"ربما يفرحون باقتراب الديمقراطية منهم لكنهم حتماً سيبكون لدى معرفتهم بالأوضاع التي ستئول إليها اقتصاداتهم". كانت تلك الجملة هي ما بدأت به مجلة فورين بوليسي الأمريكية مقالها عن الربيع العربي؛ مشيرة إلى أن اقتصاديات كلٍ من مصر والأردن ولبنان والمغرب وسوريا وتونس معرضة للتراجع بنسبة 0.5% بالمائة هذا العام مما سيقلب مستوى النمو 4.4% الذي كان في 2010، وذلك طبقاً لتقرير نشره معهد المالية الدولي في مايو. وأما اليمن وليبيا فإن الأرقام ستكون أسوأ لأنهما ما يزالان في خضم الصراع. وقد نقلت المجلة قول وزير المالية الأردني محمد أبو حمور أن ما يقرب من خمسمائة مليون دولار تهرب من العالم العربي كل أسبوع بسبب الاضطرابات. أما عن ليبيا فهي ثالث أكبر منتج للنفط في إفريقيا، وكان ينمو إجمالي الناتج المحلي لديها بنسبة 10.3 بالمائة في 2010 طبقا لصندوق النقد الدولي بينما قدرت حكومة القذافي في طرابلس أن الصراع في ليبيا قد كلفها حوالي خمسين مليار دولار. وأما اليمن فالوضع أسوأ حيث تعاني من نقص في كل شيء في الماء والطعام والكهرباء والوقود وهو ما أدى إلى خسارة ما يقرب من 17 مليار دولار في الأشهر الستة الماضية حسب كلام نائب رئيس الغرفة التجارية اليمنية. وقال صندوق النقد الدولي إن التضخم في اليمن يوشك أن يكون 30 بالمائة، حيث يعيش 40 بالمائة من اليمنيين بأقل من دولارين في اليوم. وأما سوريا فالقمع الدموي من بشار ضد شعبه قد أفزع المستثمرين وعطل ثلاثة مشاريع استثمارية خليجية كبرى طبقا لقناة العربية فضلا عن انهيار السياحة. كما قدر صندوق النقد الدولي نسبة النمو في سوريا بثلاثة بالمائة بعد أن كانت 3.2 بالمائة في 2010 لكن معهد المالية الدولي يقول إن انكماش الاقتصاد السوري سيكون بنسبة 3 بالمائة هذا العام وهو الأرجح خاصة إذا تذكرنا العقوبات الأمريكية والأوروبية، وبعضها موجه ضد بشار وكبار مساعديه. ويُقال إن إيران ستساعد سوريا ب 5.8 مليار دولار في صورة قرض. وأما مصر فقد قُتل فيها أكثر من 800 شخص، وهناك انخفاض اقتصادي وانهيار في السياحة التي جلبت لمصر العام الماضي 12.5 مليار دولار. ولأن 90 بالمائة من ثروة مصر مركزة في يد 200 عائلة مصرية فقد هرب كثير منهم فانخفض رأس المال في مصر في الأشهر الأخيرة بعدما هربوا خوفا من مساءلتهم كما قال أحد الشباب للمجلة. وقد زادت نسبة البطالة بثلاثة بالمائة في مصر في 2011 وسيستمر الأمر في التصاعد خاصة وأن صندوق النقد الدولي يقدر أن مصر سينخفض معدل النمو بها إلى 1 بالمائة. وأما تونس فأمامها أهوال اقتصادية. فقد أعلن المكتب الوطني للسياحة في تونس أن ثلاثة آلاف وظيفة قد فُقدت منذ الإطاحة ببن علي في 24 يناير. والسياحة في تونس مسؤولة عن 7 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لتونس. وقال جلول عياد وزير المالية التونسي إن توقعات النمو لعام 2011 هي ما بين صفر وواحد بالمائة بينما كان النمو الاقتصادي التونسي في 2010 3.7 بالمائة. لكن لأن السكان في تونس متجانسون أكثر من السكان في مصر فإن تعافي الاقتصاد التونسي سيثب أسرع من الاقتصاد المصري. وأما البحرين فتقول سوزان مالوني الزميلة الأولى بمركز سابان لسياسة الشرق الأوسط في معهد بروكنجس عبر رسالة إلكترونية لمجلة فورين بوليسي "الاستثمارات الأجنبية الآتية إلى البحرين انكمشت وتآكلت بسبب ما حدث فيها من اضطرابات وأدلُّ شيء على هذا هو إلغاء سباق فورميولا وان الذي كان مقررا في مارس من هذا العام مما يدل على آثار الاضطرابات السلبية في الخارج على المستوى الاستثماري والسياحي." لكن لا خوف عليها ما دامت محلا للأسطول الأمريكي الخامس ومدعومة من السعودية. وأما قطر المحظوظة فنموها من المقرر أن يبلغ 20 بالمائة هذا العام مما يجعلها أسرع الدول نموا في العالم لكن ينبغي أن نتذكر أن أسعار النفط والغاز ليست ثابتة. وقد كان أميرها حمد بن خليفة داعما بالمال والسلام لمتمردي ليبيا.