غياب مجلس النواب عطل صدور ثلاثة قوانين مهمة نص عليها الدستور وكلف المجلس بإصدارها رغم أن الدستور منح لرئيس الجمهورية ولمجلس الوزراء حق اقتراح القوانين، ولكن فى هذه القوانين بالذات أسند الدستور الاختصاص لمجلس النواب وحده لهدف يقصده المشرع الدستورى فى مقدمته أن يأتى اقتراح هذه القوانين من ممثلى الشعب لحاجتها إلى رأى عام يمثل الشعب المصرى أول هذه القوانين هو قانون تنظيم بناء وترميم الكنائس بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية، وهو تقدير من الدستور للأقباط، واعتبارهم شركاء فى الوطن، لهم حقوق مثل المسلمين وعليهم واجبات مثلهم، ومن حقهم أن يكون لهم أماكن العبادة الخاصة بهم، على أن يتم بناؤها بإجراءات ميسرة بعيدة عن التعقيدات والروتين، سواء فى أخذ الموافقات بالتخصيص والبناء أو بترميم الكنائس القائمة، وهذا تقدير يستحقه أقباط مصر الذين أعلنوا انحيازهم للوطن واستقراره ورفضوا محاولات شق الصف الوطنى التى كان يلعب عليها بعض المنظمات الإرهابية فى الداخل والخارج. وثانى هذه القوانين وهو قانون تنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الاشراف على الانتخابات، والمقصود بهذا القانون هو الحفاظ على استقلالية القضاء وهيبته وسمعة القاضى والحفاظ على حياده، ويقضى على ما كان يحدث من انتداب لبعض القضاة إلى جهات حكومية مما كان يؤثر على حياده فلا يجوز أن يعمل القاضى فى مصلحة حكومية أو نيابية ثم يصعد إلى المنصة لإصدار الأحكام. والقانون الثالث هو قانون العدالة الانتقالية الذى يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وفقًا للمعايير الدولية، وهذا القانون فى غاية الأهمية، لأن العدالة لم تتحقق حتى الآن لعدم حصول الشهداء على حقوقهم بعد الدماء التى سالت خلال الثورتين العظيمتين، والحقوق ليست مبالغ مالية وإنما أن يظهر القتلة الذين سفكوا دماء الأبرياء للقصاص منهم، ويتم الكشف عن الجناة الذين أهدروا دماء الشهداء، ويحدد القانون بعد القصاص للشهداء طرق المصالحة بين فئات الوطن، ولن تكون مصالحة مع الذين تلوثت أيديهم بالدماء البريئة، وللأسف رغم أن مجلس الوزراء يضم فى عضويته وزارة تحمل اسم وزير العدالة الانتقالية إلا أنه اسم على غير مسمى، فهى وزارة مع وقف التنفيذ. القانون الأول الخاص ببناء الكنائس والقانون الثالث الخاص بالعدالة الانتقالية الزم الدستور مجلس النواب بإصدارهما فى دور الانعقاد الأول أى بعد الانتخابات مباشرة وقانون قواعد ندب القضاة حدد الدستور مدة لا يتجاوز 5 سنوات لإصداره ربما فى إطار توفيق الأوضاع. هذه القوانين ستكون محل مناقشات برلمانية مستفيضة، وستعدها لجان مجلس النواب المختصة، ولن تصدر فى غياب البرلمان فى اطار سلطة الرئيس التشريعية حاليًا التى تجعله يصدر قرارات بقوانين فى غيبة البرلمان، لأن الدستور له غاية من اصدارها من خلال البرلمان. ستظل هذه القوانين معطلة مادام البرلمان غائبًا رغم أهميتها القصوى للمجتمع سواء فى تذليل العقبات التى تواجه الإخوة الأقباط عند شروعهم فى بناء الكنائس أو فى ندب القضاة أو فى حقوق شهداء ثورتى 25 يناير و30 يونية، هذه القوانين هى تقليد جديد فى الدستور الحالى يتم فيه تكليف البرلمان بإصدارها كالتزام عليه، وليس من خلال خطة الحكومة التى تعد محفظة التشريعات طبقًا لسلطة رئيس الجمهورية فى اقتراح مشروعات القوانين التى أضيف إليها سلطة مجلس الوزراء يقابلهما حق كل عضو مجلس نواب فى اقتراح مشروعات القوانين وهى قوانين ستأخذ وقتًا كبيرًا من الدراسة والبحث والاعداد والمناقشة لارتباطها بالرأى العام وتعتبر قوانين وصاية من التوصية ومهمة فى نفس الوقت.