فى خضم الأحداث السياسية المتعاقبة على مصر، و فى ظل الحقبة الجديدة التى ستدخلها مصر اعتبارا من تولى الرئيس القادم مسئولية البلاد، كان لابد أن نطلعه على أهم عائق فى سبيل تقدم البلاد، و أسباب تدهوره و اضمحلاله من قبل متخصصين. و بما أن التعليم هو أساس التقدم، ولما أن الأمم لا ترتقى إلا برقيه، ولا تسقط إلا بتدهوره، فكان لابد من عرض مشكلات التعليم و ما يحتاجه من الرئيس القادم كى يرقى به و يعيد لمصر مكانتها العلمية بين الأمم، و فى هذا الصدد رصدت "بوابة الوفد" عددا من آراء ممارسين للمهنة ذاتها فى أهم ما يحتاج التعليم لينهض مرة أخرى فى مصر. حيث أكد محمود الدح- عميد أحد المعاهد الأزهرية- أنه لا تنهض الأمم إلا بتطبيق العلم و هذا غير متاح فى مصر، مطالبا الرئيس القادم إعطاء أولوية قصوى للتعليم ليس بالكلام و إنما بالتطبيق الفعلى من حيث عمل برامح مستمرة لتطوير أداء المعلمين و بناء مدارس جديدة بكثافة و جعل وقت العام الدراسى مساويا لوقت العام الدراسى فى الدول المتقدمة من حيث العدد الفعلى للأيام الدراسية دون النظر إلى مواسم سياحية أو مواسم جنى المواد الزراعية أو خلافه، فلابد أن يكون للتعليم سياسة ثابتة و مستقلة لا تتأثر بالمؤثرات الخارجية. و اقترح الدح بتكليف بعض المستثمرين و أصحاب رؤوس الأموال ببناء مدارس بمواصفات عالمية تشرف عليها وزارة التربية و التعليم بشكل كامل أى لا دخل لصاحب رأس المال فى العملية التعليمية مقابل أن ترد له الوزارة أو الدولة ما أنفقه بعد مدة معينة من الدراسة بهذه المدارس و يكون دخول هذه المدارس تظير مبلغ معين يدفعه التلاميذ من ذوات المستوى المادى المتوسط إذ لا يتجاوز ما يدفعه التلميذ به ما يدفعه تلميذ المدارس التجريبية. فى حين توضع مصاريف التلاميذ كوديعة كل عام حتى يتم رد قيمة المبنى الى أصحاب رأس المال و هكذا تكون الحكومة مكلفة فقط بالإنفاق على العملية التعليمية من حيث مرتبات المعلمين و المصاريف الإدارية أما استهلاك المبنى و قيمته ترد إلى المستثمرين أصحاب المبنى. كما طالب عميد المعهد باطالة وقت اليوم الدراسى ليصبح من الثامنة صباحا و حتى السادسة أو السابعة مساء، مع تقديم وجبة للتلاميذ و للمعلمين يستقطع لها ساعة فى وسط اليوم، موضحا أن تدبير التكلفة لن يكون بالأمر الصعب، إذ أنه فى حال أن يدفع كل طالب مبلغ 100 او 200 جنيها شهريا للمدرسة نظير إطالة اليوم الدراسى و هذه الإطالة تكون لإشراف المعلمين على استذكار الطلاب و شرح ما هو صعب و إجراء التطبيقات اللازمة داخل المدرسة. موضحا– من وجهة نظره– لما لهذه الإطالة من فوائد تتمثل فى وجود التلاميذ داخل بيئة تعليمية سوية لفترة طويلة و فى نفس الوقت تمنع الدروس الخصوصية إذ بعد السادسة أو السابعة مساء لا يستطيع أى طالب تلقى دروسا خصوصية و كذلك لا يستطيع أى معلم إعطاء دروس خصوصية كما أن المعلم سوف يعود إلى منزله و أيضا الطالب مما يساعد على تقوية الحياة الأسرية المترابطة التى بات يفتقدها المجتمع حاليا، فضلا عن تخفيف الازدحام المرورى فى مواعيد انصراف الموظفين و أيضا مواعيد خروج العمال فى الخامسة مساء مما يجزئ المشكلة و يساعد فى حلها. و على الصعيد الآخر فإن المقابل المادى للمعلمين نظير العمل حوالى 12 ساعة يوميا يكمن فى مضاعفة رواتبهم فلدينا حوالى 16 مليون تلميذ فى المرحلة قبل الجامعية و عندما يدفع كل طالب 200 جنيه شهريا فيكون المحصل مبلغ ضخم يقدر بالمليارات يصرف على زيادة مرتبات المدرسين و الوجبة المصروفة. أما بشأن التعليم الازهرى فأطالب الرئيس القادم بتقنين الانواع المختلفة من التعليم داخل مصر إذ يقتصر على التعليم العام ( مدارس تابعة للتعليم المصرى) و التعليم الازهرى أى لا وجود للمدارس الدولية معللا ذلك بأن هذه المدارس لا تدرس الهوية القومية للمصريين كما ان انظمة التقويم فيها مختلفة و متشعبة فى الغالب تخدم مصالح الدول التى تمنحها التصاريح و الشهادات الخاصة بها و تنقل الثقافات الخاصة بها إلى التلاميذ لمحة الشخصية المصرية و الذى يعد نوعا من الاستعمار الفكرى و الثقافى لمصر و يذكرنا بما حدث فى مصر فى عشرينيات القرن الماضى مدارس الإرساليات و البعثات التبشيرية. كما أوضح"محمد فؤاد" مدرس أول (أ) رياضيات ابتدائى أنه لابد من مراجعة النظر فى المناهج التى يتم تدريسها، معللا ذلك بضرورة ملائمتها لعقلية الطالب وقت تدريسها له، حتى لا يتسبب فى نفور الطالب من المعلم. و أضاف فؤاد أنه لابد من استعادة هيبة المعلم مرة أخرى داخل مدرسته، إذ أنه أصبح عرضه فى أى وقت لبلطجة أولياء الأمور أو حتى تعدى أحد الطلاب عليه و هذا غير لائق و لا يجوز، مشددا على أن يلتزم كل معلم بتخصصه، و أن يرتقى الحد الأدنى لمرتب المعلم للحد الذى يحيا به حياة كريمة تقيه اللجوء إلى الدروس الخصوصية. و طالب فؤاد الرئيس القادم بإلغاء مجانية التعليم فيما بعد المرحلة الإعدادية، معللا ذلك بأنه حتى المرحلة الإعدادية فهذا يعد تعليما أساسيا و الحد الادنى من التعليم، و لكن فى المرحلة الثانوية لابد من عمل" مصفاة" للطلاب، مشيرا إلى إمكانية إعفاء الطلاب المتفوقين فى المرحلة الإعدادية من المصروفات فى الثانوية العامة. بينما أثار أستاذ ياسر الديب، مدرس لغة عربية، نقطة جديدة و هى وجوب الاهتمام بالرعاية الصحية للمعلم، إذ أنه لا يوجد تأمين صحى كافيا لهم، لافتا إلى ضرورة تحقيق العدالة الاجتماعية للمعلمين متسائلا" كيف يصبح مرتب موظفى الدولة أعلى من راتبه؟!". و طالب الديب الرئيس القادم بضرورة توفير مدارس فى النجوع و الأحياء لمواجهة التكدس الطلابى فى المدارس، مشددا على ضرورة حل نقابة المعلمين الحالية، لأنه يعتبرها تابعة لتنظيم الإخوان الإرهابى. و أبرز "محمود مسعود" مدرس أول (أ) لغة عربية بمدرسة السعيدية الثانوية بنين وجهة نظر جديدة، إذ أوضح مدى أهمية تدخل رجال الأعمال فى العملية التعليمية، مقدما فى ذلك اقتراح كأن يعفى كل رجل أعمال يطور عدد من المدارس من جزء ما تقرر عليه من ضرائب، مضيفا أنه من الممكن جمع جنيه شهريا على فاتورة الكهرباء من أجل التعليم، كما كان الحال فى محافظة قنا من قبل، الأمر الذى أدى إلى تطوير كافة مدارس المحافظة. و أضاف مسعود أنه لابد من انتقاء صفوة الطلبة و الإهتمام بهم و العمل على تنمية مهاراتهم، لافتا إلى ضرورة إيجاد أساليب تعيد الطالب إلى المدرسة، مؤكدا أن الطلاب الآن يفرون من المدارس و لا يرحبون بالذهاب إليها. و أوضح مسعود بشأن المناهج العلمية التى تدرس أنه لابد من إزالة ما بها من "حشو" لا يفيد الطالب، قائلا: " ما فائدة دراسة المعلقات لطالب أولى ثانوى؟"، مشيرا إلى مدى أهمية تخفيف كثافة الفصول، و الذى لن يتحقق إلا ببناء مجمعات مدارس داخل المربع السكنى بحيث تستوعب كم كبير من الطلاب، فى حين لا تزيد كثافة الفصل على 25 طالبا. و طالب مسعود الرئيس القادم بتوحيد نظم التعليم فى مصر، إذ لا يوجد تعليم خاص و آخر عام و آخر دولى، معللا ذلك بأن كل نظام تعليمى وله ثقافته المختلفة، و التى تسبب فيما بعد تشتيت للعقلية المصرية، و من ثم تصبح نظر الأفراد إلى المجتمع مختلفة تماما عن بعضها البعض. كما طالب مسعود بتأهيل المعلمين تربويا للتعامل مع الطلاب، مشددا على أن تكون عقلية المعلم متطور تواكب عقلية الطالب، و قد يعد هذا دور الوزارة، فى إقامة دورات تأهيل للمعلمين، ثم تقييم آداءهم.