لم ينتظر هولاكو وقتاً طويلاً.. ولم يعط الخليفة المستعصم ما يريده من الوقت للتفكير المتعمق، ولكنه قرر أن يجبره على سرعة التفكير، وبدأ إطلاق القذائف النارية والحجرية على بغداد، مستخدماً في ذلك أحدث التقنيات العسكرية في ذلك الزمان.. وبدأ القصف التتري المروع لأسوار وحصون وقصور وديار بغداد، وبدأت المدينة الآمنة تُروع للمرة الأولى تقريباً في تاريخها. يتكرر سيناريو الفرار والخيانة والسقوط السريع، بعد أن سقطت أجزاء كبيرة من بلاد الرافدين فى قبضة عناصر تنظيم "داعش" –الدولة الإسلامية فى العراق والشام. الانهيار السريع والفرار والخيانة والسقوط..سيناريو متكرر للجيش العراقى، بدأ على يدج التتار وانتهى بتنظيم "داعش" مرورا بهروب الجيش أمام الجيش الأمريكى فى ليلة وضحاها، وهو الحال الآن الذى تكرر أمام مجموعات مسلحة تطلق على نفسها جيش الدولة الإسلامية فى العراق والشام. فى ليلة وضحاها فوجئ العالم بسقوط تكريت والموصل وعدد من المدن العراقية الأخرى، التى تسقط الواحدة تلو الأخرى فى يد تنظيم "داعش"، الذى قام بفتح الحدود العراقية السورية بالأوناش وفرض سيطرته على الأوضاع فى العراق، وبدت الأوضاع مأساوية جراء الفوضى والاقتتال بعد هروب قوات الجيش. وبعد سقوط الموصل في قبضة تنظيم داعش، حضرت ثلاثة أسماء عسكرية بارزة، ووضعت تحت الضوء، هم: قائد القوات البرية الفريق أول علي غيدان، وقائد العمليات المشتركة الفريق أول عبود قنبر، وقائد الشرطة الاتحادية في الموصل اللواء مهدي صبيح الغراوي. وأشار محافظ نينوى أثيل النجيفي، الذي نجا بنفسه قبل أن تلتهم داعش الموصل وبقية بلدات نينوى-وفق ما ذكرته فضائية العربية الحدث، إلى تورط تلك الأسماء الثلاثة فى هزيمة الجيش العراقى، محملا إياهم مسئولية إسقاط المحافظة كلياً، حيث اتهمهم بتضليل القيادة في بغداد عن حقيقة ما يجري في محافظة نينوى، خاصة أن زيارة الفريقين غيدان وقنبر إلى الموصل كانت قبل 72 ساعة من سقوطها، وعندما كانت عمليات "داعش" في بداية انطلاقها وفي شكل محدود. وأكدت مصادر أمنية عراقية، اليوم الأربعاء، لفضائية "العربية الحدث" أن مسلحين من داعش سيطروا بالكامل على مدينة تكريت العراقية- بلدة الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ورصدت مقطع فيديو لعناصر داعش وهم يتجولون في شوارع المدينة وهم يطلقون النار في الهواء، وظهر في مقطع ثان جنود عراقيون وهم يفرون من قاعدة "سبايكر" العسكرية بالمدينة. وسقطت مدينة تكريت، في أيدي المسلحين بعد اشتباكات عنيفة لم تدم إلا لساعات معدودة، وأفاد مراسل "الحدث" بورود أنباء عن أسرى من عناصر الأمن لدى المسلحين و"داعش" في تكريت، وأنه يجري اقتيادهم إلى سجون القصور الرئاسية في تكريت. ظل المغول على قصفهم مدة أربعة أيام من أول صفر إلى الرابع منه سنة 656 هجرية، وفي يوم الرابع من صفر بدأت الأسوار الشرقية تنهار، ومع انهيار الأسوار الشرقية وانهار الخليفة تماماً، ولجأ الخليفة إلى صديقه الخائن مؤيد الدين العلقمي، وسأله ماذا يفعل؟ وأشار عليه الوزير أن يخرج لمقابلة هولاكو بنفسه لكي يجري معه المفاوضات. وذهبت الرسل إلى هولاكو تخبره بقدوم الخليفة، فأمر هولاكو أن يأتي الخليفة، ولكن ليس وحده، بل عليه أن يأتي معه بكبار رجال دولته، ووزرائه، وفقهاء المدينة، وعلماء الإسلام، وأمراء الناس والأعيان، حتى يحضروا جميعاً المفاوضات، وبذلك تصبح المفاوضات كما يزعم هولاكو ملزمة للجميع، ولم يكن أمام الخليفة الضعيف أي رأي آخر، فقتل هولاكو كل رجال الخليفة وتركه ذليلا. وفي أنقرة، قال مسئولون أتراك، الخميس، إن تركيا تتفاوض لإطلاق سراح 80 مواطناً تركياً يحتجزهم مسلحون إسلاميون في مدينة الموصل بشمال العراق. وقال المسئولون إنه لا يمكنهم تأكيد تقارير عن إطلاق سراح بعض الرهائن. وقال مسؤول تركي: "ثمة تقارير في وسائل الإعلام عن إطلاق سراح مواطنينا لكن لا يمكننا تأكيد هذه التقارير في هذه المرحلة.. نجري مفاوضات منذ أمس لتأمين مواطنينا ولاتزال المفاوضات جارية". وقبل عشر سنوات، تابع العرب صور الجنود الأميركيين وهم يتجولون في شوارع بغداد في التاسع من أبريل عام ألفين وثلاثة سقطت عاصمة الرشيد، بعد حرب شنتها الولاياتالمتحدة وحلفاؤها، ولم تدم أكثر من ثلاثة أسابيع، فى مشهد ادهش الجميع بعد ان خرج قادة "صدام" على العرب بتصريحات بأن العراق لن يهزم وأن الأمريكان سيفرون كالبعير، إلا أن صدام وجنوده هم من فروا وتركوا البلاد مغنما للأمريكان. وانتهى في ذلك اليوم حكم الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين. ودخل العراق حقبة جديدة، يصفها البعض بالديمقراطية، ويصفها آخرون بالفوضى الخلاقة، ولا أحد يعرف حتى الآن سبب السقوط المتكرر. ومن جانبه قال الكاتب اللبناني غسان شربل، فى مقالة له إن "داعش" جيش صغير فعال عابر للحدود لا يؤمن بالدول القائمة ولا بالتعايش بين مكوناتها، وهذا يعني أن دخوله إلى هذه الدولة أو تلك يعني الحرب الأهلية والحرب المذهبية والفتك بالأقليات. وأوضح أن "داعش" تضم مقاتلين أشداء متطرفين أخضعوا لدورات تدريب فعلية وتم غسل أدمغتهم بطريقة مخيفة واعترف معتقلون من أفرادها بأنهم كانوا يتسابقون على تنفيذ العمليات الانتحارية، كما أن التنظيم يملك أسلحة حديثة، استخدم في هجوم الموصل مثلاً صواريخ أوكرانية مضادة للدبابات من طراز "سكيف" شديدة الفعالية وهي بالمناسبة غير مطروحة في السوق السوداء ما يرسم علامات استفهام حول تمكن التنظيم من الحصول عليها. وذكر أن التنظيم يملك دخل شهرى ما يقارب 50 مليون دولار بفعل إتاوات وضرائب وتبرعات، مما يعطيه قدرة عالية على الاستمرار في القتال.