فرق كبير بين عاصفة الصحراء - إياها - وعاصفة الحزم الخليجية التى تقودها السعودية. وإذا كانت أمريكا قد أطلقت مبدأ مونرو لمنع أى تدخل من خارج الأمريكتين ضد أى دولة أمريكية.. فإن السعودية تقود تيارًا وطنيًا عربيًا للمحافظة على كل منطقة «شبه الجزيرة العربية» لتظل منطقة عربية خالصة وبالذات تجاه الأطماع الإيرانية، الفارسية، فى المنطقة العربية.. وهى أطماع لم تعد تكتفى بأطماعها فى الشاطئ الغربى للخليج العربى، الشرقى بالنسبة للسعودية والبحرين والإمارات.. بل تمتد هذه الأطماع من شمال شبه الجزيرة، إلى العراق نفسه، الذى تكاد تتحكم طهران فى إدارتها للأوضاع العراقية.. وها هو السيد على يونسى مستشار الرئيس حسن روحانى يتحدث عن استعادة فارس.. للعراق، بل ويرى أن بغداد هى عاصمة الإمبراطورية الفارسية.. مكان المدائن. ولا تكتفى إيران بأطماعها فى العراق وشرق شبه الجزيرة العربية.. بل هى تنطلق لكى تصل إلى البحر الأحمر.. وما دعمها ومساعدتها للحوثيين فى اليمن إلا تنفيذًا لهذه السياسة التوسعية.. ورحم الله صدام حسين عندما أراد أن يتصدى للأطماع الفارسية ودخل فى حرب معها استمرت 8 سنوات عام 1980 إلى 1988، رغم اختلاف الأهداف. المهم أن للسعودية - ومعها دول مجلس التعاون - كل الحق فى التدخل فى اليمن، والسعودية - عندما تفعل ذلك - لا تتصدى لهؤلاء الحوثيين، ولكن وهذا هو الأهم تتصدى للأطماع الإيرانية الحالية. والعمليات العسكرية التى بدأت فجر أمس ضد الحوثيين.. تؤكد وحدة الموقف الخليجى كله.. تماما كما تؤكد وحدة الموقف العربى سواء من الشمال حيث الأردن.. أو من السودان والمغرب.. وأيضا من باكستان. ورغم إعلان الموقف المصرى «الصريح والعاجل» من دعم الضربات الجوية الخليجية بقيادة السعودية ومساهمة فعالة من الإمارات والكويت إلا أن الموقف لم يتضح بعد من احتمالات تدخل عسكرى خليجى مدعم من دول عديدة لردع الحوثيين.. ولمنع وصولهم إلى باب المندب باحتلالهم لمدينة عدن، عاصمة الجنوب التقليدية، هنا يجب أن نتذكر كل مستنقعات الصراع اليمنى، ومن قديم الزمان.. ربما منذ انهار سد مأرب الذى دفع اليمنيين إلى الهجرة لكل الأراضى العربية. والخوف أن يستتبع تدخل قوات برية خليجية.. تدخل إيران عسكريًا مباشرة فى هذا الصراع ولا نستبعد إرسال إيران لدعم عسكرى برى وجوى.. وبحرى لإثبات الوجود الإيرانى من خلال التواجد الحوثى هناك.. وبالتالى تتوسع أجواء هذا الصراع ولا نستبعد تدخل قوات غير إيرانية فى هذا الصراع. إذ ها هو الرئيس اليمنى الشرعى يطالب المجتمع الدولى من خلال مجلس الأمن والأمم المتحدة بالتدخل لحماية الحكومة الشرعية هناك ضد الحوثيين.. وبالتالى - فى حالة تدخل أى قوات برية - قد تتدخل قوى أخرى، من المنطقة أو خارجها، فى هذا الصراع.. وبالتالى تتحول اليمن إلى منطقة صراع اقليمى رهيب قد يدفع قوى أخرى إلى التدخل. وأقصد هنا مصر - وقواتها المسلحة - حقيقة مصر تلتزم عمليًا بقواعد الأمن القومى العربى ولكننا يجب أن نتعلم من حرب اليمن فى أوائل الستينيات عندما بدأ التدخل العسكرى المصرى بكتيبة واحدة وتوسعت حتى صار لمصر - وقتها - أكثر من 50 ألف عسكرى. وهنا مصر بين المطرقة والسندان، فهى ملزمة عمليًا وأخلاقيًا وقوميا بالوقوف مع الأشقاء الأوفياء الذين وقفوا معها وقت الشدة، وما زالوا.. وبين دفاعها عن الأمن القومى المصرى الذى هو قلب الأمن القومى العربى. ولا يمكن هنا أبدًا أن نفصل بين الأمن المصرى وما يمكن أن يصل إليه الحال لو سيطرت قوى معادية لنا على مضيق باب المندب، الذى هو المدخل الجنوبى بل والحقيقى لقناة السويس. وأى تهديد للملاحة - فى باب المندب - يؤدى إلى تهديد الملاحة فى قناة السويس، أى تهديد مباشر للملاحة الدولية.. وهذا يدفع دولا خارجية مثل أمريكا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا إلى التدخل العسكرى، هناك فى منطقة باب المندب. مستنقع اليمن خطير.. وأراه فخًا محكمًا لاستنزاف ثروات وقوى دول مجلس التعاون كلها، وأيضا لاستنزف وإرهاق القوات المسلحة المصرية، وهذا من أهم أهداف ما يجرى فى اليمن الآن. ولكننا لا يمكن أبدًا أن نتخلى عن الأشقاء.. مهما كان الثمن.