هند أبوالسعود حوارات رمضانية: ل خيرى حسن الاربعاء , 31 أغسطس 2011 11:09 ذات يوم كانت الإعلامية الشهيرة «هند أبوالسعود» صاحبة برنامج «جولة الكاميرا» الشهير تسير في شارع قصر النيل، وفجأة.. سمعت صوتاً ينادي: يا ست هند.. يا ست هند.. ممكن كلمة؟.. قالت: اتفضل.. قال: انت المذيعة الوحيدة التي سمحت لها بأن تجلس و«تتعشي» معانا علي «الطبلية» في المساء. ثم تركها الرجل، وغاب في الزحام، في هذه اللحظة، فهمت «هند» أن ما قدمته للإعلام وللناس، لم يذهب أدراج الرياح، وأن من يعمل ب «صدق» يجد من يحبه ب «صدق» أكثر! ذهبت إليها حتي أجري معها هذا الحوار، محاولاً أن أعيد معها ذكريات رمضانية مرت عليها في الطفولة والصبا.. تسكن في المهندسين.. هي زوجة الكاتب الصحفي «محسن محمد» وصلت إلي المنزل، وجدته - أي المنزل - طرأ عليه جديد.. ألا وهو الباب الحديد (بالمناسبة هذا الوضع رأيته في منزل خيري شلبي ومفيد فوزي) حيث وضع علي باب العمارة، سألتها عن السبب؟.. قالت: بجوارنا مدرسة، اقتحمها منذ أيام بلطجية، و«نفضوا» جيوب كل من وجدوه بداخلها، فقررنا أن نعمل «باب حديد» نؤمن به حياتنا، من 5 ملايين يعيشون في العشوائيات حول القاهرة، وإن تحركوا بجد سيأكلون الأخضر واليابس، ولن يجعلوا فينا حياً ولا ميتاً.. وهؤلاء يتسيد أمورهم «بلطجية».. وإلي نص الحوار: رمضان في الطفولة والصبا.. كيف جاء في حياتك؟ - كان في بيت جدي بالقاهرة، حيث تربيت في طفولتي الأولي، وكان أبي يعيش في السويس، حيث يعمل مهندساً، ولم تكن لدينا في السويس فصول مدرسة تقبلني، خاصة وأنا في سن صغيرة، ووالدتي كانت طموحة، قالت لأبي: نرسلها للقاهرة حتي تلحق بالمدرسة. وجئت للقاهرة لبيت الجد؟ - نعم.. وكان ل «جدي» تأثير كبير عليّ جداً، حيث كان يعمل جدي عمدة أصلاً، فكان رمضان في ذلك الجو احتفالية خاصة جداً. إذن كنت تقضين رمضان بعيداً عن الأسرة؟ - بالضبط.. كنت في الصيف في الإجازة أعود إليهم في السويس. وكيف كانت السويس في ذلك الزمان؟ - كانت كلها إنجليز وإيطاليون، ونحن كنا نعيش في حيهم الذي كان يسمي الحي الغربي، ولم يكن سوي الحكمدار وطبيب البلد والتجار، وكان ذلك قبل عدوان 56 لأننا قبل العدوان جئنا كلنا إلي القاهرة. وفي القاهرة أكملت الدراسة؟ - ذهبت إلي مدرسة الحلمية الابتدائية، ثم الثانوية، وكانت الثانوية العامة - بمصطلح اليوم - ينتهي منها الأولاد في 5 سنوات والبنات في 6 سنوات، ثم جاء قرار د. طه حسين - كان وزيراً للتعليم آنذاك - بأنه ممكن نأخذها مثل الأولاد، أي في 5 سنوات وليس ست سنوات، وبذلك ذهبت للجامعة أصغر من أبناء جيلي. وفي الجامعة إلي أي الأقسام توجهت؟ - إلي كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، فأنا كنت أهوي اللغات والتاريخ، فأنا من صغري كنت أصعد ل «السندرة» في منزلنا بالسويس وأظل أقرأ في كتب اللغة الإنجليزية، وأبي كان يشجعني علي ذلك، وكان سعيداً بي جداً، رغم أن أمي كانت تحاول جذبي للمطبخ مثل أي أم، لكن أبي شجعني علي القراءة في الصغر. وبعد الكلية، هل حددت اتجاهك في أن تكوني مذيعة؟ - لم يكن هناك حاجة اسمها «مذيعة» في التليفزيون وكنت ناوية أشتغل في الصحافة، لأنني كنت أتدرب في وكالات الأنباء علي الصحافة، وهناك تقابلت مع محسن محمد، ومن كثرة «مضايقاته» لي، تركت وكالة أنباء الشرق الأوسط، وذهبت إلي وكالة أجنبية اسمها «i. n. s». وكيف كان يضايقك الأستاذ محسن محمد؟ - أنا كنت فاكرة أنه يضايقني، لكنه كان متابعاً لي، وبلغة اليوم «بيعاكسني» وبعدين ظل علي اتصال معي حتي بعدما تركت الوكالة، وتخرجت في الجامعة، والوكالة اندمجت مع وكالة أخري، ولم أجد أمامي إلا الجلوس في المنزل، في هذا الوقت بدأت اختبارات التليفزيون. ومن هنا ذهبت إليه؟ - آه.. وذهبنا إلي عبدالحميد يونس في التليفزيون، والتليفزيون وقتها كان عمارة في رمسيس «ماسبيرو كان في مرحلة البناء». والتحقت بالتليفزيون؟ - نعم.. وكان راتبي 14 جنيهاً كراتب، وذهبت إلي قسم الأخبار، وعلمنا سعد لبيب، وكانت الاستديوهات بدون سلالم، وكان الطابع في وقتها هو طابع الأخبار، لملاحقة أخبار الثورة. ألم تكن هناك برامج أخري؟ - لا.. مفيش غير برنامج أو اثنين واشتغلت مساعدة مخرج. في هذه الفترة كنت ترتبطين بالأستاذ محسن.. أليس كذلك؟ - آه.. ما هو لم يسكت بقي.. ثم أنه لم يكن زواجاً عن حب. أومال إيه؟ - ماما كانت «خانقاني» في البيت، ترفض خروجي وأنا أريد الانطلاق والعمل، فوجدت أن الزواج فرصة للخروج من قيد أمي. إذن من قيد الأم إلي قيد الزواج؟ - لا.. الزواج لم يكن قيداً بالعكس الزواج ساعدني كثيراً، خاصة عندما يكون الزوج مثقفاً، ويعمل في نفس المجال أو قريب منه، فهو يساعد ويضيف لك، وهذا ما حدث معي، ووجدت في محسن الزوج والحبيب والزميل وكل شيء. وكيف أصبحت مذيعة؟ - أنا كنت أصلاً مخرجة، وقالت لي «همت مصطفي» و«سميرة الكيلاني»: لماذا لا تذيعين النشرة؟.. فقلت: معرفش.. هل أصلح؟.. قالوا: ادخلي اختبار.. ودخلت الاختبار ونجحت وعملت في قطاع الأخبار وقتها، وبعد فترة تركت الأخبار وذهبت للمنوعات وبدأت برنامج «جولة الكاميرا». وهذا البرنامج كان فكرتك؟ - الحقيقة فكرة محسن محمد، وقال: حاولي تجعلي الفقرات قصيرة، لا تتعدي دقيقة أو دقيقة ونصف، وكان هذا لوناً جديداً، وعرضت الفكرة علي سعد لبيب، فقال: اعملي حلقة تجريبية، وقدمت البرنامج في 45 دقيقة، وفيه 15 أو عشرين فقرة، وكان هذا تجديداً في المنوعات، وهو أول برنامج منوعات ثقافية يخرج المشاهد فيه بمعلومة، فكان البرنامج الجديد والغريب والمثير واخترت يوم الأحد من كل أسبوع. ولماذا الأحد؟ - لأننا جاءت لنا شكاوي من أصحاب المحلات وقالوا: نحن لا نعرف موعد البرنامج ولا نشاهده لأن إجازتنا الأحد، وجاءت الخطابات والناس كانت تقابلني في الشارع وتطلب عرضه الأحد حتي يمكن متابعته. ومتي توقف البرنامج؟ - لم يتوقف.. استمر حتي «تحجبت».. ومن الحجاب «زعل» الريس. الريس مين فيهم؟ - الرئيس السابق مبارك. زعل من حجابك؟ - آه.. وقال لي «إيه الهباب اللي انت لابساه ده».. وأنا وقتها كنت رئيسة القناة الأولي ونائب رئيس التليفزيون. وماذا كان ردك؟ - كان هذا الحوار في لقاء معه في حضور الإعلاميين وقال لي «شيلي الحجاب»، فقلت: طيب وأقوله إيه؟.. قال: مين؟.. قلت: ربنا. قلت كده؟ - إيه.. وبعدها لم أر الكاميرا مرة ثانية. كيف كان هذا الزمن في الإعلام المصري؟ - لن يتكرر.. كان زمناً جميلاً، الكل يحب بعضه، ويحب شغله، وكنا نعمل براتب 14 جنيهاً وليس بالملايين كما نري اليوم. برامج اليوم.. كيف تراها هند أبوالسعود؟ - برامج التليفزيون التي أراها هي عبارة عن برامج إذاعية، ناس قاعدة تكلم بعضها، فلا أري صورة.. وهذا شكل من أشكال الإذاعة وليس تليفزيون، التليفزيون والشاشة تحتاج صورة وحركة وهي لا تقدم ما يفيد المشاهد من ناحية النوعية والثقافة. بمعني؟ - بمعني إنك لو عدت إلي جيلنا، ستجد برامج مثل «جولة الكاميرا» و«عالم البحار» و«نور علي نور» وغيرها من البرامج الجادة. البعض يري أن الإعلام في حالة انفلات؟ - طبعاً.. هو بالفعل انفلات لن يؤدي بنا إلي شيء مفيد، انظر للبرامج الدينية ستجد قنوات وأناساً يرتدون جلباباً أبيض ذقنه طويلة، يخرج عليك ويدخلك ويخرجك من الجنة وهو جالس في الاستوديو، هذا هو الإعلام الذي نراه ونعيش معه الآن، نحن نعيش عصر الانفلات في كل شيء، انفلاتاً في الإعلام وانفلاتاً ثقافياً وأخلاقياً، للأسف نحن في مرحلة انفلات يومي. وضبط هذا من أين يبدأ؟ - من التعليم.. هذا هو المهم، ثم نهتم بالصحة، ولازم سيناء يتم الالتفات لها، ويتم دفع أو ترغيب الناس للهجرة إليها.. وليس هناك ما يمنع تنمية سيناء. طيب واتفاقية كامب ديفيد؟ - مالها الاتفاقية؟ البعض يطالب بإلغائها أو تعديلها؟ - يا راجل.. هو أنت من غير كامب ديفيد، كنت هتقدر تاخد حاجة، صحيح كلنا زعلنا أيام الاتفاقية، لكن بعد ذلك قلنا إن السادات عبقري يعني أنت عايز تحارب. مش أنا.. بقول البعض؟ - يا عم حرب إيه.. والبلد مش عارفة تتخلص من أطنان الزبالة في الشوارع، بدلاً من الحديث عن الحرب وغيره، تعالوا نتكلم عن التعليم والزراعة ونجعل المستقبل حاضراً بالتعليم، لأن السنين الماضية، تم تدمير التعليم فيها، ولن يتقدم الوطن إلا بالتعليم. متفائلة بالمستقبل؟ - طبعاً.. صحيح ستواجهنا عدة عقبات، وبعض المشاكل، لكن المهم أن نعود للعمل، ليس من المنطق أن نظل هكذا واقفين في أماكننا ونتحدث عن ثورة 25 يناير، نعم الثورة حدثت وغيرت النظام، المطلوب الآن العمل، نحن تحولنا بعد الثورة إلي «فوضي». أي فوضي تقصدين؟ - فوضي المليونيات والتجرؤ علي الرؤساء، كل ذلك يعطيك إحساساً بالفوضي، وبأننا نقف في أماكننا ولا نتحرك للأمام، وأنا أخاف من أن الأمور تتطور. بمعني؟ - بمعني أننا وفي ظروف إحساس الناس بالفقر فلن يكون أمام الناس إلا ثورة من أجل رغيف العيش. والحل؟ - نريد رجلاً قوياً يحكم البلد. قوي إزاي؟ - يكون ديكتاتوراً مصلحاً، وعندما تعود للقرآن الكريم تجد ربنا قال: «اذهب إلي فرعون إنه طغي» معني ذلك لو كان فرعون «كويس» لما كان قد أرسل الله له نبياً. إذن نحن في حاجة لفرعون «كويس»؟ - آه.. مصر محتاجة لفرعون «مصلح» لا يكون طاغية، ويعمل بالديمقراطية، وتكون هي شعاره ونهجه في الحياة السياسية والاجتماعية.