يعجبني كثيرا في احاديث المشير عبد الفتاح السيسي، أنه الوحيد من المسئولين، الذين طالبوا الشعب بالعمل الجاد. فالأوطان لا تقام ولا تبني إلا بسواعد أبنائها وعلي أكتاف شبابها. ذلك، شريطة أن يكون هناك القدوة والقيادة الحسنة، التي ترعي شباب وشعب مصر وتقوده للسير علي طريق الخير والرخاء. لقد عانت مصر، لسنوات وسنوات من التسيب واللامبالاة والتكاسل، إلي حد أن الكثير منا وخاصة العاملين بالدولة والقطاع العام يريدون أن يأخذوا دون أن يعطوا. هذا أمر مستحيل فالعطاء لابد أن يقابله الأخذ، هذه هي سنة الحياة. أما ما لم يعجبني في أحاديث سيادة المشير، هو تفاؤله الشديد، خاصة في مشروعيه في الظهير الغربي والظهير الشرقي لنهر النيل. صحيح أن هذين المشروعين إذا ما تحققا وتم دراستهما دراسة مستفيضة وكافية سيحققان فوائد كبيرة جدا لمصر وشعب مصر. ولكن أنا أتصور أن مصر الآن لديها مشاكل كبيرة في المياه، سواء مياه الشرب أم مياه الري، ولا أتصور أبدا مع هذه المشاكل أن يتم التوسع شرقا وغربا بهذا الكم الكبير دون دراسة مستفيضة وأكيدة تثبت أن المياه الجوفية متوفرة في هاتين المنطقتين وإلي أجيال بعيدة. أعجبني في سيادة المشير، اهتمامه الكبير بالأمن، فالأمن يعني الاستقرار. وبالتالي، فإنه بلا أمن وبلا استقرار لا أمل إطلاقا في أي نجاح. ومن هنا، فإني أري ضرورة أن تحل المشكلة الأمنية بالطريقتين العسكرية وبجانبها الطريقة السياسية. إن مشكلة الأمن مشكلة كبيرة وتدخلت فيها دول كثيرة لها أهداف ومآرب خبيثة، فلا يغيب عن أحد أن الاستقرار والأمن مطلوب علي مستوي منطقة الشرق الأوسط كلها، لأن أعداءنا يهدفون الي تخريبه وتدميره وتفتيته وتقسيمه. كما لاحظت أن سيادة المشير يعتمد في أحاديثه كثيرا علي اخواننا العرب. لا شك أن هناك مصالح مشتركة بيننا وبينهم في فرض الأمن والاستقرار للمنطقة كلها. نحن جميعا مهددون، ولابد أن نتكاتف وأن نتعاون للوقوف جميعا ضد الإرهاب الأسود ومن يقف وراءه من الدول المغرضة، التي تهدف الي تخريب منطقتنا العربية. ولكن يأتي السؤال، إلي أي مدي يمكن الاعتماد علي المساعدات والمعونات العربية؟ وهل ستقف هذه الدول إلي جانبنا حتي ننهض ونقف علي أقدامنا؟ أما عن المرشح الثاني السيد حمدين صباحي، ورغم اختلافي الكبير معه في المبادئ والفكر، إلا إنني أعجبت به إعجابا كبيرا، لإصراره وشجاعته وإقدامه دون يأس أو إحباط. لقد أخذا الأمور بجدية وشهامة وشجاعة نادرة. نحن نعلم أن الاستاذ حمدين صباحي مجاهد قديم منذ نعومة أظافره، وقد ذاق الأمرين من العهود السابقة بسبب وطنيته وحبه لبلده. فهو إنسان مصري أصيل محب لوطنه وبلده وشعبه، وفقه الله وسدد خطاه. أما ما لم يعجبني في تصريحات الأستاذ حمدين، هو أن وعوده للفقراء والمحتاجين أكثر من القدرة. صحيح هو يطمح في تطبيق العدالة الاجتماعية بين شعب مصر ولكن هذا امر ليس باليسير كما يتصور وكما يصور للناس. العدالة الاجتماعية هدفنا جميعا ولكن لن تأتي أبدا إلا بالجهد والعمل والمثابرة. فكما قلت سابقا، بدون عطاء لن يكون هناك أخذ. كما لم يعجبني تشبه وتمسك الاستاذ حمدين صباحي بالرئيس الراحل جمال عبدالناصر، فالظروف التي تواجد فيها عبدالناصر تختلف تماما عن الظروف الحالية، فمصر وقتها كانت غنية وخيراتها كانت كثيرة، أما وقد نضبت خيراتها وجفت ثرواتها فمن الصعب تطبيق فكر ومبادئ جمال عبدالناصر في الظروف الحالية. كما لابد أن أذكره أن جمال عبدالناصر قد اعماه الغرور وطغي عليه الكبر، فكانت مذبحة 1967 التي راح ضحيتها خيرة شبابنا وكل عتادنا في الحرب وأموالنا، فخوت خزائننا وخرب اقتصادنا. وعلي كل حال كان الله في عون هذين المرشحين، فلدي كلاهما تلال كثيرة من المشاكل والبلايا والصعاب. فكما قال أحدهما، إن مقعد الحكم في هذه الفترة هو مقعد من نار. وفقهما الله لما فيه الخير لمصرنا الحبيبة، وسدد علي طريق الخير خطاهما، وقدم لنا من هو أفضل لقيادة مصر في هذه المرحلة الحرجة.