فى حديث تليفزيونى أشار محافظ القاهرة إلى أن سكان المقابر أسعد حالاً وأوفر حظاً من سكان المناطق العشوائية. جاء ذلك في سياق حديث سيادته عن خطة تطوير العشوائيات، وأغلب الظن أنه لم ير سكان المقابر على الطبيعة علي الرغم من أن مناطق الجبانات تتركز في منطقة القاهرة القديمة (باب النصر - باب الفتوح) والإمام الشافعى والبساتين وقايتباى والغفير، كما أنه لم يشاهد التقارير المصورة التي عرضها البرنامج التليفزيونى والتي تضمنت مشاهد تحرك المشاعر، فالأطفال يعيشون في عالم آخر غير عالمنا، يرقدون بجانب الموتى، يلعبون أحياناً برفات الهياكل الآدمية التي خرجت إلى السطح بسبب طفح المجارى، معظمهم لم يعرف معني المدرسة، حتي الذين التحقوا بالمدارس حين سُئلوا من جانب المذيعة رد بعضهم بكلمة: أي حاجة، ورد البعض: عايز أبقى ضابط ودكتور ومهندس! واكتفى البعض بالصمت وكانت أمنياتهم جميعاً هم وذويهم: وجود شرطة تحميهم من اللصوص وتجار المخدرات، وراغبى المتعة الحرام التي تمارس داخل بعض الأحواش. يحدث كل هذا بالفعل، هذا إلي جانب أن الحوش الواحد الذي لا تزيد مساحته على ثلاثين متراً يعيش بداخله في المتوسط من 5 : 10 أفراد في حجرة واحدة، وبطبيعة الحال يتعلم الأطفال الممارسة الجنسية! والطريف هنا أن بعض الشباب غير القادر علي الحصول علي شقة من الشقق المخصصة لمحدودى الدخل والشباب والتي لا تقل عن 103 آلاف جنيه، يذهبون إلي المقابر، خاصة باب النصر بالجمالية، وقايتباى بالدراسة يصعقون حينما يخبرهم السمسار، - وهو في الغالب حارس المقابر - بالأسعار، فإيجار الحوش لا يقل عن 500 جنيه شهرياً بدعوى أن هذا الحوش «بحرى وهواه يرد الروح وأن أصحابه لا يزورون موتاهم». وحتى لا أُتهم بالجنون أو التدخل فيما لا يعنيني حين أطالب بتوفير أماكن آدمية لهؤلاء السكان، لأن الرد: هناك أزمة إسكان طاحنة، وأن الموتى سعداء بمزاحمة الأحياء لهم. أكتفى فقط بأن أدعو علماء النفس والاجتماع ليخبرونا بما يتعرض له هؤلاء السكان وأطفالهم من ضغوط نفسية، كما أدعو أي خبير استراتيجى وأمنى ليوضح لنا مدى صحة ما يقال: «إن ساكني المقابر قنبلة موقوتة». أيها السادة الكرام تحركوا قبل أن نفاجأ بإعلانات عن مقابر وأحواش تناسب جميع المستويات.. منها الشعبية والاقتصادية وال5 نجوم!