لاشك أن ما حدث مؤخراً في سيناء يدل علي أن هناك تغيراً نوعياً في استراتيجية العمليات الإرهابية، وإن كانت أصابع الاتهام تشير إلي وجود عناصر خارجية قدمت دعماً علي أعلي مستوي للعناصر الإرهابية الموجودة في الداخل لارتكاب هذا الحادث المفجع، فنوعية السلاح وأسلوب التخطيط يؤكدان وجود هدف واحد وهو زعزعة أمن واستقرار البلاد، لذا طالب الخبراء العسكريون بضرورة الحذر خلال المرحلة القادمة، وعلي القوات المسلحة اتباع استراتيجية جديدة لمواجهة هذا العدو. اللواء سيد الجابري، الخبير الاستراتيجي، يري أن هناك تطوراً نوعياً في خطط الهجوم الإرهابي، فحادث سيناء الأخير يتشابه مع حادث الفرافرة، وهذا يؤكد أن التخطيط لتلك العمليات لا يمكن أن تقوم به إلا أجهزة مخابرات لدول معادية لمصر، وهذا ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسي وتصريحات المسئولين، فالحادث جاء بعد القضاء علي التنظيمات الإرهابية الموجودة في سيناء، مما يدل علي أننا الآن أصبحنا في الموجة الثالثة من الإرهاب، وهذا التدخل الخارجي، هو محاولة لزعزعة أمن واستقرار البلاد، بعد أن شهدت مصر حالة من الاستقرار مؤخراً، وبدأت تستعيد قوتها بمشاريع عملاقة، فالأمن القومي ليس أمناً عسكرياً فقط، بل هو أمن اقتصادي وسياسي أيضاً، فمحاولة إسقاط الدولة يؤكد أن مصر تتعرض لحرب شرسة، لكن الجيش والشرطة قادران علي الانتصار لما تملكه مصر من خبرات، لكننا نحتاج لاستراتيجية جديدة ذات بعد داخلي وإقليمي ودولي للمواجهة، فالبعد الدولي، يتطلب أن يقوم التحالف الدولي الذي أعلن الحرب علي «داعش» بإمداد مصر بالأسلحة والمعدات والأجهزة الحديثة اللازمة لمواجهة الإرهاب، ويجب أن تتحرك الدبلوماسية المصرية بخطي سريعة خلال الفترة القادمة، وعلي المستوي الإقليمي أري أن القوات المسلحة المصرية تواجه الآن حرباً شرسة، وبما أنها هي الحصن الحصين لمصر والوطن العربي، فقد آن الأوان أن يحدث تكامل عربي علي الصعيد العسكري لمقاومة الإرهاب، وعلي المستوي المحلي، لابد من اتخاذ الحكومة لإجراءات حاسمة، لكي تسبق الإرهاب ولو بخطوات. ويشارك اللواء سيد الجابري في الرأي، الدكتور نبيل فؤاد، الخبير السياسي والاستراتيجي، مؤكداً أن هناك تطوراً في فكر وأسلوب العمليات الإرهابية التي بدأت تشهدها سيناء مؤخراً، وهذا يدل علي أن هناك مساعدات من جهات خارجية مدربة علي ارتكاب تلك العمليات، كما شاهدنا من قبل ما حدث خلال ثورة يناير من اقتحام للسجون، بأساليب لم نشهدها من قبل، لذا نجد أن ما حدث مؤخراً في سيناء يؤكد أن مستوي تدريب تلك الجهات فاق تدريب التنظيمات الإرهابية الموجودة في سيناء، وهذا الحادث هو الأشد عنفاً نظراً لنوعية الدعم الخارجي، فالصراع هذه المرة جاء عن طريق عناصر دولية بمساعدة من عناصر داخلية، وكلاهما له أهدافه، لكن الأمر يحتاج لمزيد من الوقت لمواجهة هذا الإرهاب. ويري «فؤاد» أنه رغم ما اتخذته القوات المسلحة من إجراءات يمكن من خلالها السيطرة علي الأمر، إلا أنها لن تتمكن من القضاء علي تلك العمليات الإرهابية بسهولة، لأن الأمر سيحتاج لمزيد من الوقت، لكننا بلا شك قادرون علي المواجهة وتحقيق النصر. أحمد بان، الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، يري أن بصمات هذا الحادث تدل علي أن من قام بجرائم يوم الجمعة هم أنصار جماعة بيت المقدس، الذين استطاعوا إدخال تلك الأسلحة من قبل، لكنهم لم يقوموا بتلك العملية الإرهابية بمفردهم، فالحادث يشير إلي أنهم تلقوا الدعم من مجموعة ما لتنفيذ هذا المخطط ولا أستبعد أن تكون إسرائيل وراء هذا الهجوم الإرهابي الذي تم تنفيذه بناء علي وجود فجوات لدينا متعلقة بتدريب قوات الجيش المصري، وتسليحه، ونوعية المعدات، ولا شك أن تلك المجموعات المنفذة للمخطط قامت بمتابعة وتصوير ذلك ولديها معلومات دقيقة عن الجيش المصري، تم التقاطها عن طريق الأقمار الصناعية، فحجم الاستعدادات والتنفيذ يؤكد وجود دعم إسرائيلي، في الوقت الذي تبدو فيه كفاءة الأمن لدينا ضعيفة، فالمواجهة الحاسمة تبدو غائبة الآن، لذا نحتاج لمزيد من الحسم، وتطبيق استراتيجية أقوي لمواجهة هذا العدو الذي تمكن من جمع معلومات كثيرة عن الجيش المصري من أجل زعزعة أمن واستقرار البلاد.