."نحن في ساحة الحسين نزلنا .. في حمى الله من أتى لحسينا ..يا ابن طه البشير جئنا ببابك وشرفنا هنا بلثم عتابك ". مقولة سمعناها كثيرا ورددناها دون وعى أحياناً ولكنا أدركنا معانيها الجمة حينما قررنا قضاء ليلة القدر فى رحاب مسجد سيدنا الأمام الحسين سيد شباب أهل الجنة كما وصفه جده المصطفى عليه الصلوات والتسليم . دلفنا الى الجامع العتيق بصعوبة فهناك الآلاف من المحبين من كل حدب وصوب أتوا للتبارك والتنفح ببركة سلالة البيت النبوى النورانى، ثم ولجنا لزيارة المقام الطاهر والذى ازدحم عن آخره بالبشر المحملين بالزفرات والدموع والابتسامات والأنات والمواجع التى ضجت من الشكوى، ونسوة وشباب يلتفون حول مقام الأمام الحسين حفيد رسول الله وسيد شباب أهل الجنة، أنات وصرخات مكبوتة تفيض بالشكوى وتبتهل ألى الله متوسلين بصاحب المقام مولانا الامام الحسين والطلبات بسيطة جدا متوسلين لله بعترة المصطفى أن يستجيب دعاهم . خرجنا ونحن نتعجب من بساطة الناس فى بلادنا واحلامهم الجميلة التى لاتعدو فى كونها آمال لمستقبل أفضل وعيشة مستقرة ولا يعنيهم أى جدل مثار حولهم سواء بالدستور أو الانتخابات أيهم جاء أولاً أو لم يجئ من أساسه!!! عرجنا على شىء ظنناه فى البدء مقهى شعبى، وطلبنا من النادل المبتسم "كوبايتين شاى " فى الخمسينة جاء بهم سريعا مع عود من النعناع الاخضر على الصينية، شربنا وحينما أخرجنا النقود رفض مبتسماً وقال لنا " الشاى على حساب سيدنا الحسين !! هاشاً باشا وجدناه على سلالم جامع الست حلومه وحوله عدد من البسطاء و"المجازيب"جذبنا بقوة جلسنا جواره وجدنا أطباق من الفول الشهى والأرغفة الساخنه تفتح النفس، لم ندرى بأنفسنا ألا وأيدينا تنتقل ما بين الأطباق وألأفواه فى بساطة وتلقائية شديدة !!! تعرفنا عليه شاب فى ثلاثينيات عمره اسمه عبد الحكيم من قرية "دوينة" بمحافظة أسيوط، والده العارف بالله سيدى الشيخ عزت الحادى من أقطاب الصوفية بصعيد مصر، يأتى الى سيدنا الحسين فى رمضان عادة سنوية توارثها أباً عن جد متخذا من أعتاب "الأمام" خدمة للفقراء والبسطاء فهم أخوان وأحباب، يطعم الطعام ويفشى السلام، أليست تلك علامات التحابب فى الإسلام؟!! تركنا كل هذه النفحات فالفجر على وشك الأذان وعرجنا مرة أخرى على جامع الامام الحسين توضأنا وجلسنا فى المسجد ونحن نشعر بأنا محملون بالنورانيات الشفافة، تمنينا من الله أن تكون كل مصرنا سكينة وهدوء .. حب وتسامح .. رحمة وهناء، وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة، أليست تلك مصر المذكورة فى الإنجيل والقرأن ؟!.