جامعة أسوان تنظم ورشة عمل لمناهضة العنف ضد المرأة    «التنظيم والإدارة» يتيح الاستعلام عن المقبولين وموعد امتحانات وظيفة معلم مساعد مادة العلوم    رئيس البرلمان منتقدًا غياب "نواب": أقول أسماء الغائبين بصوت عال لأهمية الجلسة وليس لإحراجهم    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان المعهد الفني للتمريض الجديد بمنشأة سلطان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    النائب أيمن محسب يوافق على مشروع الموازنة ويثمن جهود خفض الدين العام    وزير الزراعة: تعزيز العمل الإفريقي المشترك لمواجهة المخاطر والتحديات    وكيل صحة القليوبية يناقش آلية تنفيذ حملة طرق الأبواب بالتعاون مع التضامن الاجتماعي    "العال" الإسرائيلية تلغى رحلاتها حتى 30 يونيو    زيلينسكى يصل فيينا فى بداية زيارة رسمية للحصول على مزيد من الدعم النمساوى    سفير إيران لدى الكويت: لسنا بصدد توسيع الحرب ولن نتوانى في الدفاع عن سيادة بلادنا بحزم    الزمالك يكشف حقيقة عروض احتراف ناصر منسي وموقف النادي من رحيله    رئيس قطاع المعاهد الأزهرية يتفقّد لجنة امتحانات طلاب فلسطين ويحثّهم على الاجتهاد    السجن المشدد 7 سنوات لمتهم بالاتجار فى المخدرات وإحراز سلاح بسوهاج    ميكروباص ينهي حياة ممرضة وطفلة بطرق الشرقية    «استئناف المنيا» تؤيد عقوبة الإعدام شنقًا ل قاتل عروس بني مزار    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    الوطنية للإعلام: أطلقنا اسم نجيب محفوظ على استوديو جديد لأنه جزء أصيل من تراث ماسبيرو    قصور الثقافة تطلق أسبوعا ثقافيا لتمكين المرأة بالمنيا    خبير ل"إكسترا نيوز": إسرائيل بدأت العدوان وإيران تحتفظ بأوراق قوة لم تستخدمها    «وحشتنا القاهرة».. إلهام شاهين تعلن عودتها من العراق    «حسبي الله في اللي بيقول أخبار مش صح».. لطيفة تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاة شقيقها    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    "الصحة" تشارك في ورشة عمل حول الاستثمار فى الرعاية الصحية    هيئة الدواء تكشف معلومات هامة عن مرض النقرس .. تفاصيل    «الصحة»: «التأمين الصحي» أصدرت 19.9 مليون قرار علاج مميكن خلال العام المالي 2024/2025    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    محافظ سوهاج يدعو المواطنين للإبلاغ عن وقائع الغش في امتحانات الثانوية العامة بالأدلة    رئيس مجلس النواب يعلن قواعد مناقشة الموازنة العامة    المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: قطع الاحتلال للاتصالات والإنترنت جريمة مدروسة ومقصودة لعزل القطاع    الدفاعات الجوية الإيرانية تتصدى لهجمات إسرائيلية قرب منشآت حساسة    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    الصحة: لا نعاني من أزمة في أعداد الأطباء.. وبدء تحسين أوضاع الكوادر الطبية منذ 2014    معلق مباراة الأهلي: الحماس سبب تريند «تعبتني يا حسين».. والأحمر كان الأفضل (خاص)    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    أسعار النفط تقفز وسط تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    حالة الطقس اليوم في الكويت    انتصار تاريخي.. السعودية تهزم هايتي في افتتاحية مشوارها بالكأس الذهبية    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الاثنين 16-6-2025.. هبوط كبير تجاوز 900 جنيه    رئيس جهاز حماية المستهلك يلتقي وزير الطيران المدني لبحث سُبل التعاون بين الجانبين    مدرب بالميراس يتوعد الأهلي قبل مواجهته في مونديال الأندية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    224 قتيلا حصيلة الهجمات الإسرائيلية على إيران منذ بدء الهجمات الإسرائيلية    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جميل مطر يكتب : أطفال الشوارع يهاجرون إلى أمريكا
نشر في الوفد يوم 10 - 07 - 2014


جميل مطر
عشرات الألوف من أطفال أمريكا الوسطى يطرقون أبواب الولايات المتحدة كل عام، أملاً في أن تفتح لهم ليبدأوا حياة جديدة بعيداً عن الفقر . وجدوا في بلادهم من يحرضهم على الرحيل وعصابات تهريب بشر ومخدرات تنشر شائعات عن سهولة الرحلة إلى أمريكا وعن طيبة الأمريكيين وحسن معاملتهم للأطفال . تحصل هذه العصابات على مبلغ قبل القيام بالرحلة ملتزمة بتسليم الطفل إلى عملاء على الناحية الأخرى من الحدود . هذه الصفقة لا تكتمل أحياناً، إذ قد تكتشف العصابة في الطفل ذكاء ودهاء يفيدها في مهام أخرى وبخاصة تهريب المخدرات فتدبر أمر اختطافه واختفائه، أو قد لا
يكون مطيعاً فينتهي به الأمر قتيلاً في حفرة بعد جولة من التعذيب والتجويع وهتك العرض . أما من يقدر له أن يعبر الحدود فسوف يصل منهكاً ومريضاً وفي حاجة عاجلة إلى "تدخل إنساني"، وعد بتقديمه الرئيس أوباما، وهو الوعد الذي يضع الرئيس أوباما في موقف الضعف أمام معارضيه في الكونغرس، وبخاصة أمام التيار المتعصب المنتصب تشدداً وكراهية ضد الهجرة بصفة عامة والهجرة من دول أمريكا الوسطى بشكل خاص .
أكثر هؤلاء الأطفال لو لم تتح لهم فرصة الهجرة إلى أمريكا لانتهوا أطفال شوارع في هندوراس والسلفادور وغواتيمالا وكوستاريكا، أو وقعوا في حبائل عصابات تهريب المخدرات، أو أصبحوا أرقاماً في سوق النخاسة . ومع ذلك فهناك في أوساط الكونغرس وصحف اليمين الأمريكي من يردد باقتناع أن حكومات أمريكا الوسطى متورطة في هذه الهجرات الجماعية بعد أن اكتظت شوارع العواصم بالأطفال الفقراء الذين راحوا يرتكبون جرائم شتى، بينما الشرطة والأهل غير مبالين أو لعلهم متواطئون ومتضامنون .
تبالغ الجماعات المحافظة الأمريكية في سرد أسباب هجرة الأطفال من أمريكا الجنوبية إلى الولايات المتحدة . صحيح أن هناك فقراً شديداً وبخاصة في دول أمريكا الوسطى، وصحيح أيضاً أن حالة العنف المنتشرة في كافة المدن تزداد وحشية وتزداد الأخطار التي يتعرض لها الأطفال . وقد تلعب الحكومات دوراً في تشجيع بعض الأطفال على الهجرة إلى أمريكا، ولا شك أيضا أن نشاط عصابات الجريمة المنظمة وتهريب المخدرات قد تضاعف في الآونة الأخيرة إلى حد الحاجة إلى تجنيد عدد متزايد من الأطفال . ولكن الصحيح أيضاً، هو أن الحكومة الأمريكية قد درجت عبر السنين على إبراز محاسن الهجرة إليها والحياة فيها، فضلاً عن أنها دأبت على تسهيل إجراءات إقامة المهاجرين والسماح بين الحين والآخر لأعداد كبيرة من المهاجرين غير الشرعيين بتقنين أوضاع إقامتهم والاستقرار كمواطنين .
أما الرأي العام الأمريكي فمنقسم، بين أغلبية غير مبالية، وأقليتين إحداهما مؤيدة بحماسة السماح بدخول الأطفال المهاجرين والأخرى معارضة بقسوة وضراوة . المؤيدون مستندون إلى أن أمريكا تقليدياً وتاريخياً جعلت من الهجرة إليها حقاً عالمياً لكل شعوب العالم، ولا يحق للجيل الراهن من الأمريكيين التنكر لهذا الحق التاريخي . رفعوا على مدى تاريخهم شعارات من قبيل "أمريكا بلد الفرص، ومن حق كافة الناس أن تجرب فرصتها لتحقيق الحلم في الرخاء" . ومازال الاقتناع قوياً لدى فئات معينة في الشعب الأمريكي بضرورة الاستمرار في تشجيع الهجرة . ففي مؤتمر عقد أخيراً في نيويورك تحت عنوان "أرضنا هي أرضكم" للرد على حملة الكراهية التي دشنها اليمينيون ضد الأطفال المهاجرين من أمريكا الوسطى، قال الوزير المختص بشؤون المهاجرين في حكومة نيويورك، متفاخراً ومعترفاً بأنانيته، "إن هؤلاء الوافدين الجدد يمثلون أهمية لنا ولاقتصادنا، هم عمالتنا، وهم الذين يقيمون المشروعات والاستثمارات الجديدة . نريد أن يقيم المهاجرون في مدينة نيويورك، ونعرف أيضاً أن ولاية نيويورك تريدهم عندها" .
يتصدى لهذا التيار الداعم لفتح أبواب الهجرة أمام الأجانب، تيار معاد للهجرة وللأجانب عموماً . كانت مثيرة للانتباه القسوة التي اتسمت بها مقالات الصحف اليمينية وتصريحات قادة الكونغرس المتطرفين في عدائهم للهجرة، قيل ومازال يتردد في هذه المقالات والتصريحات إن هؤلاء المهاجرين يحملون جراثيم وفيروسات تنشر الأمراض والأوبئة . بل راحوا، وأقصد أعداء الهجرة، يستغلون حوادث منفردة تؤكد ما يسعون لنشره بين المواطنين . قالوا إن طفلاً من بين 52 ألف طفل مهاجر ثبت أنه مصاب بإنفلونزا الخنازير . أعادوا بقصص من هذا النوع إلى ذاكرة الأمريكيين كارثة عام 1918 عندما انتشر في أوروبا وأمريكا وباء الإنفلونزا بسبب الهجرة من إسبانيا . معروف أيضاً أن منظمة "كو كلوكس كلان" الأمريكية والإرهابية المعادية للزنوج والأجانب ومثيلاتها من المنظمات العنصرية كانت تطارد المهاجرين الإيطاليين وتحرق ممتلكاتهم بحجة أنهم ينشرون شلل الأطفال، والإيرلنديين لأنهم كانوا السبب في انتشار وباء الكوليرا والألمان لأنهم يحملون جرثومة خبيثة للقضاء على الشعب الأمريكي . أما الخياطون اليهود القادمون من شرقي أوروبا فهؤلاء نشروا مرض السل في أنحاء نيويورك .
يبرر بعض المعارضين بوحشية للهجرة من أمريكا اللاتينية، وبخاصة هجرة الأطفال، موقفهم بأنهم يخشون أن ينقل الأطفال أمراضاً وأوبئة منتشرة في بلادهم إلى الولايات المتحدة . في الوقت نفسه يعتقد المواطنون المؤيدون للسماح بدخول الأطفال إلى أمريكا أن المشكلة في رأيهم تكمن في تقصير الرئيس أوباما في الواجب الملقى على عاتقه وهو حماية أرواح هؤلاء الأطفال ورعايتهم وضمان حقهم في حياة آمنة وسليمة في الولايات المتحدة .
يؤكدون أن هؤلاء الأطفال إذا أغلقت أمامهم حدود أمريكا فسوف تتسلمهم عصابات الرقيق والمخدرات، أو في أفضل الأحوال يعودون إلى بلادهم ليسكنوا شوارعها ويخالفوا القانون والأمن، ولن تستطيع الحكومات أن تفعل شيئاً، فهي لا تملك موازنات كافية لرعاية أطفال الشوارع، حتى بعد أن حصلت من حكومة أوباما ووكالة المعونة الأمريكية على وعود بمنح مساعدات لهذا الغرض .
لا حل ممكناً للمشكلة إلا بالقضاء على الفقر في دول أمريكا الوسطى وتحقيق درجة عالية من العدالة الاجتماعية وتقليم أظافر القوى المفترسة الخارجية والمحلية التي اعتادت نهب ثروات هذه البلاد . خلاصة القول لا حل ممكناً إلا على يد أمريكا التي استفادت أكثر من أي دولة أخرى في العالم من ثروات شعوب أمريكا الوسطى، ولا حل ممكناً إلا ويبدأ بتسهيل هجرة هؤلاء الأطفال ورعايتهم وصنع مستقبل جديد لهم .
أطفال الشوارع في مصر لا يهاجرون بسبب جغرافية المكان، إنما يهاجر هؤلاء الذين تلقوا نصيباً من التعليم والخبرة . بمعنى آخر لا حل ممكناً لأطفال الشوارع في مصر ينتظرهم أو يأتيهم من خارج الحدود، بل لا حل ممكناً خارج إطار شبكة برامج للحد من الفقر ورفع مستوى المعيشة في الريف المصري وتطوير العشوائيات في أسرع وقت ممكن . المشكلة مرشحة للتفاقم مع استمرار فشل الدولة وتقصير منظمات المجتمع المدني وتجاهل المواطنين لها . الأطفال يكبرون والأسفلت يعلمهم القسوة ويكسبهم مهارات وسلوكيات تؤذي المجتمع وتهدد الاستقرار .
عندئذ الصدام واقع لا محالة ولن ينفع الندم .
نقلا عن صحيفة الخليج


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.