أيام ويحل عيد الأضحى وتمتلئ قلوب المسلمين بالنفحات الربانية، ويستمتع الحجيج بأدائهم للمشاعر المقدسة، وتمتلئ البيوت باللحوم وتدب الفرحة في قلوب الأطفال والكبار فرحاً بالأضحية، وتمتلئ الموائد باللحوم على مختلف أنواعها وأطباقها ولما "لا" فهو موسم اللحمة والخيرات. ولكن هناك فئة من الناس منعها الفقر من الاحتفال بالعيد وجعلها بعيدة من هذه الطقوس، لضيق ذات اليد وعدم استطاعتهم شراء اللحوم والأضحية، شعور مرير والجميع يحتفل بهذا الكرنفال الاسلامي الذي شرعه الله لكي يستمتع المسلمون بالأكل ويعم الخير على الفقراء والمساكين، الذين يصلهم الأضحية من القادرين، ولكن هناك محتاجين لم تصل لهم الاضحية وينتهي بهم العيد دون لحوم او طعام. "بوابة الوفد" حاولت استطلاع آراء نموذج من هذه الفئات من خلال جولة قام بها في احد أكثر الأماكن فقرا في مصر وهى معقل الفقراء في قلب العاصمة "رملة بولاق". المشهد الأول.. "فين اللحمة" البداية "فين اللحمة"، هي أول كلمات تنطق من إحدى السيدات بمنطقة "رملة بولاق" اثناء دخولنا لرصد استعدادات الاهالى لعيد الاضحى المبارك, وكيفية استقبال العيد "بدون لحمة"، هذه العبارة التى تداولها معظم اهالى المنطقة خلال حديثهم معنا, ففى الوقت الذي تبعد عنه المنطقة من أكبر فنادق القاهرة بضعة أمتار، وتلقى منه بقايا الطعام واللحوم من افخم انواعها, يحتاج اهالى منطقة رملة بولاق الى بعض الفضلات من الطعام ولتكن تلك الباقيات بالنسبة لهم فضلآ مشكوراً! المشهد الثاني.. "الفقر عنوان حياة" يعانى اهالى سكان "رملة بولاق" من مشاكل كثيرة, يعيشون وسط أوضاع صحية وبيئية وتعليمية متردية، فعلى الرغم من اقترابها من كورنيش النيل, ومجاورتها لأرقى الفنادق السياحية, إلا أن الدخول لمنطقة رملة بولاق يشعرك وكأنك انتقلت إلى عالم آخر, يختلف تماما عما تراه عيناك من مبانٍ فندقية وعقارات راقية، إلى منطقة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، لا صحة ولا تعليم، ولا صرف صحى، جغرافية المكان عبارة عن أكواخ وعشش من الصاج والخشب. المشهد الثالث.. "إصرار على الاحتفال الرمزي بالعيد" على الرغم من الظروف الصعبة التى تمر بها منطقة "رملة بولاق" من عدم اهتمام المسئولين ,ومعاناة الاهالى فى الحصول على لحمة العيد والمستلزمات الواجب توافرها فى المنازل, يعيش الاهالى وسط فرحة بين الجيران، وتزين حوائط المنازل, ويستعد الاطفال بحالة من الفرحة, وسط اللعب والمرح, وتجميل العشش التي يعيشون فيها، حتى يطرأ عليهم حالة من التغير بمناسبة عيد الأضحى. أهالى رملة بولاق يستغنون عن "لحمة العيد" مقابل تطوير المنطقة تحدثنا مع إحدى السيدات التى قامت بمرافقتنا خلال جولتنا داخل منطقة رملة بولاق ومعاينة عدد من الحالات التى تكاد تطلق أنفاسها الاخيرة نتيجة الحالتين الصحية والمادية، حيث قالت مرزوقة محمد أحمد، 65 عاماً, إحدى أهالى منطقة رملة بولاق التى تعيش فيها منذ 50 عاماً, ان عيد الاضحى يأتى عليهم كل سنة بالفرح والبهجة, وان أصحاب اعمال الخير والجمعيات الاهلية يتبرعون بتوزيع اللحمة لاهالى المنطقة في السنوات السابقة, مشيرة الى أن الحالة التى تمر به البلاد الان لا تعطى الفرصة لهم بالتبرع للعشوائيات، قائلة "الناس خايفة على فلوسها فى الايام الصعبة دي". وطالبت المسئولين بالنظر الىى المنطقة واحتياجات الاهالى, حيث ان المنطقة تتغيب عنها بعض الاساسيات التى يحتاجها كل منزل, موضحة ان من اهم المشاكل التى تواجههم غياب "الصرف الصحي", لافتة الى أن معظم اهالى المنطقة يقضون حاجتهم فى "جردل" لعدم وجود حمام للاستخدام, واعربت عن استعدادها الاستغناء عن تبرعات اصحاب اعمال الخير بدعمهم باللحمة, فى مقابل تطوير المنطقة. الحاجة "أم غريب": حياة الفقر .. جسد بدون روح "الحمدلله"، هذه كانت بداية حديث الحاجة "أم غريب "، إحدى اهالى منطقة رملة بولاق, التى تقيم فى "عشة"، على حد تعبيرها، "مقبرة" وهذا أقل اسم يطلق على أكواخ الخشب التى تعيش فيها الحاجة "أم غريب" وهى آيلة للسقوط فى أى لحظة.. معاناة بمعنى الكلمة تعيشها الحاجة وغيرها من الحالات التى تحتاج الى رفقة أصحاب اعمال الخير والمسئولين ومنظومة حقوق الانسان. أكدت الحاجة " أم غريب" أن العيد بمثابة أى يوم آخر, ولا تشعر باختلاف عن باقى الأيام, لافتة الى أنها تشعر بحالة من الحزن الشديد نتيجة إهمالها وعدم اهتمام أحد بحالتها, مطالبة بأن تخرج من القبر الذى تعيش به الى اى مكان آخر ولو حتى دار مسنين حتى يتم رعايتها. واضافت أنها لا تتمنى أن تأخذ لحمة العيد مثل باقى المواطنين, على قدر تمنيها أن تخرج من المكان التى تعيش فيه, قائلأ "أنا عايشة جسداً بدون روح", مشيرة الى انها تعانى من صعوبة التحرك نتيجة امراض فى العظام, وتضطر الى قضاء حاجتها فى "جردل" لعدم وجود صرف صحى, فضلا عن عدم وجود حنفية مياه صالحة للشراب. أهالى "رملة بولاق": ولادنا بيتكسفوا يقولوا إنهم ساكنين هنا يفضل البعض من اهالى منطقة "رملة بولاق" عدم اللجوء الى موزعى اللحمة والشنط فى العيد الاضحى, وذلك لان الحالة النفسية تزداد سوءاً, بسبب مد الأيدي لأخذ التبرعات, فيما قالت "أم بسمة"، 50 سنة، إحدى اهالى المنطقة, إن لديها بنتاً فى الثانوية العامة, ولا تبلغ أصدقاءها بالعنوان الخاص بها "رملة بولاق", منعاً لتعرضها للإحراج لسوء المنطقة, مشيرة إلى أنها تبذل كل الجهد لتعليم ابنائها على مستوى أفضل من الذى نشأت عليه, لافتة الى أن ابناءها من أوائل المدرسة كل عام, مطالبة الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية, ومراعاة الطلاب المتفوقين بالمدارس, حتى لو كانوا من العشوائيات. واضافت "أم بسمة" أن المنطقة تحتاج الى تطوير فعلى, وطالبت المسئولين , بإنشاء مدارس تعليم قريبة من المنطقة لتعليم الأطفال الناشئين, ونشر التعليم، كما طالبت اصحاب اعمال الخير والجمعيات الخيرية, بزيارة بعض الاماكن التى تحتاج للدعم فعلا. "أم محمد": نص كيلو اللحمة يستمر معايا 15 يوماً واصلت "بوابة الوفد" جولتها حول استعدادات رملة بولاق لعيد الأضحى المبارك, حيث قالت "أم محمد"، 70 عاماً، أحد اهالى منطقة "رملة بولاق"، ان اصحاب عمل الخير والجمعيات الخيرية, يقومون بتوزيع لحمة العيد, ولكن هذا أمر لا تهتم به كثيرا, مضيفة "اللى يجيبوا ربنا كويس والحمدلله"، لافتة الى ان نصف كيلو اللحمة يستمر 15 يوما معى حتى الانتهاء منه, وان كيلو البصل ينتهى خلال شهر, وأقوم بعمل اللحمة مرتين فى الشهر, واحيانا مرة واحدة, لافتة الى انه على الإنسان ان ينظر الى حاله ويحمد ربنا على ما هو عليه. وطالبت المسئولين بالبحث عن الحالات التى تحتاج المساعدة الفعلية, قائلة "احنا مش هنقف في طوابير العيش واللحمة.. راعوا شعورنا".