يبدو أننا نعيش الآن زمن العجائب والغرائب في كل شىء العلم كل لحظة يبهرنا باختراعاته المبتكرة لتسهيل الحياة علي البشر واسعادهم وفي ذات السياق المتناقض، يتكالب علينا الشر من كل حدب وصوب ليفزعنا أيضاً بابتكاراته الجهنمية وكأنه يقول لنا «أنا الشر موجود اتحدى الخير فيكم لاتعاسكم» وافزاعكم وجعل أيامكم سوداء كشعر رؤوسكم. وبلاغات الجرائم في دفتر احوال الاقسام لم تتوان لحظة عن احتضان كل ما هو غريب وشيق ومبتكر في هذا المحتوى الفاسد من أفعال البشر الشيطانية وفي هذه الأيام كثرت حوادث القتل لأسباب تافهة وكأن الروح التي تهتز لها السماوات أصبحت رخيصة كرخص السلاح الأبيض التي تزهق به، وتكالبت علينا بلاغات الخطف والاغتصاب وسرقة أموال الناس في عز الظهر ولم تفزعنا بلاغات الحوادث، كما تبهرنا اختراعات العلماء لعلاج الامراض المستعصية فالشر بطبيعته منبوذ حتى لو جعلنا نفتح أفواهنا بالدهشة والتعجب، رغم أن هذه الحوادث متوافقة مع مقولة «النفس أمارة بالسوء» فمتى اندهشنا وتعجبنا وحتى اثير سخطنا على خطف مليونير عجوز لطلب فدية مقابل عودته سالماً غانماً مقابل ملايين تدفعها اسرته، ولكن حادث اليوم أو قل جرائمنا البشعة في هذه الدراما السوداء ستجعلنا بالتأكيد نصرخ من أعماقنا سخطا ورفضا واستياء. يكفي أن تعرف أن 3 أشقاء شبان تجمعت ارادتهم الشريرة والشيطانية على ارتكاب جريمة خطف «قطعة لحمة بها روح الله» تصرخ وتبكي وتبتسم في براءة وتنظر باندهاش نحو نور الصباح وظلام الليل! مجرد طفلة رضيعة لا يتجاوز عمرها الخمسة شهور، خطفت بواسطة ملثمين اخترقوا هدوء حجرتها والتقطوها في لفتها الصغيرة شاهرين الاسلحة الآلية في وجه أمها التي هرعت نحوهم تصرخ وتبكي حتى سقطت مغشياً عليها، لم تصدق الأم أن «حداية» البشر تخطف فلذة كبدها الرضيعة من دفء حضنها ومرتبة غرفتها! وتطير في ارض الله الواسعة، وتنتظر الأسرة رنة الهاتف لتستمع لشروط «الحداية» لاعادة قطعة اللحم الباكية والباسمة، ويأتي بالفعل الهاتف بخبر الفدية 400 الف جنيه، ولم يندهش اللواء أشرف عبدالقادر مدير مباحث مديرية أمن البحيرة من بلاغ خطف طفلة ولكنه انتفض عندما علم أن المخطوفة لا يتجاوز عمرها الخمسة شهور! البلاغ مزعج بالفعل فالضحية يمكن أن تموت في لحظة فهى قطعة لحم هينة لينة تحتاج للدفء والحنان وقبل ذلك لغذائها من صدر أمها، تطلبه بصرخة وتهدأ بعد تناول ثدي امها في براءة وحنو! تكشفت خطور البلاغ وأن الصراع الدائر لاتنقصه رفاهية ضياع الوقت، فحياة الرضيعة الجميلة «ريماس» في ذمة الله أولاً وفي قدرة ضباط المباحث على كشف طلاسم البلاغ والوصول بسرعة للجناة لاعادة الطفلة قبل أن تلفظ انفاسها. رفض العميد خالد عبدالحميد رئيس مباحث البحيرة انتظار تتبع خطوط تليفونات المتهمين القساة فالبلاغ لا يعطيه هذا الوقت فحياة الملاك الصغير على المحك، هو صراع حقيقي بين الخير والشر. تمت معاينة موقع الحادث وتفاصيل هروب الجناة وسماع اقوال شهود العيان وكانت الأم هي الشاهد الوحيد، تعذبت وبكت وتألمت وهي تحاول عصف ذهنها للخروج بمواصفات دقيقة ترشد عن المتمين، وبالفعل تطابقت ملامح احدهم على شاب كان يعمل في مزرعتهم بناحية مركز بدر وبسرعة لا يدركها غير انسان رحيم تمت ملاحقة المتهم وبعد أقل من 6 ساعات عادت الملاك الصغير الى ثدي أمها ودفء صدرها ويلقي القبض على الأشقاء الثلاثة لم يصبروا على جهدهم الشريف ليتحقق حلمهم في الثراء والحياة الرغدة واتفق شيطانهم على خطف «ريماس» لطلب فدية حتى يتمكنوا من سداد ديونهم لباقي الدائنين المفاجأة التي لم يصدقها رجال المباحث أن الملاك الصغير رفض سد جوعه من صدر زوجة أحد المتهمين والتي رزقت بمولود في عمر الطفلة المخطوفة وكأنها لا تريد أن تسد رمقها من لبن حرام! ويلقي العميد خالد غانم رئيس مباحث مركز بدر القبض على المتهمين وهم أشرف وشقيقاه مصطفى ووليد وجميعهم يقيمون بقرية التحدي بمركز بدر ويعترف المتهمون الاشقياء بأنهم خططوا الطفلة الرضيعة من منزل صاحبة المزرعة الكبيرة في ارضه التابعة لجمعية الاخوة لطلب فدية وهم واثقون بقيام والدها بالدفع حرصا على حياة الرضيعة. وأشاروا في التحقيقات إلى أنهم قرروا خطف الرضيعة وعدم خطف شقيقها البالغ من العمر عامين حتى لا تراوغ الأسرة في سداد الفدية لخطورة خطف الرضعية وأن اسرتها ستسارع لكسب الوقت لاعادتها خوفاً على حياتها وأنهم قدموا «ريماس» لزوجة مصطفى لارضاعها ولكن الرضيعة لم تقبل صدر المتهمة. وتعود الطفلة الملاك ريماس لاحضان اسرتها وصدر والدتها الحنونة وعز والدها صاحب مزارع الموالح في مركز بدر وشقيقها الصغير لتنعم بحياة هانئة بفضل جهود مباحث البحيرة التي سابقت الزمن للقبض على المتهمين وتقرر النيابة حبس الاشقاء الثلاثة على ذمة التحقيق.