يحكى أن الإسكندر استفسر عن قلة الأحكام والشرائع بالهند فقيل له: «الحق من أنفسنا والعدل من ملوكنا» فقال لهم: أيما أفضل العدل أم الشجاعة؟ قالوا له: إذا استعمل العدل أغنى عن الشجاعة. وقال كسرى عظيم الروم: لا ملك إلا بالجند ولا جند إلا بالمال ولا مال إلا بالبلاد ولا بلاد إلا بالرعايا ولا رعايا إلا بالعدل. ولذلك يريد الناس قاضيا يحكم بالعدل وليس رئيسا ظالما بالقانون..ولهذا تمنوا رئيسا مثل المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية المؤقت منذ 3 يوليو العام الماضى!! الرجل العدل في اللغة هو الذي لم تظهر منه ريبة، وهو الذي يرضى الناس عنه، ويقبلون شهادته ويقنعون بها (فى المصباح المنير ولسان العرب). وهذا هو المستشار عدلى منصور، وتعريف أهل العلم للعدالة، إنها « ملكة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة». وصاحبها كان المستشار عدلى منصور الذى تحمل مسئولياته كقاض عادل لم يرتض الظلم لفرد من الشعب أو للشعب كله من جماعة ظالمة، وهذا لم يكن غريبا عليه، فهو كان المنصف للمواطن ضد الدولة طوال عمله فى مجلس الدولة، وكان حاميا للدولة من تعنت الحكومة وجبروت جهاتها الإدارية لصالح المواطن والدولة معا. حيث إن مجلس الدولة يعتبر هو حصن الحقوق والحريات للمواطن لأنه يختص بالفصل في المنازعات الإدارية التي بين الأفراد والجهات الحاكمة في الدولة، ويقوم بإلغاء القرارات الصادرة من الحكومة. والعدالة هى مشكلة المصرى، والحاكم الظالم هو سبب كل شكوى ومظاهرة وثورة قام بها المصريون، من أيام شكوى الفلاح الفصيح للفرعون من مندوبيه بالفيوم وسرقة حماره والاعتداء عليه ظلما ولم يهدأ حتى تمكن من الحصول على حقه، ومن أيام عمر بن الخطاب عندما ذهب إليه مصرى يشكو من ابن عمرو بن العاص والى مصر، الذى ضربه بسبب فوزه عليه فى سباق وقال له أنا ابن الأكرمين. فأحضر الخطاب عمرو وابنه وأعطى المصرى سوطا وقال له اضرب ابن الأكرمين ومن أيام أحمد عرابى لما تحدى الخديو ووقف وقفته الشهيرة ضد استعباد المصريين، ورافضا الظلم الواقع عليهم فى الجيش ،ورضخ له الخديو. ولما قاد جمال عبد الناصر الضباط ضد الملك فاروق وفساده وظلمه للمصريين والاعتداء على حقوقهم، ولما تظاهر الطلاب والعمال ضد عبد الناصر فى 68 بسبب الأحكام الهزيلة للضباط الذين تسببوا فى هزيمة يونيو، واضطر عبد الناصر لإعادة المحاكمة. ولما تظاهر الشعب كله ضد انور السادات لقراراته الاقتصادية الظالمة فى 17 و18 يناير 77 وأجبروه على التراجع عن قراراته، ولما ثاروا على مبارك وخلعوه فى 18 يوما بسبب ظلمه وفساده !! ولما عزلوا محمد مرسى بعد عام من رئاسته للجمهورية لأنه اعتدى على حقوق المصريين واعطاها لجماعته، الذين استحوذوا على الحكم وكأنه غنيمة هبطت عليهم وحدهم من السماء..فهبط المصريون عليهم من كل شوارع مصر! ولذلك تمنى المصريون فى كثير من الأوقات أن يستمر عدلى منصور رئيسا على الأقل أربع سنوات قادمة، لانهم يريدون قاضيا يحكم بينهم بالعدل، ويوزع الثروة بالعدل، ويوزع الخدمات على المحافظات بالعدل، حتى داخل المحافظة الواحدة لا يفرق بين احياء واخرى، وان يوزع الوظائف بالعدل بين العاطلين وألا تكون متاحة بالمحسوبية على ابناء كبار المسئولين، حتى انبوبة البوتاجاز يريدون الحصول عليها بدون وساطة او رشوة ولكن بالعدل..لأن الناس فى مصر ذاقوا المرار من الظلم، ومن غياب العدالة، ويخشون التورط مع رئيس يعمل لفئة الأغنياء دون الفقراء أو لجماعة دون أخرى. والناس فى مصر لا يريدون سوى ما قاله تعالى: «إنّ اللّه يأمر بالعدل والإحسان». وما قاله الرسول عليه السلام : «العدل أحلى من الشهد، وألين من الزبد، وأطيب ريحاً من المسك».