لعل صفة الغدر والخيانة أصبحت المحرك الرئيسى لجرائم القتل, وبعد ارتكاب الجريمة النكراء وإزهاق دماء بريئة, يتهم الجناة - الزمن – والظروف والضائقة المالية والغلاء.. إلخ. وهم يعلمون بداخل أنفسهم أن نفوسهم الحاقدة وضمائرهم الميتة واستعدادهم الفطرى للخيانة هى السبب الحقيقى فى المصير الذى وصلوا إليه من إهدار دم برىء وسجن مؤبد أو حتى انتظار حكم الإعدام فى زنزانة ضيقة لا تدخلها شمس الحياة, عقاباً على ما اقترفته أياديهم من إثم تفزع له النسور وتشق له السماوات! وجريمة اليوم نموذج صادق ومعبر عن هذه الطبيعة البشرية المتعطشة للدم والمتربصة للقتل من أجل خاطر دار فى الذهن أو إيجاد حل لمشكله بسيطة وتافهة حتى لو ضاعت فيها حياة إنسان, فهذا صاحب ورشة دوكو سيارات فى منطقة سيجر بطنطا, مر كما يمر معظم الناس الطيبين بضائقة مالية, وبدلاً من البحث عن وسيلة طبيعية لحلها أو حتى تحمل مشقتها, فكر فى قتل أعز أصدقائه الذى يتاجر معه فى السيارات المستعملة. هداه تفكيره الشيطانى إلى طلبه بحجة وجود سيارة «لُقطة» للبيع، وشدد على حضوره ببضع آلاف من الجنيهات لإنهاء الصفقة الرابحة, وبالفعل حضر الصديق الطيب, وفور دخوله الورشة عاجله صديقه من الخلف بسلاح أبيض فى عنقه حتى سقط وسط بركة من الدماء, وعندما تأكد من موته أخذ فى البحث عن النقود, ولكنه أسقط فى يده عندما لم يجد أى نقود؟!.. ولأن شيطانه كان حاضراً وبسرعة أوعز إليه بلف الجثة فى غطاء سيارة للتخلص منها, حيث عثر عليها. كان اللواء أسامة بدير مدير أمن الغربية تلقى بلاغاً من العميد حاتم عبدالله مأمور مركز طنطا بالعثور على جثة لشخص ملقاة على جانب الطريق الفرعى (كفر مسعود – كفر الشرفا) على مقربة من قرية كفر مسعود – دائرة المركز. انتقل المقدم سامى الروينى رئيس مباحث المركز لمعاينة الجثة، وتبين أنها لشخص يدعي «أحمد» مقيم بقرية قصر بغداد – مركز كفر الزيات، والجثة مسجاة على ظهرها أرضاً ويرتدى ملابسه كاملة وينتعل حذاء (كوتشى) وملفوفة داخل (2 غطاء سيارة) وبمناظرتها تبين وجود آثار جرح طعنى غائر بالعنق من الخلف بالجهة اليسرى، وعثر بطيات ملابسه على «جهاز محمول – 705 جنيهات - كارنيه خاص بالمجنى عليه – رخصة قيادة خاصة صادرة من وحدة مرور كفر الزيات باسمه – حافظة جلدية سوداء اللون بها بعض الأوراق فيزا كارت وبعض الصور الشخصية ومفتاح»، وتم نقل الجثة لمشرحة مستشفى طنطا الجامعى، وقررت النيابة العامة ندب الطبيب الشرعى لتشريح الجثة لبيان ما بها من إصابات والتصريح بالدفن. ونظراً لما يمثله الحادث من خطورة إجرامية انعكس آثارها بصورة سلبية على المواطنين بالمنطقة، تم تشكيل فريق بقيادة العميد عبداللطيف الحناوى مدير إدارة البحث الجنائى وبرئاسة العميد بهاء البطراوى رئيس مباحث المديرية، وضم العقيد وليد الصواف مفتش المباحث والرائد سامى الروينى رئيس مباحث المركز، وكشفت تحريات فريق البحث أن وراء ارتكاب الحادث «ع. ح. أ» صاحب ورشة دوكو سيارات بمنطقة سيجر – أول طنطا – مقيم بقرية ميت حبيش البحرية – دائرة المركز، نظراً لمروره بضائقة مالية عقد العزم على التخلص من المجنى عليه للاستيلاء على ما بحوزته من مبالغ مالية لفك ضائقته حيث تربطه علاقة بالمجنى عليه من خلال السمسرة فى تجارة السيارات المستعملة، وعقب تقنين الإجراءات تمكن ضباط فريق البحث من ضبط المتهم وبمواجهته بما أسفرت عنه التحريات، أقر بصحتها واعترف بارتكاب الواقعة وقيامه باستدراج المجنى عليه الى داخل الورشة الخاصة به بدعوى عرض إحدى السيارات عليه لشرائها واعتقاده بحيازة المجنى عليه مبلغاً مالياً كبيراً، وقام بمغافلته والتعدى عليه بسكين خاص بسمكرة السيارات، وإحداث إصابته والإجهاز عليه بخنقه بيده إمعاناً منه فى إزهاق روحه، وعقب قيامه بالتأكد من لفظ المجنى عليه أنفاسه الأخيرة، قام بالبحث بين طيات ملابسه على المبلغ المالى الذى أحضره لشراء السيارة فلم يجده، وخوفاً من اكتشاف أمره داخل الورشة فقام بلف الجثة داخل (2) غطاء سيارة أحدهما خاص بالسيارة 9513 ع و س (ملاكى) ملك «م. م. ع. م» أستاذ بكلية التربية - جامعة طنطا - مقيم بمنطقة سيجر - أول طنطا، والآخر خاص بالسيارة 2378 ع أ ط (ملاكى) ملك «س. أ. م. س» مقيم بمنطقة سيجر - أول طنطا، واللتان داخل الورشة للطلاء، ونقلها بالسيارة رقم 5813 ع ط ب (ملاكى) ملك «م. ر. ع. ر» مقيمة دائرة قسم أول طنطا، التى تصادف وجودها داخل الورشة للطلاء إلى مكان التخلص الذى عثر به على جثة المجنى عليه. بمعاينة السيارة لوحظ وجود آثار دماء بالمقعد الخلفى، وتم التحفظ عليها، وبإرشاد المتهم، تم التحفظ علي الأداة المستخدمة فى ارتكاب الحادث وأقر مالكو الأغطية الملفوف بها جثمان المجنى عليه بأن هذه الأغطية كانت بالسيارات الخاصة بهم طرف المتهم بورشته للطلاء.