"زايد الخير، والد الأمة، زايد العطاء" بعض الألقاب التي أطلقت على الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الرئيس الراحل لدولة الإمارات العربية المتحدة، الذي مر على رحيله 10 سنوات، حيث تحتفل دولته بهذه الذكرى في 20 رمضان من كل عام. لم يقتصر حب "زايد الخير" على الإمارات فحسب، بل امتد ليشمل جميع أرجاء الوطن العربي والإسلامي والعالمي، فمبادراته في الخير لا يكاد يخلو مكان منها، ومشاريعه التنموية والخيرية يشهد بها القاصي والداني. الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، تولى مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي في الفترة من 1966وحتى 2004 ميلاديا، ويُعد أول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، امتدت فترة حكمه، من عام 1971- 2004. وسجلت صفحات التاريخ مقولته الشهيرة: "النفط العربي ليس أغلى من الدم العربي" ودلل على صدق كلماته بمنع واردات النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل في حرب 1973 المجيدة. وُلد الشيخ زايد بأبوظبي في عام 1918، وهو الأصغر بين إخوته الأربعة لوالده سلطان بن زايد آل نهيان الذي حكم إمارة أبوظبي في الفترة من 1922وحتى عام 1926 ميلادية. نشأ الشيخ زايد، بعد رحيل والده، في إمارة العين وتلقى علومه ومعارفه التي تركت بصمات واضحة على حياته وشخصيته، وغرست القيم التقليدية في نفسه. كان، رحمه الله، يولي اهتماماً واحتراماً كبيرين للبيئة، وبدأ بممارسة الصيد بالصقور، وهي الرياضة التي رافقته طوال حياته. عندما تولى منصب ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية لإمارة أبوظبي في العام 1946، بدأ بعملية تحول واسعة لمدينة العين، فقام بتأسيس نظام إداري فعّال، وتولى شخصياً تمويل تأسيس أول مدرسة حديثة في الإمارة. كان من أهم قرارات الشيخ زايد خلال توليه منصب حاكم المنطقة الشرقية قرار يقضي بإعادة النظر في ملكية المياه، وجعلها على ندرتها متوفرة بشكل أكثر عدالة للجميع، الأمر الذي مهّد الطريق لحدوث تنمية شاملة لقطاع الزراعة، معيداً للواحة أهميتها بوصفها مركزاً لسوق واسعة. وفي شهر أغسطس من العام 1966، خلف الشيخ زايد شقيقه في حكم إمارة أبوظبي، وكانت سنواته عهده في العين نموذجاً لتحويل حياة شعبه، فقد أمر، بتوجيه عائدات النفط إلى مشاريع تنموية ضخمة بما في ذلك تشييد المدارس، وبناء المستشفيات، والمساكن، وشق وتعبيد الطرقات. وعندما أعلنت بريطانيا عن اعتزامها الانسحاب من المنطقة، تولى الشيخ زايد مع أخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في دبي الدعوة لإقامة اتحاد دولة الإمارات. وبالرغم من الصعوبة التي رافقت تلك المرحلة، نجح الشيخ زايد بحنكته وحكمته السياسية في بناء توافق الآراء ومن خلال التشاور، من إقناع جيرانه بأن قوتهم المستقبلية إنما تكمن في وحدتهم. وفي 2 ديسمبر 1971، تم رفع علم دولة الإمارات العربية المتحدة الحديثة العهد، وانتخاب الشيخ زايد، رحمه الله، من قبل حكام الإمارات الأخرى كأول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو المنصب الذي كان أعيد انتخابه لشغله تباعاً. ومنذ تأسيسها، نجحت الإمارات العربية المتحدة على يد الشيخ زايد آل نهيان في تبني عملية تنموية شملت كافة قطاعات الحياة بما في ذلك الخدمات الاجتماعية، والصحة، والتعليم، والتقنية، والتجارة، والاقتصاد كانت فلسفة الشيخ زايد، النابعة من إيمانه العميق، تقوم على ضرورة توجيه موارد البلاد لما فيه خير ومصلحة الشعب في جميع أنحاء الإمارات، بما في ذلك النساء اللاتي كان، رحمه الله، يؤمن بدورهن المهم لتطوير الأمة. كما قام الشيخ زايد أيضاً بتطوير شبكة العلاقات الدولية، مُرسياً بذلك الأسس للإمارات العربية المتحدة لتكون دولة ذات سمعة عالمية، وبدور لا يستهان على الخارطة الدولية. ولم يقتصر دور زايد في الخير على شعبه ودولته وإنما ساهم في مشروعات للخير في كافة أنحاء العالم العربي والإسلامي والعالم بأكمله. حصل "زايد" على الوثيقة الذهبية عام 1985 من قبل المنظمة الدولية للأجانب في جنيف، ورجل العام في 1988 من قبل هيئة (رجل العالم) في باريس، ووشاح جامعة الدول العربية عام 1993 ووشاح رجل الإنماء والتنمية، والوسام الذهبي للتاريخ العربي عام 1995 من قبل جمعية المؤرخين المغاربة، والشخصية الإنمائية في عام 1995، باستطلاع لمركز الشرق الأوسط للبحوث والدراسات الإعلامية-جدة، ودرع العمل عام 1996 من قبل منظمة العمل العربية، وجوائز أعمال الخليج عام 1996، وشهادة الباندا الذهبية 1997 من قبل الصندوق العالمي لصون الطبيعة، وسام المحافظة على البيئة الباكستاني عام 1997 من قبل الرئيس الراحل فاروق ليجاري. كما نال اسم زايد داعية البيئة 1998 من قبل منظمة المدن العربية، بالدورة السادسة في الدوحة، وأبرز شخصية عالمية 1998 من قبل هيئة (رجل العام) بفرنسا، زايد شخصية العام 1999 الإسلامية من قبل لجنة جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، وزايد رجل البيئة لعام 2000 في يوم البيئة العالمي عام 2000 من معهد الجودة اللبناني، وميدالية اليوم العالمي للأغذية ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) -2001، وجائزة كان الكبرى للمياه في عام 2001 من قبل منظمة شبكة البحر الأبيض المتوسط التابعة لليونسكو للموارد البيئية والتطوير المستدام والسلام. توفي الشيخ زايد في 2 نوفمبر 2004، الموافق 19 رمضان عام 1425 هجريا بعد رحلة طويلة من العطاء لبلاده، استطاع خلالها تحقيق نهضة حقيقية في دولة الإمارات، ليترك فيها مستقبل مشرق للأجيال المقبلة،ويتولى ابنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم، خلفاً لوالده كرئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، ليواصل مسيرة العطاء.