كتاب جديد للكاتب الصحفي علاء عريبى صدر مؤخرا عن دار أكتب للنشر والتوزيع بعنوان" فتاوى لها تاريخ قراءة في الخطاب الديني الحكومي، الكتاب جاء في أربعة فصول، يناقش عريبى فيها بعض فتاوى دار الإفتاء المصرية منذ ما يقرب 130 سنه، بدءا من تولى الشيخ حسونة النواوى وحتى انتهاء فترة الدكتور على جمعة. من القضايا الهامة التي تعرض عريبى لها في كتابه، واقعة نجاة الرسول من كفار قريش وهروبه إلى المدينة، إذ يستعرض الروايات المختلفة للواقعة ويشكك في مصداقيتها، عريبى بدأ الواقعة بسؤالين، الأول هو: كيف هرب الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة؟، والثاني: كيف يترك الرسول ابن عمه الصبي ينام في فراشه معرضا حياته للخطر؟ ثم استعرض الروايات التي وصلتنا عن الواقعة، الأولى توضح هروبه بتدخل من السماء، فتروى كتب السيرة أن الرسول عرف من سيدنا جبريل باعتزام الكفار على اقتحام منزله ليلا وقتله، اتفق مع على بن أبى طالب أن ينام في فراشه، وقبل هروبه من المنزل كان الكفار يحاصرون المنزل، وهنا تدخلت السماء لمرة الثانية بمعجزة، حيث أعمى الله عز وجل الكفار، ولم يروا سيدنا محمد عند خروجه من الدار، حتى أنه نثر عليهم التراب وهو يمر من بينهم. عريبى تساءل هنا: إذا كانت السماء قد تدخلت لإنقاذ الرسول، فلماذا نام ابن عمه في الفراش؟، وكيف قبل الرسول بنوم على بن أبى طالب في فراشه معرضا حياته للخطر؟ الرواية الثانية هي رواية بشرية خالصة، إذ يروى إن سيدنا محمد عندما علم بنية الكفار، جمع بعض أغراضه وذهب إلى منزل صديقه أبو بكر الصديق، وهربا معا من فتحه في جدار خلف منزله، وهنا عريبى يتساءل بأي الروايتين نأخذ؟، وكيف فر الرسول من مكة؟، هل بمعجزة إلهية أم بحيلة بشرية؟. وفي مقدمة الكتاب وضع علاء عريبى يده على أهم سلبيات فتاوى العصر الحديث، وتمثلت في: 1 اعتماد المفتى على النقل، حيث يستدعى الموروث المتشابه في المذهب. 2 العمل برأي الأغلبية بشكل آلي دون مراجعة أو تحقيق. 3 توافق الفتوى وإرادة الحاكم وسياسته. 4 امتلاك الحاكم مبادرة ودفة التجديد بالخطاب في شكل قرارات أو قوانين، إذ كان للقوانين دائما فضل السبق فى تجديد الخطاب الديني، حيث كانت تتجاوز الموروث الفقهي بوضع قوانين تتعارض معه، وهو ما كان يدفع من يتولون دار الإفتاء إلى إنتاج فتاوى فيما بعد تتوافق والخطاب الحكومي. كتاب فتاوى لها تاريخ قراءة في الخطاب الديني الحكومي صدر عن دار أكتب للنشر والتوزيع، ويتم توزيعه بالمكتبات خلال معرض الكتاب القادم، سبق وصدر لعريبى كتاب" البكورية فى المجتمع التوراتي دراسة فى ديانات الشرق الأدنى القديم، صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2005، وكتاب" قبر يوسف النبي بين المرويات التاريخية والنصوص الأثرية"، عن مركز زايد للدراسات السياسية والتاريخية بأبوظبى سنة 2003، وله تحت الطبع مصحف فاطمة دراسة فى أدبيات الشيعة، والحصون السبعة قصة محاربة الإمام على بن أبى طالب لمك الجن. وكان قد تناول الكاتب فى الفصل الأول القضايا الخاصة بالمرأة، حيث يبين كيف نظر الفقه التابع للحكومة أو الفقه الحديث للمرأة ومكانتها ومشاكلها داخل الأسرة والمجتمع، إذ ناقش عريبى فى هذا الفصل قضايا على قدر كبير من الأهمية والحساسية، مثل مشكلة نفقة الزوجة، هل الزوج ملزم بالإنفاق على زوجته خلال مرضها؟، من الذي يتحمل نفقة الطبيب والأدوية؟، هل تتحملها الزوجة من أموالها الخاصة أم تتحملها أسرتها: الأب أو الأشقاء، أم يتحملها الزوج؟، وماذا عن نفقات القابلة(الداية)؟، هل يسددها الزوج لأنها تقوم على توليد زوجته أم تتحملها الزوجة لأنها جاءت بناء على طلبها؟. وناقش في نفس الفصل مشكلة ميراث أبناء الفتاة المغتصبة، هل ترث هي وأطفالها من تركة من قام باغتصابها فى حالة وفاته؟، وهذه القضية للأسف تذكرنا بمشكلة أبناء العبيد في الجاهلية، لمالكها أن يطأها وفى حالة إنجابها منحه العرف حرية الاعتراف بالطفل أو إنكاره، ويترتب على إنكاره الطفل عدم حصوله على نصيب من تركته، فقهاء في قضية أطفال المغتصبة أفتوا بعدم توريث الأطفال من تركة والدهم لعدم اعترافه بهم، كما أنه لم يعقد على والدتهم، واكتفى الفقهاء بتوريث الأطفال من الأم فقط، وقد أخذ المفتين بدار الإفتاء المصرية برأي من سبقوهم، عريبى في نهاية هذه المسألة أشار إلى اختلاف العصر وتطور العلم، حيث أصبح بفضل تحليل ال "دى إن أيه" تحديد والد الطفل، فلماذا لا نستفيد من هذا التطور العلمي فى الفتوى نمنح أطفال المغتصبة نصيبهم من تركة والدهم الذي تحدده نتيجة التحاليل؟. كما ناقش مشكلة جائزة المرأة في الجنة، إذا كان الرجل سوف يفوز بحور العين، فماذا عن المرأة؟، هل سيهبها الله حور عين من الذكور؟، هل سيحولها هى إلى حور عين؟، كما ناقش فى نفس السياق مكانة المرأة من زوجها فى الجنة، هل ستظل زوجة له وتعيش معه؟، وماذا عن المرأة التي تكره زوجها؟، هل ستجبر على العيش معه فى الجنة؟، وماذا عن المطلقة؟، وماذا عن الغيرة النسائية بسبب تعدد الزوجات؟، وهل تغار الزوجة من الحور العين؟.