يمتلىء تاريخ اليهود على مر العصور بصفحات سوداء فى نقض العهود والمواثيق، وبالرغم من هذا يطلقون على أنفسهم منذ خروجهم من نسل يعقوب عليه السلام "شعب الله المختار" وأنهم الجنس السامى وما عداهم ليسوا كذلك. القرآن الكريم سطر لنا الكثير من المواقف التي نقض فيها اليهود، العهود والمواثيق مع الأنبياء والرسل، ولم يحترموا عهودهم مع النَّبي محمد -صل الله عليه وسلم- بل نقضوها وحاولوا قتله أكثر من مرة كما فعل يهود "بنو النضير" وهذا كان أحد أسباب قيام غزوة الخندق، كما حاولوا إشعال نار الفتنة بين صفوف المسلمين. لم يكن نقض اليهود للعهود مقتصرًا على عصر الأنبياء فقط بل امتد حتى يومنا هذا، فما يجري اليوم على أرض غزةبفلسطين بمثابة خرق فاضح، بعد أن اخترقت إسرائيل الهدنة التى تم الاتفاق عليها لمدة 72 ساعة بقتلها 35 فلسطينياً الجمعة الماضية. كما شن سلاح الجو الإسرائيلي، منذ 7 يوليو الماضى، غارات مكثفة على أنحاء متفرقة في قطاع غزة، أعقبها اجتياحًا بريًا في عملية عسكرية أطلقوا عليها اسم "الجرف الصامد"، تسببت فى استشهاد ما يزيد عن 1750 فلسطينيًا وإصابة أكثر من 9 آلاف جريح. وما زالت هناك مساعٍ من قبل بعض الجهات الخارجية قائمة لإبرام تهدئة بين فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل لوقف إطلاق النار المتبادل، حيث تم الإعلان عن المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار والتى قوبلت بالرفض من قبل حركتي حماس والجهاد، كونها لم تلبي حاجات الشعب الفلسطيني - على حد تعبيرهما-. وفى المقابل قوبلت المبادرة بقبول واستحسان إسرائيلي، وعلى إثرها علق الجيش الإسرائيلي نيرانه ضد غزة، لمراقبة رد المقاومة على المبادرة ونشاطاتها واستأنف الجيش الإسرائيلي غاراته على القطاع عندما رفضت المقاومة الفلسطينية المبادرة. يذكر أن إسرائيل ومنذ اللحظة الأولى لقيامها عام 1948 وحتى يومنا هذا ما زالت ترتكب مجازر بشعه ضد الشعب الفلسطينى، وبذلك تكون قد خرقت بشكل متكرر قرارات مجلس الأمن بحق شعبنا الفلسطيني. فى 29 نوفمبر 1947 صدر قرار الأممالمتحدة رقم 181 بتقسيم فلسطين لدولة عربية ودولة يهودية ووضع القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة، تحت الوصاية الدولية وبعد انتهاء الانتداب البريطاني قرر تسليم فلسطين للصهاينة حيث تم إعلان دولة إسرائيل فى 14 مايو 1948. فى عام 1953م انتهكت إسرائيل القرار 101 الصادر عن مجلس الأمن الذي استنكر بلهجة شديدة الهجوم على قرية قبية الفلسطينية وقتل وجرح 141 من النساء والأطفال. وفي عام 1955 لم تلتزم إسرائيل بقرار مجلس الأمن رقم 106 والذي يدين إسرائيل بسبب غاراتها الوحشية على قطاع غزة، وكذلك القرار رقم 162 لعام 1961 الذي يحث إسرائيل على تنفيذ قرارات الأممالمتحدة. وقد ضربت إسرائيل بالقرارين رقم 237،242 لعام 1967 عرض الحائط حيث كانا يلزمانها بالانسحاب من الأراضي الفلسطينيةالمحتلة وعدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة، وإعادة اللاجئين. وفى عام 1969 استنكر مجلس الأمن ما تقوم به إسرائيل من تغيير الوضع فى القدس فصدر القرار رقم 276 الذي استنكر ما تقوم به إسرائيل، ونظرا لعدم امتثال إسرائيل لتلك القرارات صدر قرارين آخرين يدينان إسرائيل وهما 271 لعام 1969, و298 لعام 1971. كما انتهكت إسرائيل القرار رقم471 لعام 1980، والقرار رقم 607 لعام 1988 اللذان يدينان إسرائيل لعدم التقيد باتفاقية جنيف الرابعة وقيامها بإبعاد الفلسطينيين عن أراضيهم. إن هذه القرارات بالإضافة إلى اتفاقيات أخرى كاتفاقية لاهاي لعام 1954م لحماية الممتلكات، واتفاقية عام 1972 بشأن الأسلحة البيولوجية واتفاقية عام 1993 بشأن الأسلحة الكيميائية ومعاهدة أوتاوا لعام 1997 بشأن تجنب المدنيين, والأطفال ويلات الحرب لم تكترث بها إسرائيل وأخذت ترتكب أعمال وحشية رغم توقيعها عليها. وفى 8 ديسمبر 1987 بدأت الانتفاضة الفلسطينية الأولى والتى أطلق عليها "انتفاضة الحجارة" والتى استشهد فيها 1300 فلسطينى وقتل فيها 160 إسرائيلياً، وكان من أهم أسباب اندلاعها قيام سائق شاحنة إسرائيلي بدهس مجموعة من العمّال الفلسطينيّين على حاجز "إريز" هدأت الانتفاضة في العام 1991، وتوقفت نهائياً مع توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993. وفى 26 أكتوبر 1995 اغتال جهاز الموساد الإسرائيلى "فتحى الشقاقى" مؤسس حركة الجهاد الفلسطيني، فى عملية مريبة بمالطا بعد قدومه من ليبيا حيث تم اغتياله بواسطة شخصين يستقلان دراجة بخارية. وفى 28 سبتمبر 2000 اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية والتى راح ضحيتها 4412 شهيدًا فلسطينيا و48322 جريحًا، وقتل من الإسرائيليين 1069 قتيلًا و 4500 جريح، وكانت أسباب قيامها دخول رئيس الوزراء الإسرائيلي "الأسبق "آرئيل شارون إلى باحة المسجد الأقصى برفقة حراسه، الأمر الذي دفع جموع المصلين إلى التجمهر ومحاولة التصدي له. وفى اليوم الثانى من الانتفاضة استشهد "محمد الدرة" فى أحضان والده محتيماً به خلف برميل إسمنتي، وبعدها امتدت التظاهرات والاحتجاجات ليس فقط فى فلسطين بل فى العالم تنديداً بالوحشية الإسرائيلية. وفى يونيو عام 2003 تم إبرام اتفاق بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل لوقف إطلاق النار لمدة 3 أشهر ولكن لم تلتزم إسرائيل بالهدنة، وارتكبت خروقات كثيرة، وردا على تلك الخروقات، نفذت كتائب القسام، عملية تفجيرية داخل إسرائيل، أسفرت عن مقتل وجرح عشرات الإسرائيليين. وردت إسرائيل على العملية، في نفس اليوم، باغتيال القيادي البارز في حركة "حماس"، إسماعيل أبوشنب، عن طريق قصف سيارته، وعقب هذا الاستهداف أعلنت حركة "حماس" عن أنها في حلّ من اتفاق الهدنة، وأنها سترد على عملية الاغتيال. وفى 22 مارس 2004 استشهد الشيخ "أحمد ياسين" أحد أعلام الدعوة الإسلامية بفلسطين والمؤسس ورئيس أكبر جامعة إسلامية بها المجمع الإسلامي في غزة، حيث تم اغتياله أثناء خروجه من صلاة الفجر بواسطة سلاح الجو الإسرائيلي. وفى 2005 وبرعاية مصرية أعلنت الفصائل الفلسطينية وإسرائيل عن قبول تهدئة غير رسمية، تبدأ من فبراير 2005، وتم تمديدها في 17 مارس، على أن تستمر حتى نهاية العام. وتعهدت إسرائيل فى هذه التهدئة بعدم استهداف واغتيال القادة الفلسطينيين، والتوقف عن سياسية هدم المنازل والإفراج عن كافة الأسرى الفلسطينيين في سجون إسرائيل، وتلقت مصر تعهدًا من رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق آرئيل شارون بذلك. وفى 12 يوليو 2006 وقعت حرب تموز بين جيش الاحتلال الإسرائيلى وحزب الله اللبنانى، وقد استمرت 34 يومياً جنوبلبنان، وقعت هذه الحرب بعد أسر حزب الله لجنود إسرائيليين للإفراج عن المعتقلين فى سجون الاحتلال. ولقن حزب الله فى هذه الحرب إسرئيل درساً حيث أطلق وابلًا من الصواريخ التى سقطت على مدن إسرائيلية عدة بالإضافة إلى اعتماده على حرب العصابات. وفى محاولة لاحتواء الأزمة صدر قرار مجلس الأمن 1701 الذي ينص على انسحاب كل من الجيش الإسرائيلي وقوات حزب الله من جنوبلبنان، انتشار قوات الجيش اللبناني في الجنوب وتوسيع قوة يونيفيل لمراقبة تطبيق القرار. وفى عام 2008 أعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، عن قبولهم لتهدئة ووقف إطلاق النار بوساطة مصرية، تبدأ في يونيو ، وتستمر حتى 19 ديسمبر من العام ذاته، وفي 4 نوفمبر خرقت إسرائيل التهدئة، بتنفيذ غارة في قطاع غزة، أدت إلى مقتل 6 من عناصر كتائب الشهيد عز الدين القسام، لكن الفصائل الفلسطينية لم ترد على ذلك. ومع إعلان آخر أيام التهدئة أطلقت الأذرع العسكرية لحركتي الجهاد الإسلامي وحماس نحو 130 صاروخًا وقذيفة على إسرائيل، ردت عليه إسرائيل بعد عدة أيام، بشن حربها الأولى على القطاع في 27 ديسمبر، من العام ذاته والتي أطلقت عليه اسم "الرصاص المصبوب"، وأطلقت عليه حماس اسم "حرب الفرقان، استمرت 23 يومًا، وأودت بحياة "1436" فلسطينيًا، وإصابة نحو "5400" آخرين. وهدم الاحتلال الإسرائيلي في هذه الحرب ما يزيد على "4100" بيت بشكل كلي، و"17000" بيت بشكل جزئي، وبلغت جملة الخسائر الاقتصادية ما يزيد عن مليار دولار. وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك، أيهود أولمرت، عن وقف إطلاق النار من جانب واحد، دون الانسحاب من قطاع غزة، بعد 23 يومًا من بدء العملية، تبعه في اليوم التالي إعلان الفصائل الفلسطينية هدنة لمدة أسبوع، كمهلة لانسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع. وفى 15 مايو 2011 اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثالثة، بمناسبة الذكرى 63 للنكبة، حيث قامت بعد اندلاع ثورات الربيع العربى وقد أطلق عليها اسم "مسيرة العودة إلى الأراضي المحتلة عام 1948"، والتي هُجر الفلسطينيون منها قبل تأسيس الكيان الصهيوني على أنقاضها. وفي 18 أكتوبر 2011 أبرمت حركة حماس صفقة تبادل أسرى مع إسرائيل برعاية مصرية، أطلقت عليها اسم "وفاء الأحرار"، أفرجت بموجبها عن الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليط" الذي أسرته في يونيو 2006 خلال عملية عسكرية جنوب قطاع غزة، مقابل إطلاق سراح 1027 أسيراً فلسطينياً من السجون الإسرائيلية معظمهم من أصحاب الأحكام العالية. وفي 25 يونيو 2006 وقع شاليط في قبضة حركة حماس، بعد أن استهدفت قوة عسكرية مدرعة كانت ترابط ليلا في موقع "كيريم شالوم"، على الحدود بين مدينة رفح الفلسطينية وإسرائيل، ونجح الفلسطينيون في التسلل إلى الموقع، عبر نفق أرضي كانوا قد حفروه سابقاً تحت الحدود إلى الموقع الإسرائيلي مما ساعدهم في مباغتة القوة الإسرائيلية، وقتل جنديين، وإصابة 5 آخرين بجروح، وأسر شاليط ونقله إلى مكان مجهول في غزة. وفي 17 إبريل 2012 وُقّع "اتفاق الكرامة" بين الأسرى الفلسطينيين وإدارة السجون الإسرائيلية، برعاية مصرية، بعد إضراب مفتوح عن الطعام خاضه الأسرى ، استمر 28 يومًا، احتجاجًا على تردي أوضاعهم، وعلى سياسية الاعتقال بدون محاكمة، لكن إسرائيل لم تلتزم بالاتفاقية، وعادت لاستئناف سياسة الاعتقال الإداري، ومعاقبة الأسرى بالسجن الانفرادي. وفي 14 نوفمبر 2012 شنت إسرائيل حربًا على قطاع غزة أطلق عليها اسم "حرب عامود السحاب"، استمرت لمدة 8 أيام، أسفرت عن مقتل 162 فلسطينيًا، وأصييب قرابة 1200 آخرين وبواسطة مصرية أبرمت فصائل المقاومة الفلسطينية وإسرائيل اتفاق تهدئة يقضي بوقف إطلاق النار من قبل الجانبين. شاهد الفيديوهات..