مشاكل كثيرة تعاني منها مصر والشعب المصري.. يعالجها دستور البلاد الحالي، ومع هذا لا نجد له أثرا حتي الآن في الحياة المصرية، مع أن الدستور تحديدا بمجرد إقراره من الشعب يصبح نافذا ومؤسسا لشتي الأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حتي لو كانت البلاد في مرحلة انتقالية.. يجب علي الحكومة المؤقتة التي تدير شئون البلاد العمل به باستثناء بعض الأمور التي تحتاج الي تشريعات جديدة وتنتظر الانتخابات البرلمانية الجديدة. الواضح أن الجميع ينتظر رئيس مصر القادم وينتظر مع قدومه التغييرات الجذرية تحقيقا لثورتي 25 يناير و30 يونية وتحويل نصوص الدستور الي واقع عملي في الحياة المصرية.. من هنا تأتي أهمية شخص الرئيس القادم لمصر والأحلام والطموحات الملقاة علي عاتقه، وحتي لا نكون منفصلين عن الواقع ونبض الشعب المصري وتوجهاته فإن الغالبية العظمي من هذا الشعب تنتظر قدوم عبدالفتاح السيسي رئيسا لمصر باعتباره المخلص في هذا المرحلة من مشاكل كثيرة تواجه مصر والمصريين. تعليق الطموحات والأحلام ربما يكون سلاحا ذا حدين بسبب ارتفاع سقف الطموحات عند الناس، وانتظارهم لتغيير الأوضاع في مصر خلال فترة زمنية قصيرة، وهوأمر يصعب تحقيقه في عام أو اثنين لأسباب كثيرة يأتي علي رأسها أولويات المرحلة التي تمر بها مصر، خاصة أعمال العنف والإرهاب التي يمارسها الإخوان وكل مناصريهم في الداخل والخارج.. وكلنا يعلم أن الاستقرار الأمني يمثل البداية الحقيقية للتحول الاقتصادي والديمقراطي. أما السبب الثاني والأخطر هو ما يسمي بالدولة العميقة التي أراها أصبحت - عتيقة - في أمور كثيرة وتحتاج الي جرأة وشجاعة نادرة لمواجهتها لأن التحول الذي ينتظره المصريون لن يتم إلا بمواجهة ظواهر تجذرت في هذا المجتمع وأصبحت عرفا سائدا بين المصريين يكاد يكون أقوي من القانون بسبب حالة الإفساد والفساد التي شهدتها مصر علي مدار أكثر من 60 عاما وتحتاج الي ثورات حقيقية داخل النظام ذاته، والمقصود بالنظام الحكومة والمعارضة وما يسمون بالنخبة السياسية التي كانت سببا في فساد الحياة في مصر بسبب خلط المال بالسياسة وخلط الدين بالسياسة وخلط العام بالخاص علي شتي المستويات. الدولة العتيقة في مصر ليست الفساد وحده، وإنما أيضا الوجه الخفي للفساد والواسطة والمحسوبية، وعلاقات البيزنس والصفقات وغياب القانون أو الرقابة عن شرائح عليا أو داخل السلطة، أو أصحاب النفوذ وكلها سببت شللا للأجهزة الرقابية، وسببت فسادا داخل هذه الأجهزة نفسها، ولم يعد مستغربا أن تجد من بين العاملين في هذه الأجهزة من يعرضون خدماتهم بمقابل، ولم يعد مستغربا أن نري بعض وسائل الإعلام تستخدم في اللعبة السياسية والاقتصادية وتعمل لحساب أشخاص أو جهات، وأحيانا تستخدم كأوراق ضغط علي بعض السلطات وتناست دورها الأساسي في المجتمع. رئيس مصر القادم لن ينجح إلا بتحويل نصوص الدستور الجديد الي واقع، وحتي يصبح هذا الدستور نافذا وحقيقيا لا بديل عن تطهير مصر من كل الفاسدين والمفسدين الذين تربوا في كنف الأنظمة السابقة، وشربوا ثقافتها وأفكارها ومازالوا منتشرين في كثير من المواقع والمؤسسات ويشكلون العقبة الحقيقية في تحول مصر نحو الديمقراطية والتنمية والحداثة.