يُصادف اليوم ذكرى الإعلان عن فوز حزب الوفد بأول انتخابات برلمانية في مصر عام 1924م، والذي يعد من أكبر وأعرق الأحزاب المصرية، حيث كان يُعرف بحزب الأغلبية، إذ يضم معظم أطياف وفئات الشعب، كونه حزب سياسي شعبي ليبرالي، بالإضافة إلى كونه الحزب الحاكم قبل قيام ثورة 23 يوليو 1952، التي أنهت عهد الملكية، وحولت البلاد إلى النظام الجمهوري. وتكون حزب الوفد بهدف تحقيق العديد من المبادئ والأهداف الوطنية والانسانية، ومن أهمها إجراء إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية داخل مصر، وتعزيز الديمقراطية، وحماية حقوق الإنسان، والحفاظ على الوحدة الوطنية بين المصريين، والتمسك بميثاق الأممالمتحدة وجامعة الدول العربية، والاعتراف بعروبة فلسطين، والعمل على رفاهية الشعب وترقيته عن طريق النظام الليبرالي، ودعم النظام الدستوري الديمقراطي، بالإضافة إلى دعم دور الشباب وتمكينهم. وتأسس حزب الوفد على يد سعد زغلول، الذى أنشأ فكرة تأليف "وفد مصري" للدفاع عن قضية مصر سنة 1918م، حيث دعا أصحابه للتجمع بمسجد "وصيف"، للتحدث والبحث في الامور السياسية المصرية بعد الهدنة التى أعقبت الحرب العالمية الأولى. وتشكل الوفد المصري، من عدد من الزعماء الوطنيين وعلى رأسهم سعد زغلول، وعبد العزيز فهمي، وعلي شعراوي، وأحمد لطفي، السيد وآخرين، عقب جمعهم لعدد كبير من توقيعات أصحاب الشأن وذلك بقصد إثبات صفتهم التمثيلية، والسعي بالطرق السلمية المشروعة لاستقلال مصر تطبيقاً لمبادئ الحرية والعدل. واعتقل سعد زغلول ونفي إلى مالطة هو ومجموعة من رفاقه في 8 مارس 1919 م، فانفجرت ثورة 1919، التي كانت من أهم العوامل التي سعت على تنصيبه سعد زغلول كزعيم شعبي، وتمكين الوفد كحزب للأغلبية. ومن أبرز شخصيات حزب الوفد الذين تولوا رئاسة الوزراء سعد زغلول، عبد الخالق ثروت، ومصطفى النحاس، والذي تولى مرات عديدة رئاسة الوزارة قبل قيام ثورة يوليو 1952، والتي قامت بحل الأحزاب السياسية المصرية القائمة، بما فيها حزب الوفد في يناير 1953، ولم يعد الحزب إلى نشاطه السياسي إلا في عهد الرئيس أنور السادات، الذى سمح بالتعددية الحزبية عقب حرب أكتوبر 1973، وعقد اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، بعدما عاشت مصر تجربة الحزب الواحد "الاتحاد الاشتراكي" لمدة تقرب من ربع قرن. عقب قيام الرئيس المصري أنور السادات السماح بعودة التعددية الحزبية، طالب فؤاد سراج الدين، الذى كان عضواً في حزب الوفد سنة 1946م، ثم سكرتيراً عامًّا للحزب سنة 1948م، ثم تم اختياره وزيراً بوزارات الزراعة والداخلية والشؤون الاجتماعية، ثم وزيراً للداخلية والمالية معاً سنة 1950م، السماح لحزب الوفد بممارسة العمل الحزبي العلني في يناير 1978، الأمر الذي أثار استياء السادات وأجهزة الدولة الأخرى، التي شنت حملة ضد الحزب، ركزت على أن الوفد هو حزب العهد البائد والفاسد في عهد ما قبل الثورة. وعلى الرغم من هذه التحديات والعقبات التى واجهها الوفد، فقد حصل على موافقة لجنة الأحزاب لتأسيسه في 4 فبراير 1978، إلا أن استمرار الحملة الحكومية ضده، والتحذير من أنه سوف يضر التجربة الحزبية الجديدة، دفعت قادة حزب الوفد إلى إعلان تجميده طواعية، منعاً لصدام كان متوقعاً مع السلطة، حيث حدثت عدة مضايقات لقادة الوفد، كان أقصاها اعتقال "فؤاد سراج الدين" رئيس حزب الوفد الجديد، ضمن قرارات سبتمبر 1981، والتي اعتقل بموجبها عشرات السياسيين المصريين، بناء على قرار من الرئيس السادات. وعقب اغتيال السادات، تولي الرئيس الاسبق محمد حسني مبارك رئاسة مصر، وقام بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وأعلن عودة حزب الوفد إلى العمل السياسي ووقف القرار السابق بتجميده، إلى أن رفعت هيئة قضايا الدولة المصرية دعوى قضائية بعدم جواز عودة الوفد، على اعتبار أن الحزب حل نفسه. وطعن الوفد في الحكم موضحاً حيثياته بأنه قد جمد نفسه ولم يحل الحزب، فقررت محكمة القضاء الإداري رفض دعوى الحكومة، والحكم بشرعية عودة الوفد، ليعود إلى ممارسة نشاطه السياسي بشكل رسمي في عام 1984. وفي 9 أغسطس 2000 توفى زعيم الحزب فؤاد سراج الدين، وانتخب من بعده نعمان جمعة رئيسا للحزب حتى إبريل 2006، وذلك عقب وقوع الكثير من الصراعات والانقسامات داخل الحزب الذى انقسم إلى جبهتين واحدة مؤيدة لنعمان جمعة والأخرى مؤيدة لمحمود أباظة. وتضم الهيئة العليا لحزب الوفد 50 عضواً، وتم انتخابها في يونيو 2006. ويرأس الحزب حالياً الدكتور السيد البدوي منذ مايو 2010 بعد الانتخابات التي أجريت على رئاسة الحزب بينه وبين الرئيس السابق للحزب محمود أباظة، والتي انتهت بفوز البدوي بفارق 209 صوتاً، ثم فاز البدوي في انتخابات 2014 على منافسه فؤاد بدراوي. وبحسب اللائحة الداخلية للحزب فإن الهيئة الوفدية تتكون من أعضاء الهيئة العليا، وأعضاء الهيئة البرلمانية للحزب الحاليين والسابقين، وأعضاء اللجان العامة بالمحافظات ورؤساء اللجان المركزية بالمراكز ورؤساء اللجان المحلية بالمدن والأقسام، وأعضاء اللجان النوعية المتخصصة، وأعضاء هيئات مكاتب اللجان العامة للشباب والمرأة في المحافظات. وخاض حزب الوفد العديد من الانتخابات التشريعية في مصر، من أبرزها انتخابات مجلس الشعب عام 1984، التى خاضها متحالفاً مع جماعة الإخوان الإرهابية في مصر، وفاز فيها بنتيجة 57 مقعداً في المجلس، وفى انتخابات 1987، قرر الوفد عدم التحالف مجددا مع جماعة الاخوان وخوض الانتخابات بمفرده، وفاز بنتيجة 35 مقعداً. وأعلن الوفد مقاطعته لانتخابات 1990، ضمن عدد من الاحزاب الاخرى المعارضة، احتجاجاً على عدم توفير الحكومة المصرية الضمانات الكافية لخروج الانتخابات بصورة حرة، بالاضافة الى رفض الرئيس مبارك التخلي عن رئاسة الحزب الوطني، ورفض الحكومة إلغاء قانون الطوارئ المعمول به منذ اغتيال الرئيس السادات عام 1981. كما خاض الحزب انتخابات مجلس الشعب عام 1995، ليفوز بستة مقاعد في البرلمان، كما حصل على سبعة مقاعد فى انتخابات عام 2000، وخمسة مقاعد انتخابات2005. وحصل حزب الوفد على 39 مقعداً خلال انتخابات مجلس الشعب 2011-2012 . وخاض الحزب انتخابات الرئاسة المصرية في 2005، بترشيح نعمان جمعة عن الحزب، وحصل على المركز الثالث بعد الرئيس حسني مبارك وأيمن نور مؤسس حزب الغد إذ حصل على 201,891 صوت من إجمالي 7,059,010 صوت، ليمثل نسبة 2,8% من إجمالي عدد الأصوات.