سيطر المتمردون الحوثيون الشيعة الأحد بشكل مفاجئ على مقر الحكومة والإذاعة ومقار عسكرية ووزارات مهمة في صنعاء في مشهد أظهر تراجعا كبيرا للسلطة، وذلك رغم إعلان الأممالمتحدة التوصل إلى اتفاق لوضع حد للأزمة الحالية، بحسب ما أفادت مصادر رسمية وأخرى من الحوثيين. وتزامنا مع تقدم الحوثيين الميداني في العاصمة اليمنية، قدم رئيس الوزراء محمد سالم باسندوة استقالته فيما دعا وزير الداخلية أجهزة الأمن إلى التعاون مع الحوثيين وعدم مواجهتهم عسكريا. وتتالت الأنباء غير المؤكدة عن سقوط الوزارات والمؤسسات العامة في يد الحوثيين، من دون مقاومة في بعض الأحيان، بما في ذلك وزارة الدفاع والمصرف المركزي والبرلمان. وقال مصدر رسمي إن الحوثيين سيطروا على مقر رئاسة الوزراء وعلى الإذاعة إضافة إلى مقر اللواء الرابع. من جهته، أكد المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام عبر صفحته على فيس بوك أن "الجهات العسكرية والأمنية التي أيدت الثورة الشعبية وانحازت إلى خيار الشعب هي: القيادة العامة للقوات المسلحة، معسكر الإذاعة، المؤسسات الرسمية المتواجدة بمنطقة التحرير ورئاسة الوزراء". وأشارت مصادر متطابقة إلى أن الحوثيين سيطروا على وزارة الإعلام ووزارة الصحة، كما سيطروا على مقر الفرقة السادسة ومقر القيادة العامة للقوات المسلحة بعد حصول مواجهات بالأسلحة . وفي وقت لاحق، أعلن عبدالسلام السيطرة على مقر الفرقة الأولى مدرع (سابقا)، أي مقر اللواء علي محسن الأحمر الذي يبدو أنه تمكن من الفرار، مع العلم أنه من ألد أعداء الحوثيين. وقال إن "اللجان الشعبية أعلنت التطهير الكامل والكلي لمقر الفرقة الأولى مدرع المنحلة وتعلن أن علي محسن الأحمر مطلوب للعدالة". وأكد شهود عيان ومصادر سياسية أن عددًا كبيرًا من المقار العسكرية والسياسية التي سيطر عليها الحوثيون لم تشهد أي مقاومة من جانب الجيش. وتأتي هذه التطورات رغم وصول اثنين من ممثلي التمرد الحوثي إلى القصر الجمهوري في صنعاء بعد إعلان المبعوث الأممي ليل السبت التوصل إلى اتفاق سياسي سيتم توقيعه. وأفادت وكالة الأنباء اليمنية أن الرئيس اليمني عقد لقاءً "مع مستشاريه وممثلي الأحزاب والقوى السياسية بمن فيهم أنصار الله" أي الحوثيين. ويشارك في اللقاء مبعوث الأممالمتحدة جمال بن عمر. وفي الأثناء، قدم باسندوة استقالته متهما رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي بالتفرد بالسلطة، وذلك بعد أكثر من شهر على بدء المتمردين الحوثيين الشيعة تحركهم للدفع نحو إسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود. وقال باسندوة في رسالة الاستقالة التي حصلت عليها وكالة فرانس برس من مصدر من الأمانة العامة لرئاسة الوزراء "لقد قررت أن أتقدم أليكم باستقالتي من رئاسة الوزراء". وأشار باسندوة الذي يرأس حكومة وفاق وطني شكلت بموجب اتفاق انتقال السلطة الذي وضع حدًا لحكم الرئيس السابق علي عبدالله صالح أنه "بالرغم من أن المبادرة الخليجية (اتفاق انتقال السلطة) وآلياتها المزمنة نصتا على الشراكة بيني وبين الأخ الرئيس في قيادة الدولة، لكن ذلك لم يحدث إلا لفترة قصيرة فقط ريثما جرى التفرد بالسلطة لدرجة أنني والحكومة أصبحنا بعدها لا نعلم أي شيء لا عن الأوضاع الأمنية والعسكرية ولا عن علاقات بلادنا بالدول الأخرى". من جهته، دعا وزير الداخلية اليمني عبده حسين الترب الأحد الأجهزة الأمنية إلى التعاون وعدم مواجهة المتمردين الحوثيين في بيان نشر على موقع وزارة الداخلية. وجاء في البيان أن وزير الداخلية اللواء عبده حسين الترب دعا "كافة منتسبي الوزارة إلى عدم الاحتكاك مع أنصار الله (الحوثيون) أو الدخول معهم في أي نوع من أنواع الخلافات". كما دعا العاملين في الوزارة إلى "التعاون معهم في توطيد دعائم الأمن والاستقرار، والحفاظ على الممتلكات العامة وحراسة المنشآت الحكومية، التي تعد ملكا لكل أبناء الشعب، واعتبار أنصار الله أصدقاءً للشرطة". وكانت وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان العامة دعتا في وقت سابق الأحد "منتسبي الوحدات العسكرية المرابطة في إطار أمانة العاصمة وما حولها إلى البقاء في وحداتهم بجاهزية عالية والحفاظ على الممتلكات والمعدات ومختلف العهد العسكرية وعدم التفريط فيها كونها من ممتلكات الشعب". إلا أن شهود عيان أكدوا "لوكالة فرانس برس" أن الحوثيين تمكنوا من السيطرة على كميات كبيرة من الأسلحة، خصوصا من مقر اللواء الرابع. وينشر الحوثيون آلافا من المسلحين وغير المسلحين في صنعاء وحولها منذ أعلن زعيم التمرد عبدالملك الحوثي في 18 أغسطس تحركا احتجاجيا تصاعديا للمطالبة بإسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود إضافة إلى تطبيق مقررات الحوار الوطني. واستمرت المواجهات في صنعاء منذ إعلان المبعوث الدولي جمال بن عمر ليل السبت التوصل إلى اتفاق بين الحوثيين والرئاسة اليمنية لإنهاء الأزمة الحالية. وانزلق الوضع إلى العنف منذ أيام في صنعاء وضاحيتها الشمالية حيث قتل العشرات في مواجهات بين الحوثيين ومسلحين قبليين موالين للتجمع اليمني للإصلاح، الحزب الإسلامي الأكبر في اليمن. وأعلن بن عمر في وقت متأخر من مساء السبت اتفاقاً ل"حل الأزمة" في اليمن بعد أن التقى زعيم التمرد عبدالملك الحوثي في معقله في صعدة بشمال اليمن. وأوضح في بيان أنه "بعد مشاورات مكثفة مع جميع الأطراف السياسية بما فيها أنصار الله (الحوثيون) تم التوصل إلى اتفاق لحل الأزمة الحالية في اليمن والتحضير جار لترتيبات التوقيع" على الاتفاق.