كانت أكثر مشاهد القتل التي شاهدها المصريون، هي الذبح الجماعي للفراخ فى المزارع بسبب إنفلونزا الطيور، ثم مشاهد ذبح الخنازير خوفا من انفلونزا الخنازير.. وقبلهما لم يحدث ان عاش هذا الشعب مشاهد دموية للقتل، حتى عندما انتشرت الحمى القلاعية لم يتحمل قلب فلاح واحد ان يذبح ماشيته ولو كان الثمن إصابته هو بالمرض!! ومنذ ايام تجمع متظاهرون من الاخوان حول سيارة المواطنة ماري سامح وتعدوا عليها بالطعن في كل انحاء جسدها حتى الموت ثم أحرقوا سيارتها.. ليس لانها ترفع صورة السيسى بل لأنها قبطية.. وفى نفس اليوم قتلوا ميادة أشرف عمدا بالرصاص فى وجهها.. ليس لأنها قبطية بل لأنها صحفية، وقبلهما شاهدنا صور القتلة وهم يلقون بالصبية من فوق عمارة سيدى جابر بالاسكندرية.. ليس لانهم جنود او ضباط في الداخلية، بل لانهم مواطنون. وكل هذه الصور إن دلت على شيء فإنها تدل على سيطرة نزعة حيوانية على مجموعات كبيرة من الناس، سواء من الإخوان أو من المتعاطفين معهم من الجماعات الاسلامية المتطرفة الأخرى.. وهذه المجموعات لا تريد سوى الانتقام بصورة عامة من الجميع، وليس فقط المؤيدين للجيش أو الشرطة، أو من الاقباط.. بل كل ما تطوله ايديهم من المصريين!! ويبدو أننا نواجه حالة بلطجة اجرامية دموية تتخذ من السياسة مصدرا لممارسة الارهاب والاجرام.. لم نرها في حروب هتلر ضد اليهود أو الإسرائيليين ضد الفلسطينيين.. حتى الإنجليز الذين احتلوا مصر 70 سنة لم يرتكبوا مثل هذه الجرائم في حق الشعب المصري.. بينما جماعة الاخوان الارهابية وغيرهم من «الاسلامجية» فعلوها بدم بارد، واشاعوا بين الناس فيروس الانتقام والتحريض ضد كل من ليس معهم، وأحلوا القتل واستباحوا دماء كل من يدافع عن الدولة أو مع الدولة.. وبالتأكيد كلنا نتذكر مشاهد قتل الجنود والضباط على الإفطار فى مجرزة رفح الاولى، واغتيال الجنود في مجزرة رفح الثانية، وايضا مذبحة قسم كرداسة البشعة، وأخيرا جريمة قتل ماري وميادة التي اذا تأملناها نستشعر أننا امام جرائم شاذة.. فكيف يمكن ان يجتمع كل هذا العدد من الناس، شباباً واطفالاً وشيوخاً على فتاة بمفردها في سيارتها ويعتدون عليها بالطعن، الى حد الذبح، حتى فارقت الحياة امامهم ثم أحرقوا سيارتها دون ان يرتجف قلب واحد منهم، أو ترتعش يد واحدة منهم، أو تتردد طعنة واحدة منهم؟! ولا يمكن ان تكون هذه الممارسات الدموية مجرد معارضة سياسية ضد النظام الحاكم.. ومن يروج لذلك يكون شريكا في الذبح والقتل.. فلم يحدث في كل المظاهرات الاحتجاجية ضد الحكومة، منذ الستينات وحتى ثورة 25 يناير، وأيضا قبل ثورة يوليو، أن ارتكب المتظاهرون جرائم قتل لجنود الشرطة أو الجيش أو ضد المواطنين .. ولهذا أعتقد انه من الضروري ان يتحرك المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية، وكل المراكز البحثية بالجامعات ومؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة والصلة، للبحث والدراسة في اسباب سيطرة هذه النزعة الاجرامية الدموية وكيفية علاجها.. حيث إن المواجهة الامنية وحدها لن تكون هى العلاج الوحيد والصحيح لوقف نزيف الدم المستمر في الشوارع!!