يرفع مقاتلون سوريون علم تنظيم "القاعدة"، فوق أعلى نقطة فى التل الأحمر الذى لا يبعد سوى بضعة كيلومترات عن القوات الإسرائيلية المرابطة فى مرتفعات الجولان. ويشبه أحد الرجال من قادة "جبهة النصرة" التي تستلهم فكر "القاعدة" ساحة القتال بالكفاح الذي خاضه رفاقهم منذ سنوات في أفغانستان، وعلى مقربة في تلك المنطقة الزراعية الخصبة تمددت على الأرض جثث جنود بالقرب من دبابة متفحمة تنتمي الى العهد السوفياتي. وسقط هذا الموقع في الشهر الماضي، وبعد أيام جرى الاستيلاء على قاعدة لواء المشاة 61 في القوات المسلحة السورية قرب مدينة نوى، في واحد من أكبر الانتصارات التي حققها المقاتلون في جنوب سورية خلال الحرب الدائرة فيها منذ ثلاث سنوات. ولا ترجع أهمية هذه المكاسب إلى كونها توسيعا لنطاق سيطرة المقاتلين قرب مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل وقرب الحدود الأردنية فحسب، بل لأن مركز قوة الرئيس بشار الأسد في دمشق يقع على مسافة 65 كيلومترا إلى الشمال. وأدت هذه الانجازات لمقاتلي "جبهة النصرة" إلى رد عنيف من قوات الأسد شمل قصفاً جوياً. كما أرسل الجيش تعزيزات من القوات الخاصة إلى الجنوب في الأيام الأخيرة بعد انسحاب المقاتلين من مدينة حمص، ما خفف الضغط على الجيش حولها. وتعكس هذه التعزيزات تصميم الأسد على ألا يفقد سيطرته على مدينتي نوى والقنيطرة على سفوح مرتفعات الجولان قبيل الانتخابات الرئاسية التي تجري في3 حزيران (يونيو) المقبل. ويعمل حوالى 2000 مقاتل من مقاتلي "جبهة النصرة" في المنطقة بقدرات تنظيمية تفوق بكثير قدرات منافسين أميل الى العلمانية أفقدتهم خلافاتهم ومشاحناتهم الكثير من التأييد الشعبي. ويدير مقاتلو الجبهة عشرات من نقاط التفتيش عبر سهل حوران من حدود مرتفعات الجولان غرباً إلى درعا على الحدود الأردنية ومدن أخرى على مسافة 60 كيلومتراً شرقاً. وفي الأشهر الستة الأخيرة، أقامت جبهة النصرة مكاتب لها في الحي القديم في مدينة درعا التي كان النفوذ فيها لفترة طويلة لمجموعة مختلفة من الألوية المقاتلة المشكلة على أساس قبلي. وأدى ظهورها إلى تآكل التركيبة القبلية للألوية الصغيرة والجمعيات الأسرية التي اعتبرها الأردن والسعودية لفترة طويلة حصناً في مواجهة المذهب السلفي المتشدد الذي يروج له متبرعون أثرياء من الخليج.