انعقد الخميس في جدة اجتماع وزاري أميركي عربي تركي حث خلاله وزير الخارجية الأميركي جون كيري دول المنطقة على دعم تشكيل تحالف عريض لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية في كل من العراقوسوريا. وشارك في الاجتماع الذي وصفه كيري بأنه "مهم جدا"، كل من السعودية والولاياتالمتحدة والإمارات والكويت والبحرين وقطر وسلطنة عمان والاردن ومصر والعراق ولبنان إضافة إلى تركيا. واكدت وكالة الأنباء السعودية الرسمية أن الاجتماع الذي تستضيفه المملكة في مدينة جدة على البحر الأحمر ينعقد "لبحث موضوع الإرهاب في المنطقة والتنظيمات المتطرفة التي تقف وراءه وسبل مكافحته". وياتي هذا الاجتماع غداة اعلان الرئيس الاميركي باراك اوباما اطلاق حملة "بلا هوادة" ضد تنظيم الدولة الاسلامية بما في ذلك عبر تنفيذ ضربات جوية في سوريا كما في العراق. وقال اوباما في اعلان رسمي مساء الاربعاء "هدفنا واضح: سوف نضعف الدولة الاسلامية وصولا الى القضاء عليه من خلال استراتيجية شاملة ومستديمة للتصدي للارهاب". واكد اوباما انه لن يتوانى عن ضرب تنظيم الدولة الاسلامية "في سوريا كما في العراق". ومن المفترض اذا ان تنفذ الطائرات الاميركية ضربات جوية في سوريا اضافة الى الضربات التي تنفذها في العراق منذ الثامن من اب/اغسطس. وما زال ارسال قوات الى الارض مستبعدا تماما. والتزم الرئيس الاميركي ايضا بتعزيز قوة الجيش العراقي وبزيادة المساعدات العسكرية للمعارضة السورية المعتدلة في وجه تنظيم الدولة الاسلامية المعروف ب"داعش". ورحبت السلطات العراقية والمعارضة السورية الخميس بالاستراتيجية التي عرضها الرئيس الاميركي باراك اوباما لمحاربة تنظيم الدولة الاسلامية الذي يزرع الرعب في مناطق واسعة من العراقوسوريا. وفي المقابل، حذرت روسيا من توجيه ضربات لمواقع لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا من دون موافقة الاممالمتحدة معتبرة ان ذلك في حال حصوله سيشكل "خرقا فاضحا" للقانون الدولي. قال المتحدث باسم الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش ان "الرئيس الاميركي اعلن عن احتمال توجيه ضربات لمواقع الدولة الاسلامية في سوريا بدون موافقة الحكومة الشرعية" (نظام الرئيس بشار الاسد). رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي كان من اوائل المرحبين بخطة اوباما وافاد بيان صادر عن متحدث باسمه ان العراق "يرحب باستراتيجية اوباما فيما يخص الوقوف معه بحربه ضد داعش والجماعات الارهابية اذ أن المتضرر الأول والأخير من خطورة هذا التنظيم هم العراقيون بكافة طوائفهم واديانهم واعراقهم". من جهته رحب الائتلاف الوطني السوري المعارض بخطة اوباما لكنه حض على التحرك ايضا ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد. واعلن الائتلاف في بيان انه يدعم الخطة الاميركية لشن ضربات جوية في سوريا وتدريب قوى معارضة لكنه اوضح ان "منطقة مستقرة وخالية من المتطرفين" تتطلب "اضعاف واسقاط نظام الاسد القمعي في نهاية المطاف". ويسعى النظام السوري الى تقديم نفسه كشريك في الحملة لمحاربة الارهاب ويصر على ضرورة التنسيق معه قبل القيام باي ضربة عسكرية ضد مواقع تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا. واعلن وزير المصالحة الوطنية في سوريا علي حيدر ان "اي عمل كان، من اي نوع كان، دون موافقة الحكومة السورية هو اعتداء على سوريا"، مشيرا الى انه "في القانون الدولي، لا بد من التعاون مع سوريا والتنسيق مع سوريا وموافقة سوريا على اي عمل كان، عسكري او غير عسكري، على الارض السورية". من جهته، اكد مصدر حكومي تركي الخميس لفرانس برس ان تركيا لن تشارك في العمليات المسلحة في اطار التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة لمحاربة تنظيم "الدولة الاسلامية" مشيرا الى ان بلاده قد تسمح للتحالف باستخدام قاعدة انجرليك في جنوب البلاد لأغراض لوجستية. ويزرع هذا التنظيم الرعب عبر ترسيخ صورته الدموية بشكل مفرط من خلال تنفيذ الاعدامات والاغتصابات والاضطهادات على انواعها. وقال اوباما في كلمته الاربعاء "هذا المساء، وفي ظل وجود حكومة عراقية جديدة وفي اعقاب المشاورات مع الكونغرس، يمكن ان اعلن ان الولاياتالمتحدة ستقود تحالفا واسعا للقضاء على هذا التهديد الارهابي". ويتم تشكيل هذا التحالف بشكل خاص مع شركاء الولاياتالمتحدة في الشرق الاوسط الذين ينظرون بقلق الى صعود تنظيم الدولة الاسلامية في المنطقة. وقبل القائه خطابه، حرص الرئيس الاميركي على الاتصال بالعاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز، وقد شدد الزعيمان على ضرورة مساعدة المعارضة السورية على مواجهة المتطرفين ونظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي "فقد كل شرعية". وقال مسؤول في الخارجية الاميركية ان "جميع الدول (المشاركة في اجتماع جدة) هي ضحية لتنظيم الدولة الاسلامية او ضحية محتملة له" مؤكدا ان كيري سيسعى الى "اعطاء زخم" لجهد هذه الدول في مواجهة التنظيم. واضاف المسؤول ان الولاياتالمتحدة تنوي "تعزيز قواعدها" في الخليج و"زيادة طلعات المراقبة الجوية". وبحسب المسؤول، فان السعودية "ستكون العنصر الاساسي في هذا التحالف نظرا الى حجمها ووزنها الاقتصادي وتاثيرها الديني على السنة". ويناقش كيري بالتفصيل مع السعوديين برنامج تشكيل وتجهيز مسلحي المعارضة السورية ويتوقع ان يشدد كيري ايضا مع الطرف السعودي على ضرورة تجفيف منابع التمويل لتنظيم الدولة الاسلامية سيما ان واشنطن تشير باصابع الاتهام الى مواطنين قطريين وكويتيين. كما يحث كيري تركيا والاردن على مكافحة تهريب البترول عبر حدودهما. واضافة الى الدعم في المنطقة، حصلت واشنطن على دعم عدة دول اوروبية، لاسيما فرنسا التي سيزور رئيسها العراق الجمعة والتي لم تستبعد المشاركة في الضربات الجوية "في حال وجود ضرورة". وتبدل مفهوم الاميركيين للتهديد الجهادي بعدما قام تنظيم الدولة الاسلامية بقطع رأس الصحافيين جيمس فولي وستيفن سوتلوف. واشار استطلاع للراي اجري لحساب صحيفة واشنطن بوست وشبكة ايه بي سي نيوز ان اكثر من ثلثي الاميركيين باتوا يؤيدون شن ضربات جوية اميركية في العراق. وكان اوباما اعلن قبل عام ان الولاياتالمتحدة مستعدة لضرب اهداف تابعة للنظام السوري لمنع بشار الاسد من استخدام اسلحته الكيميائية، الا انه تخلى عن هذه الخطة في اللحظة الاخيرة ازاء معارضة الكونغرس وفي ضوء اقتراح روسي قضى بتدمير الترسانة الكيميائية السورية.