تلقيت عدة رسائل ومكالمات تليفونية من أصدقاء وزملاء ينتمون إلي التيار اليسارى يلوموننى فيه علي ما كتبته خلال الأيام الماضية بشأن حل الأحزاب السياسية فى الحقبة الناصرية والعودة إلي الحزب الواحد والفكر الواحد.. والذى لا أعرف له سببًا أن الزملاء اعتبروا ما تناولته من حقائق تاريخية تجاوزًا فى حق الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.. وفى الحقيقة إننى لم أتجاوز فى حق عبدالناصر، وليس من طبعى أن أنال من أحد، ولكن كل الذى تناولته وأن عبدالناصر ورفاقه من الضباط فى حركة «يوليو» قرروا القضاء علي الأحزاب السياسية، ومن يومها وحتى كتابة هذه السطور تعانى البلاد كارثة نظام حكم الفرد الواحد.. وهذه طامة كبرى، والمعروف أن ثورتى 25 يناير و30 يونية كانتا النتاج الطبيعى لفترة زمنية طويلة عانى فيها الشعب المصرى القهر والذل حتى حكم الحزب الواحد والفكر الواحد. وعندما كتبت عن فترة حكم عبدالناصر قلت إن الأمانة التاريخية تقتضى منا أن ناصر نفسه أدرك خطأ قرار حل الأحزاب السياسية واعتزم عودتها لممارسة الحياة السياسية، لولا أن المنية قد وافته، وهذا ما قلته حرفيًا وأعيد نشره مرة أخرى «على حد علمى ومعلوماتي التاريخية أن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فى أواخر فترة حكمه كان يعتزم عودة الأحزاب السياسية، لكن المنية لم تسعفه خاصة بعد فشل الاتحاد الاشتراكى فى أداء الدور المنوط به، وأن حزب الرئيس المنفرد وحده بالسلطة لا يكفى لتحقيق الحياة السياسية التى تتمناها الجماهير».. وقلت أيضًا إن نظام الحزب الواحد دفع إلي معاناة شديدة للشعب على المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية. ولذلك هذا ما دفعنى إلى أن أقول بالفم المليان إن أكبر خطأ ارتكبته ثورة 23 يوليو 1952، إن لم يكن جريمة فى حق الحياة السياسية هو إلغاء الأحزاب، مما تسبب فى إصابة البلاد بكوارث سياسية.. هذا ما قلته حرفيًا وأعتقد أنه لا يوجد أحد يخالفنى الرأى فى أن أم الكوارث التي حلت بمصر، بدأت بحل الأحزاب السياسية مع بداية حركة الضباط داخل الجيش.. ومنذ هذا التاريخ والهجوم متواصل علي الأحزاب، واستغرب للذين يتحدثون عن الديمقراطية والحرية، بدون أحزاب، فالديمقراطية هى تداول السلطة، ولا تداول لأية سلطة بدون وجود أحزاب، أما الذين أصابهم الزعل منى بسبب سلسلة المقالات حول الأحزاب، فلا أملك سوى أن أقول لهم كيف تتحدثون عن الديمقراطية والحرية ولا توجد أحزاب؟! ولهم منى كل الحب والتقدير.