الإخوان والسلفيون تغضبهم الحضارة المصرية القديمة وتسبب لهم الجنون بل والعته والهلوسة فهم لا يجدون لها مبرراً وتعتبرهم من الكفار يجب إعدامهم وربما التمثيل بأجسادهم التى مازالت محفوظة حية تقريباً!. ولذلك يحرضون على إعادة قتلهم وإلى الأبد وتحطيم تماثيلهم العظيمة الرائعة منذ فجر التاريخ والتى يعتبرونها أصناماً ولوحاتهم الجميلة الساحرة وبردياتهم التى تحكى تاريخاً مجيداً. فى حين أن دولتنا لا تردهم رغم أن السياحة يمكن أن تكون كنزا لنا، كأن القدماء قصدوا أن نستثمرها اليوم وإلى الأبد. بينما يجد البعض من يصدقهم فيعتدى على أثارنا ومنهم من ينتهز الفرصة لسرقتها وبكل بساطة. فالعالم كله يتحرق شوقاً لامتلاكها إلا هم. خاصة أن معظمنا يسكت ويتفرج وكأن الأمر سرقة عادية لا تهمنا ولا تعنينا. وآخر الأخبار تقول إن الآلاف من هذه القطع الأثرية قد سرقت ونهبت فى السنوات الأخيرة وتباع حالياً فى جميع أنحاء العالم. وحجة هؤلاء المخبولين لتحطيمها أو سرقتها أنها ضد الدين. كأننا سنترك ديننا وندخل فى دين الفراعنة أفواجاً! بينما على أرض الواقع معظم المصريين لا يعرفون شيئاً عنها وبالتالى لا يفتخرون بها. فهل يقدم الملايين من أصحاب الديانات الأخرى فى العالم على هدم آثارهم خوفاً على أديانهم من الاندثار؟! وجاء فى الأخبار منذ أيام أن أحد الإسرائيليين أعلن أن الذين غنوا ورقصوا أمام لجان الانتخابات احتفالاً ب«السيسى» وحتى من قبل فوزه، هو طقس معروف منذ أيام مصر القديمة. وبالفعل نستطيع أن نرى رسومهم على الحوائط والجدران فى أيام أفراحهم وانتصاراتهم وبالطبع هم لا يرقصون اليوم احتفالاً بأحمس محرر مصر من الهكسوس ولكن لأنهم دون أن يتنبهوا يرقصون ويغنون مثل القدماء لأنهم حتى الآن يحملون جينات الأجداد وكأن «السيسى» هو محررهم اليوم من الإخوان، وهو ما يثير حنق الإخوان والسلفيين ومن خلفهم الذين أبطلوا أصواتهم فى الانتخابات. وقد وقفت يوماً مشدوهاً أمام جدارية من آلاف السنين وأنا أتأمل فيها رسماً لفلاحة مصرية لها نفس ملامحنا اليوم تحمل فى اليد اليمنى إوزتين وفى اليد الأخرى بطتين بينما تحمل فوق رأسها بلاصاً وهى تمشى بكل بساطة واتزان. تماماً كما تفعل فلاحتنا اليوم. فى الماضى بدافع من الغيرة والعجز حاولت الغزوات التى دخلت مصر أن تحطم وتمحو آثارنا أو سرقتها. لكن عندما غزانا الفرنسيون سعوا لأن يتعرفوا على هذه الحضارة الرائعة التى لم يفكوا كل شفرتها حتى اليوم. فسعت كل الدول التى تقدمت أن تحذو حذوهم وتتسابق معاً لمعرفة وفهم هذه الحضارة التى سبقت الجميع وتركت كنوزاً فى العلم والطب والفلك والهندسة وما لم نعرفه بعد! ويبدو أننا لا نريد! وكتبت مرة عن المسلة الفرعونية التى بناها الرئيس الأمريكى جيفرسون والتى سألتهم وأنا هناك عن مغزى بناء المسلة فقيل لى إن الرئيس يرسل للعالم رسالة ملخصها أن الحضارة الأمريكية هى التى تحكم الآن ولمدة ألف عام على الأقل كما حضارة قدماء المصريين. ونتحدث هذه الأيام عن استخراج البترول والمعادن والفحم بل والذهب ونخطط حتى لا نبيعها للخارج بأرخص الأثمان بينما نعود ونشتريها بعد تصنيعها بأضعاف أضعاف ما بعناها بها. لكننا لا نتحدث عن تركة عظيمة تركها لنا الأجداد على مدى أزمان طويلة فنتركها للصوص لنهبها وبيعها للأجانب من كل بلاد العالم. بينما نترك غيرنا يتحدث عن هدم ومحو وطمس حضارتنا. وبالمقارنة يجب أن نهتف إعجاباً بلصوص الآثار، فهم على الأقل يزيدون دخلنا السنوى، ويذهب بعض منه إلى الفقراء! بعكس الإخوان والسلفيين الذين يحطمون تاريخنا المسجل فى كل مكان ويحرقون فى الوقت نفسه الكنائس القبطية الأثرية وغيرها من الآثار التى تملأ كل شبر فى مصر. وهم بالمقارنة أيضا أفضل من الذين يحفرون الأرض ليصنعوا أنفاقاً من غزة إلى حدودنا ليهربوا من خلالها السلع المدعمة لتذهب لهم ولا يجدها شعبنا. بينما نحن أحوج ما نكون أن نحفر كى نستخدم كنوزنا المدفونة فى كل أرضنا. والتى لا توجد إلا فى بلادنا ولا يستطيع أحد أن يعيد تصنيعها.