لم تكن مدينة الاسكندرية وحدها المتضررة من سقوط الأمطار.. ولكن هناك قرى لا تعلم الحكومة أسماءها أو عناوينها.. هذه القرى يعيش أهلها حياة من البؤس والفقر.. حيث يفتقدون بشكل دائم كافة الخدمات.. فشبكة الطرق منهارة والوصول إليها بالغ الصعوبة والبنية التحتية خارج نطاق الخدمة. «الوفد» زارت قرى خط الساحل بمدينة مطوبس بكفر الشيخ بداية من شمال الكوبرى الدولى حتى برج مغيزل ووجدت أن الأجهزة التنفيذية ومسئولى الحكم المحلى فى إجازة. ففى الجزيرة الخضراء يعانى الاهالى من عدم وتوصيل الصرف الصحى وتلوث مياه الشرب وتدنى الخدمات الصحية. نرصد مشاكل وهموم كل قرية على حدة، ونرفعها الى رئيس الحكومة المهندس شريف اسماعيل ونطالبه بزيارة هذه القرى ليقف على حجم المأساة التى يواجهونها من تدهور الخدمات الصحية والتى تسببت فى تفشى الإصابة بالفيروس الكبدى الوبائى C، الذى افترس 80% من الصيادين وسكان القرى نتيجة استخدامهم مياه الصرف الصحى التى تختلط بمياه الشرب. والبحر المتوسط والنيل يلتقيان عند بوابة القناطر الخيرية بإدفينا ويستمر النيل فى اتساعه حتى يصل الى بوغاز رشيد الذي يقع فى الجهة المقابلة لقرى الساحل بمطوبس ويصب فى مياه البحر المتوسط. 40 كيلو متر تقريبا المسافة من القناطر حتى البوغاز، هذه المسافة رغم أنها تتمتع بجو سياحى رائع ورونق جمالى جذاب من الممكن أن يكون قبلة السياح الا ان الجانب السلبى والاهمال كان العامل الرئيسى المسيطر على الموقف، فكافة القرى الواقعة على امتداد نهر النيل مع البحر يحترفون مهنة الصيد بالوراثة ويتعرضون للمياه بشكل شبه يومى ويتعرضون للخطر المباشر أثناء سفرهم للصيد قبيل سواحل البلدان العربية والأجنبية ولا يمر أسبوع إلا ونسمع عن اختطاف مركب صيد أو قتل الصيادين المصريين. هؤلاء الصيادون ارتضوا بالقدر ولم يطلبوا من الدولة فرص عمل.. بل قاموا بالاعتماد على أنفسهم فى صناعة مراكب الصيد والغزل وأدوات الصيد ويسافرون الى البحر لممارسة مهنتهم والحصول على الرزق متحملين كافة الاخطار. وبدلا من أن تقف الدولة بجانبهم أصبحوا «ملطشة» للأجهزة الامنية التى تتعقبهم فى الدخول والخروج من وعبر سواحل رشيد والمعاملة غير آدمية. محمود أبوهيكل من قرية أبوخشبة عضو مؤسس بنقابة الصيادين يقول إن الأجهزة الأمنية ترفض خروج مركب الصيد إلا بوجود مالكها رغم ان المالك قد يوكل ابنه فى الإدارة ولكن هناك تعنتا فى رفض توكيل الإدارة. وأضاف «أبوهيكل» ان المراكب قد تكون مسجلة باسماء سيدات أو أن أصحابها كبار سن لا يتحملون السفر ل10 أيام فى البحر أو مرضى، والقانون نفسه لم يمنع توكيل الادارة فى العمل ولكن هناك تعنتا شديدا مع الصيادين. واضاف حسن عنتر إن الصيادين محرومون من التأمين الصحى والاجتماعى لأن الصياد قد يصيبه مرض أو إصابة أثناء العمل أو موت فى عرض البحر. كما أننا يوم بنشتغل و10 أيام لا نعمل بسبب تقلبات الأحوال الجوية. وطالب «عنتر» بإنشاء مصدات ورصيف يحمى البحر المالح من التآكل، مشيرا الى ان البحر يهدم الجسور 7 أمتار كل عام بفعل عملية التآكل التى ستدمر كافة القرى الواقعة على الساحل. وأوضح محمد فتح الله من برج مغيزل أن الحكومة أعلنت عن الإفراج عن 3 مراكب صيد على متنها 9 صيادين ولم يعودوا حتى الآن الى ذويهم ومازالوا محتجزين. وأشار «فتح الله» الي أن 90% من الصيادين ببرج مغيزل والبالغ عددهم 17 الف صياد مصابون بالفيروس الكبدى والأمراض المزمنة والدولة لا تعرف عنا شيئا. وطالب محمد دياب محمد بصرف معاش للصيادين بعد بلوغ سن ال60، وإصدار قانون يحدد حقوق وواجبات الصيادين من حيث التأمين الصحى والاجتماعى وتعويض الصياد فى حالة إصابة العمل أو الوفاة او الاحتجاز من قبل الدول الاخرى أثناء سفره للصيد. على جانب آخر تسببت موجة الأمطار الأخيرة فى تدمير الأقفاص السمكية الواقعة على النيل فى كافة قرى مطوبس وأصابت أصحابها بخسائر فادحة تقدر بالملايين. وطالب أصحاب الصناديق السمكية الحكومة بتشكيل لجان لمعاينة الأقفاص وصرف تعويضات للمتضررين.