لاشك أن لدينا أزمة في غياب الإعلام الحكومي والخاص عن متابعة الأنشطة الثقافية والفنية بالشكل المؤثر والداعم للشباب الموهوب في الجامعات وقصور الثقافة والمصانع ومراكز الشباب وغيرها من المواقع الشبابية في مجالات الإبداع بكل أشكالها الفنية والأدبية .. ولعل المشروع الرائع الذي أعلن عنه المايسترو الرائع «سليم سحاب» عن تكوين فريق كورال ضخم يضم إليه أطفال وشباب يعيشون حالة ضياع وتوهان في شوارع المحروسة وملاجئ الأيتام.. مشروع إبداعي وإنساني اجتماعي كنا نأمل متابعته وإبراز خطوات إنجازاته ودعوة المسئولين لرعايته عبر الصحافة المعنية بالشأن الثقافي وموقع وزارة الثقافة على شبكة الإنترنت الفقير الغير متجدد الذي لا يقدم أي خدمة ثقافية بحق، بدلا من ملاحقة أخبار النجوم وحفلاتهم على طريقة الصحف الفنية التجارية. ولو عدنا للثمانينيات من القرن الماضي لنلقي الضوء على شباب موهوب ومثقف رأيناهم على مسرح الجامعة لتأكد لنا أن الشباب المبدع عندما يجد من يقدمه ويدفعه للظهور المناسب المثمر، ففي دنيا المسرح والسينما والدراما التليفزيونية، نتوقف عند دفعة 1987 بكلية الحقوق جامعة القاهرة، والفرقة المسرحية التي قدمت لمصر مجموعة رائعة من الموهوبين في مجالات التمثيل والإخراج وكتابة السيناريو والعمل البحثي والأكاديمي.. من أبرزهم النجم الراحل خالد صالح وخالد الصاوي ومحمد هنيدي وسيد فؤاد وممدوح المداح وهشام منصور (رئيس فريق التمثيل) وخالد طلعت وسيد فؤاد وعمرو رشاد ود. خالد الشوربجي وأحمد عبد الله وغيرهم من المبدعين على الساحة الفنية الآن لا يتسع المجال لذكرهم.. ولأنني كاتب تلك السطور، كنت مسئول الجامعة لإدارة الفنون بكلية الحقوق أنئذ، فقد ربطني بنجوم فريق المسرح (نعم كانوا مجموعة من النجوم يأتي لمشاهدة عروضهم المميزة معظم طلاب الجامعة) علاقة ممتعة بالنسبة لي.. ورغم وجود رائد اتحاد لم يدرك مدى ولع تلك المجموعة بفنون المسرح، وكمان وجود مقاومة من جماعات التشدد الديني وتهديدات يومية لهم بغلق المسرح، ومناخ سياسي عام يتابع ويراقب بشكل صعب إبداعات الشباب الجامعي، استطاع الفريق تقديم مسرحيات سياسية واجتماعية ساخرة مؤثرة وقوية باستخدام النصوص الرمزية الساخرة. وكنت أدعو لمشاهدة الفريق أهم المخرجين وأتفق معهم لإخراج عروض الفريق.. وأذكر أن أحد كبار المخرجين عند سؤاله أمام الفريق عن اسم اللي هيمثل أحد الأدوار، قال « الدور ده ما ينفعش يمثله إلا واحد من اتنين.. أنتوني كوين أو خالد صالح « وبالفعل قدم الراحل الفنان أروع أدواره وحصل في أول عرض له بالجامعة على مركز الممثل الأول، وكان العرض الجامعي الأول.. رحم الله «أنتوني كوين» المصري.. وسعدت بقرار زملاء الدفعة بإقامة حفل تأبين كبير على مسرح كلية الحقوق يوم 9 نوفمبر القادم ،بتخصيص جائزة مالية للممثل الأول على مستوى الجامعة من طلاب كليته كل عام باسم الفنان « خالد صالح»، وإعداد فيلم وثائقي لرصد رحلته الفنية. في مشهد رائع للفنان الراحل خالد صالح على مسرح الهناجر في مطلع شبابه «بالله خبرني رسول الله، أين بدايتي؟ أين نهايتي؟ أنا يا رسول الله لم أعرف للدجل مع الدجل الرخيص حكايتي من أكون ماذا أكون أمام قبري مدينتي وأموت في نفسي أموت وأموت في خوفي أموت، وأموت في صمتي أموت أنا يا رسول الله أحيى كي أموت، قالوا إن الموت واحد، وأمام كل دقيقة قلب يموت».