أكد جمال نجم نائب محافظ البنك المركزي المصري، أن السلطات الرقابية تسعى الى تحقيق الاستقرار في النظام المالي من خلال التأكيد على احتفاظ البنوك برؤوس الأموال الكافية التي تسمح بامتصاص ما قد تتكبده من خسائر. جاء ذلك خلال منتدي الاجراءات الرقابية الاحترازية والممارسات السليمة لادارة المخاطر نظمه اتحاد المصارف العربية بشرم الشيخ بالقاهرة. وقال جمال نجم: إن الجهاز المصرفي يلعب دوراً هاماً في الاقتصاد القومي لأى دولة باعتباره وسيطاً مالياً بين المودعين والمقترضين، وبالتالي فإن أي مشاكل أو أزمات قد يتعرض لها سوف تنعكس بشكل سلبى على أداء الاقتصاد، لذلك يقع على عاتق البنوك المركزية مسئولية تحقيق الاستقرار المالى والحد من المخاطر النظامية، كما يجب على البنوك المركزية سرعة اتخاذ الاجراءات اللازمة للتعامل مع البنوك التي تعانى من مشاكل هيكلية وأزمات فى السيولة (البنوك الضعيف) والعمل على علاجها. وأضاف ان البنوك يجب عليها الاحتفاظ برؤوس أموال يرتبط بحجم المخاطر التي تتعرض لها، إلا أن احتساب «رأس المال النظامي» يختلف عن «رأس المال الاقتصادي» الذي تقوم البنوك نفسها باحتسابه، ويعود ذلك الى اختلاف هامش المخاطرة المسموح به وإلى اختلاف المناهج الواجب اعتمادها لقياس مختلف أنواع المخاطر موضحا أن متطلبات «رأس المال النظامي» تعتبر إحدى أهم ركائز القطاع المصرفى، والتي تتضمن كافة مكونات رأس المال بالإضافة الى المناهج والطرق الواجب اعتمادها عند احتساب معيار كفاية رأس المال. وألمح نجم الي أن الازمة المالية العالمية 2007-2008 كشفت عن نقاط ضعف في مقررات بازل 2 مما أدي الي قيام بازل بإدخال تحسينات عديدة علي معايير كفاية رأس المالي النظامي، واصدار مقررات بازل 3 والتي تلزم البنوك بتحصين نفسها جيداً ضد المخاطر المختلفة، والتغلب بمفردها على الاضطرابات المالية التي من الممكن أن تتعرض لها من دون مساعدة أو تدخل البنك المركزي أو الحكومة قدر ما أمكن، وتهدف الي زيادة متطلبات رأس المال وتحسين جودة رأس المال للقطاع المصرفى حتى يتسنى له تحمل الخسائر خلال فترات التقلبات الاقتصادية الدورية. وأشار إلي أن «بازل 3» الزمت البنوك بالاحتفاظ بقدر من رأس المال عالى الجودة تحت مسمى (رأس المال الأساسي) ويتألف من رأس المال المدفوع والأرباح المحتفظ بها ويعادل %4,5 على الأقل من الاصول الخطرة بزيادة على النسبة الحالية والمقدرة ب 2% وفق اتفاقية بازل 2 و تكوين احتياطي اضافى منفصل يتألف من أسهم عادية ويعادل 2.5 % من الأصول، أي أن البنوك يجب أن تزيد قيمة رأس المال الممتاز الذي تحتفظ به لمواجهة الصدمات المستقبلية إلى ثلاثة أضعاف ليبلغ نسبة 7% وفى حالة انخفاض نسبة الأموال الاحتياطية عن 7% يمكن للسلطات المالية أن تفرض قيوداً على توزيع البنوك للأرباح على المساهمين أو منح المكافآت المالية لموظفيهم، ورغم الصرامة في المعايير الجديدة فإن المدة الزمنية لتطبيق هذه المعايير والتي ستصل إلى عام 2019، مما أدى الى تخفيف العبء الرأسمالى على البنوك. وتابع نجم أن بازل 3 تلزم البنوك بالاحتفاظ باحتياطى إضافى لمواجهة الآثار السلبية المترتبة على حركة الدورة الاقتصادية بنسبة تتراوح ما بين صفر الي 2.5% وربطها بمعدل نمو الائتمان الى الناتج المحلى الاجمالى. وطالب جمال نجم بضرورة التعاون والتنسيق بين البنوك المركزية على تعزيز دور الإجراءات الرقابية الاحترازية في الحد من المخاطر النظامية وحماية الاستقرار المالى بالمنطقة والضوابط الرقابية فى تحديد البنوك الضعيفة وآليات الدعم، ورأس المال النظامي والاحتياطيات الرأسمالية الجديدة وفقا لبازل III، بالإضافة الى اختبارات التحمل والممارسات السليمة لإدارة المخاطر، ودور البنوك المركزية في الرقابة على النماذج الداخلية والحوكمة والأزمات المالية ونظم التنبؤ والإنذار المبكر. أكد محمد بركات رئيس اتحاد المصارف العربية ضرورة متابعة المصارف العربية للمعايير الدولية المصرفية وتطبيقها لتحصين القطاع المصرفي العربي من الأزمات المحتملة. وألمح الي أن اتحاد المصارف العربية يعقد آمالاً في أن تساهم المعايير والقواعد الجديدة في إدارة المخاطر التي تضعها لجنة بازل والهيئات الرقابية الوطنية في تعزز قدرة المصارف على الصمود في وجه أية صدمات. وأضاف «بركات» أن الأزمة المالية كشف عن أن المصارف لم تكن تقوم بشكل ثابت ومستمر بقياس وضبط الانكشاف للمخاطر المتعلقة بطرف مقابل واحد أو بمجموعة من الأطراف المقابلة المترابطة. وهو ما دفع لجنة بازل في سبتمبر 2012 الي مخاطبة المراقبين بمطالبة المصارف باعتماد سياسات وعمليات ملائمة لتحديد تركزات المخاطر في الوقت المناسب، وقياسها، وتقييمها، ومراقبتها، والتبليغ عنها، وضبطها، والحد منها. كما يتعيّن على المراقبين العمل على الحد من تعرض المصارف لمخاطر ائتمانية متعلقة بطرف مقابل واحد أو بمجموعة من الأطراف المقابلة المترابطة. وتابع أن لجنة بازل اصدرت في ابريل الماضي إطاراً رقابياً متخصصاً بمخاطر التركز الائتماني، تتمثل في أنه لا يجب أن يكون مجموع قيم المخاطر الائتمانية للمصرف إزاء طرف مقابل واحد أو مجموعة من الأطراف المقابلة المترابطة أكثر من 25% من قاعدة رأس المال المتاح ومستوفي الشروط في المصرف في كافة الأوقات. وتساوي قاعدة رأس المال المستوفي الشروط القيمة الفعلية لرأس المال الأساسي وفقاً لبازل ويجب تبليغ المراقب فوراً بأي خرق للحد المقرر بهدف تصويبه بسرعة. وأضاف بركات أن المصارف بدأت التركيز علي تطبيق الحوكمة بعد الأزمة المالية العالمية، وركزت وثيقة بازل علي الحوكمة من خلال التشديد على اضطلاع مجلس الإدارة المصرف بمسئوليته، وخاصة ما يتعلق باستراتيجية المصرف وأعماله ومخاطره، وتنظيمه، والسلامة المالية، وقيام الإدارة العليا بالتأكد من أن أنشطة المصرف تتفق مع استراتيجية الأعمال، والسياسات التي وافق عليها مجلس الإدارة. ووجوب أن يكون لدى المصرف وظيفة مستقلة لإدارة المخاطر مع سُلطة، ومكانة، واستقلالية، وموارد كافية، وإمكانية إبلاغ معلوماتها إلى المجلس. والإفصاح والشفافية. وأشار إلي أن لجنة بازل شددت علي أن تصبح اختبارات الضغط جزءاً لا يتجزأ من أدوات إدارة المخاطر المستخدمة من قبل إدارة المصرف لتوفير تقييم تطلعي للمخاطر. ودعم إجراءات التخطيط للسيولة ورأس المال وتحديد قدرة المصرف على تحمل المخاطر. وتطوير خطط طوارئ لمجموعة من الظروف الضاغطة. وألمح الي ان لجنة بازل كان لها دور ريادي حيث اصدرت قواعد ومعايير جديدة بازل 3، وتبنت مجموعة قمة العشرين بواشنطن قضية اصلاح النظام المالي وركزت علي تعزيز صمود المؤسسات المالية وانهاء نظرية البنك الضخم لا يفلس وتحويل التمويل السريع الي تمويل شفاف وجعل أسواق المشتقات المالية أكثر أمنا. وقال رئيس اتحاد المصارف العربية إن الأزمة المالية العالمية التي انفجرت عام 2008 كشف عن نقاط الضعف في النظام المالي العالمي، والتي منها الاستثمارات فائقة المخاطر، وعمليات التسنيد وإعادة التسنيد المعقدة، وتركزات عالية في الائتمان والاستثمار، وإدارة سيئة للمخاطر، وضعف الشفافية، وفي إدارة وتخطيط سيئين لرأس المال والسيولة، مشيرا الي انه نتيجة لهذه الازمة قامت الهيئات الرقابية الدولية والمحلية بمعالجة نقاط الضعف لحماية المصارف من الصدمات. وأشار إلي أن الأزمة المالية أظهرت اهمية حسن إدارة السيولة، فقد أدي الاخفاق في ادارة مخاطر السيولة بشكل سليم الي إفلاس عدد من المصارف، وهو ما دفع بازل الي اصدار وثيقة تهدف إلى تعزيز وضعية سيولة المصرف على المدى القصير، و تخفيض مخاطر التمويل على مدى زمني أطول. وأضاف هشام عكاشة، نائب رئيس مجلس ادارة اتحاد بنوك مصر، أن السنوات الماضية شهدت الكثير من المخاطر الصعبة والضخمة علي أي دولة واقتصاد مثل الانفلات الأمني واضطرابات سياسية وانخفاض متتال للتصنيف الإئتماني وزيادة تكلفة العمليات التجارية، مشيرا الي ان الجهاز المصرفي استطاع عبور هذه الأزمة بفضل الاصلاح المصرفي الذي تم خلال العشر سنوات الماضية هي التي مكنته البنوك من تجاوز الأزمة. وألمح إلي أن المؤسسات الدولية كانت تنتقد الجهاز المصرفي في عمليات الإصلاح التي قام بها، مثل عمليات الدمج لبنوك وامتلاك البنك المركزي لبنك تجاري، ولكن بعد الأزمة المالية قامت الدول المتقدمة بعمل نفس ما قامت به مصر وأكثر للتدخل لإنقاذ البنوك المصرية. قال اللواء محمود ابراهيم رئيس مدينة شرم الشيخ إن الدول العربية تعاني من مخاطر مرتفعة وهزة عنيفة للاقتصاد في الكثير من الدول مثل مصر وليبيا وسوريا واليمن والعراق وغيرها من الدول وهو ما يتطلب من البنوك العربية ضرورة العمل علي مساعدة الدول والحكومات للخروج من هذه الهزة الارضية.