بعد ان طرحت فى موضوع الحلقة الماضية لماذا ينجح الغرب فى ضبط موازين القوى العسكرية لصالحه ؟ نعرض اليوم بعض من اهم احتياجاتنا العسكرية ، وبواطن القوة والضعف لدينا ، ونكشف فى ذات الوقت المزاعم الاسرائيلية العسكرية ، وما تكشفه دراسة عسكرية عن معاناة الجيش الاسرائيلى ، وكيف نستعد للمرحلة التاريخية المُقبلة بعد نجاح ثورة شباب 25 يناير المصرية . فما هى اولا أهم مصادر التهديد لاسرائيل من وجهة نظرها . . ؟ لقد انزعجت حكومة تل ابيب بسبب نتائج الثورات العربية على الرأى العام العربى وخاصة فى مصر ، حيث اصبح لدى اسرائيل يقين بان عملية السلام لم تنجح في تطبيع العلاقات الشعبية وبناء الثقة بين اسرائيل والدول العربية ، وهو ما دفع الدولة العبرية الى الاستمرار في تنفيذ برامج تسليحها ، ووضع استرتيجية وسيناريوهات حرب محتملة مع العرب ، تشمل حتى الدول العربية التي وقعت معها اتفاقات سلام ، ولقد اعرب صراحة عدد من كبار الجنرالات فى الجيش الاسرائيلى عن قلقهم من المُستقبل القريب ، ومنهم : ( اسحاق موردخاي ، امنون ليبكين شاحاك ، مانان فيلاي ) ، وذلك بعد رصد الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية للتطورات على الحدود مع الدول المجاورة لاسرائيل ، وقد جاء فى بعض من تصريحات هؤلاء : ان السلام مع مصر مصحوب بخطة طوارئ عسكرية ، وانه لا يمكن لاسرائيل ابداً ان تتجاهل الجبهة المصرية . وعلى الرغم ان الادارة السياسية لحكومة تل ابيب لا ترغب فى التحدث بشكل واضح عن خططها العسكرية بسبب اتفاقيات السلام ، الا انها لم تخفى قلقها بسبب حصول مصر على كميات كبيرة من الاسلحة الحديثة من الولاياتالمتحدةالأمريكية ، وورود تقارير عسكرية تؤكد انه بسبب ما حصلت عليه مصر رفع مستوى دفاعاتها الجوية ، وعزز قواتها الجوية بأسراب من مقاتلات أف 16، وان القدرات المصرية قد تطورت فى مجالات الحرب الالكترونية الى حد كبير . كما انها – اسرائيل – على الرغم من صداقتها القوية وتحالفها مع حكومة واشنطن ، الا ان التعاون العسكري مع الولاياتالمتحدة في تطوير الصناعات الحربية المصرية ، ورفع الاداء التكتيكي للوحدات القتالية في الجيش المصري يثير قلقها. لكن لا يجب ان نرتكن الى ما يتردد هنا وهناك ، سواء اعلامياً يهدف للخداع ، او بهدف تحقيق مكاسب سياسية اسرائيلية ، فحتى الآن تؤكد دراسات عسكرية محايدة ان جيشنا المصرى يحتاج لإمتلاك قواته الجوية لأسلحة ذكية قادرة على اصابة اهداف من مسافات خارج مرمى البصر ، لاسقاط مُقاتلات العدو وتحطيم دفاعاته الجوية من ارتفاعات عالية وآمنة ، ويتمكن فى ذات الوقت من زيادة قدراته على قصف عُمق العدو وخطوطه الخلفية من مسافات بعيدة ، دون إغفال عمليات تأمين أجهزة مُحاكاة ومعدات عسكرية متطورة ، تمكن القوات من إجراء تدريبات عسكرية مُنتظمة تكون قريبة جداً من الواقعية ، اضافة الى تكثيف برامج المُناورات بالذخيرة الحية ، وامتلاك القدرة على شن هجوم الكتروني لشل وسائل الاتصال ورادارات العدو ، وأجهزة مُضادة للحرب الالكترونية المتوقعة ، تلك التى يخطط لها العدو الاسرائيلى منذ عقد من الزمن ، واهتم بها كثيرا مؤخراً عقب الثورات العربية ، واحتمالات انهاء حالة السلام مع العرب وخاصة مصر. ولقد حان الوقت لإعتماد قواتنا المُسلحة الى اسلوب جديد فى المناورة والحركة السريعة في ساحة المعركة ، لإزالة الفروقات الفعلية " إن وجدت " بين العمليات الدفاعية والهجومية ، وذلك من اجل الحفاظ على مستوى عال من المرونة يتماشى مع السُرعة الكبيرة التي تسير فيها المعارك والحروب التكنولوجية الحديثة. وهذا الذى نحتاج اليه من استعدادات عسكرية يجب الا ينسينا ايضا التعرف على حالة الدولة العبرية المزعومة ، حيث تعاني اسرائيل على الرغم من تفوقها العسكري من نقاط ضعف ، حيث تؤكد بيوت الخبرات العسكرية ، ان اسرائيل لا تزال ضعيفة امام حدوث الهجمات المفاجئة على غرار ما حدث في حرب العاشر من رمضان المعروفة بالسادس من اكتوبر وحرب الغفران ، لذلك فان الجيش الاسرائيلى يستثمر كثيراً وينفق أموالا طائلة في شراء وتحديث نظم المُراقبة والتجسُس لتفادي هذه المشكلة ، أيضا ورد فى دراسة عسكرية حديثة : " انه بغض النظر عن التفوق التكنولوجي والنوعي لاسرائيل، فانها لن تستطيع الصمود طويلاً امام كثافة النيران والتفوق العددي ، الناتجين عن هجوم عربي شامل حال حدوثه ، كما ان الرأي العام الجماهيرى الاسرائيلي لا يتقبل الخسائر البشرية الكبيرة. ومن اهم نقاط ضعف اسرائيل عمليات مواجهة حرب فصائل عسكرية منظمة ، على غرار ما قامت به فصائل حزب الله في جنوب لبنان ، ومن المفيد معرفة ان التطور التكنولوجي الاسرائيلى لا يفيد جيش العدو في تحسين ادائها حال حدوث عمليات حرب الشوارع خصوصاً في المناطق المأهولة والمكتظة بالسكان ، ولا تزال اسرائيل حتى يومنا هذا غير قادرة على تأمين حماية فعالة 100 في المئة ضد أي هجمات بأسلحة الدمار الشامل. وتشير الدراسات ( الاسرائيلية - الاسرائيلية ) تلك التى تسربت مؤخرا لبعض من وسائل الاعلام الهولندية المتخصصة ، الى شكوى كبار جنرالات الجيش الاسرائيلى من مشاكل داخلية تؤثر في مستوى اداء الجنود ، ومنها فقدان الروح القتالية لدى غالبية الشباب الاسرائيلي ، ويتضح ذلك من مطالب مستمرة لمُعظم المجندين بآداء الخدمة العسكرية في الخطوط الخلفية. كما ان هناك شكاوى عديدة ومتكررة من وجود تخمة في القيادة الاسرائيلية ، ناهيك عن انتشار البيروقراطية ، وعلى عكس ما يعتقد البعض من كفاءة الدولة العبرية فى سرعة استدعاء قوات الاحتياط ، الا ان القيادة العسكرية الاسرائيلية لا تزال تبحث عن حل لمشكلة عُنصر الزمن ، الذي تحتاجه لاستدعاء قوات الاحتياط ، وحشد قواتها في حال تعرضها لهجوم شامل من طرف الدول العربية . وعلى الرغم من ما تغدق به امريكا على اسرائيل من اموال ، وما يصلها من تبرعات الدول الأوروبية الا انها تعانى من تراجع الأموال المطلوبة لعمل التدريبات والمناورات العسكرية اللازمة ، وهذا يؤثر بالسلب في مستوى استعدادات القوات الاسرائيلية وتجهيز جيشها ، اضف الى ذلك حالة الانقسامات داخل الشارع الاسرائيلي بين اهم شرائح المجتمع من علمانيين واصوليين ، تلك الانقسامات التى تؤثر على تركيبة ونسيج الوحدات العسكرية داخلياً. وتشير الدراسة العسكرية الى ان تركيز الدولة العبرية على زيادة الانفاق من اجل تمويل مشروع الشبكة المضادة للصواريخ الباليسيتية ، ادى الى تراجع تحديث قطاعات عسكرية اخرى لديها ، خصوصاً قطاع البحرية الاسرائيلية ، كما ادت عمليات خفض بعض النفقات الى تهديد عدد من المصانع الحربية الاسرائيلية ، التي كانت تعتمد اساساً على تلبية إحتياجات جيش الدفاع الاسرائيلي ، الا ان اهم ما اشارت اليه تلك الدراسة هو مشكلة تدني حالة الروح المعنوية في صفوف الجنود الاسرائيليين ، بسبب الفشل في خلع جذور الانتفاضة الفلسطينية ، التى تندلع من حين لآخر فى الأراضى المُحتلة. ايضا يعلن بعض من ضباط الجيش الاسرائيلى قلقهم من استمرار تطور القوات الاردنية ، نتيجة المُساعدات الاميركية خصوصاً انهم يعتبرون ان الوضع في المملكة الهاشمية لا يزال هشاً ، نتيجة الجمود المسيطر على مسار العملية السلمية وتفجر الانتفاضة الفلسطينية في الاراضي المحتلة من وقت لآخر. ومن المثير للدهشة ان اسرائيل ابلغت امريكا وعدد من الدول الأوروبية انها تخشى من حدوث تغير جذري في سياسة دمشق ، بعيداً عن السلام كخيار استراتيجي ، وذلك على الرغم من انشغال الشارع السورى بالثورة ، وانشغال حكومة بشار الأسد بمحاولة اجهاضها بجيش سوريا ، ويبدو انها لعبة السياسة الاسرائيلية ، حيث تشير المعلومات ان اسرائيل ابلغت امريكا ايضا بانها غير راضية عن التطمينات التى تلقتها من قيادة المجلس العسكرى المصرى ، واعلانه التزام مصر بإتفاقية السلام مع اسرائيل ، لذلك جاءت تقارير الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية ، وبعض من تقارير الموساد ، تؤكد وتنصح الادارة السياسية للدولة العبرية بانه على اسرائيل الا تتجاهل الجبهة المصرية خاصة بعد ثورة 25 يناير . . فهل مصر مُستعدة للمخطط الاسرائيلى الجديد ؟ . . [email protected]