «مبارك»، وهذه هي الحكاية التي لم يكن يدركها النظام المخلوع.. من هنا احترمنا تجربة أردوجان.. فهي تجربة «خادم» لشعب، لا هو زعيم ولا هو قائد.. وهي تجربة تستحق أن نتوقف أمامها.. لأنها تتحدث عن نفسها.. والفارق كبير بين تجربة يسوِّقها الإعلام.. وتجربة تسوقها نتائجها.. وكانت تجربة تركيا أشبه بتجربة ماليزيا.. صحيح احتفلنا بماليزيا، لكن احتفالنا بتركيا فوق أي احتفال.. وكانت تركيا الرسمية تعرف ذلك، فجاءت الدولة بأركانها.. وهي تعرف أنها ليست مجرد زيارة، وإنما غزوة بكل المقاييس.. يفتح لها المصريون أبوابهم بكل الرضا!