تواصل جماعة «أنصار بيت المقدس» رسائلها المفخخة لإرباك المشهد السياسي في مصر، تلك الجماعة التي تظهر عبر بيان تتداوله وسائل الإعلام في أعقاب الأحداث الدموية المتعاقبة والتفجيرات التي تستهدف المنشآت الأمنية، والشخصيات القيادية بوزارة الداخلية. ورغم تتابع التأويلات في كشف هوية «أنصار البيت المقدس» التي تتبنى حسبما تشير الأجواء فكر «تنظيم القاعدة»، فإن عدة آراء ذهبت إلى أن التنظيم وهمي لكنه يخضع لنظرية «التهويل» إمعاناً في قوة التفجيرات التي انتشرت في مناطق متفرقة من الوطن. «أنصار بيت المقدس» لا تعرفها – ويكبيديا - تلك الموسوعة التي تتضمن تعريفاً للمشاهير من الأشخاص والحركات والجماعات المنظمة، لكن الجماعة تعرف نفسها على أنها «ممثل للسلفية الجهادية» التي تسعى لإمارة إسلامية في أرض المسلمين، وتتباين تواريخ النشأة للجماعة «المسلحة» التي تتبنى جميع الأعمال الإرهابية ممهوراً بدوافع «دينية»، يأتي ذلك التباين في أن بعض الخبراء يحيل نشأتها إلى عام 2005، لافتين إلى أنها لم تكن منظمة وتتحرك بهذا النحو من السهولة في الانتقال بين مناطق الحدث، في حين أنها أخذت فى الانتشار منذ عامين فقط. بينما يميل الرأي الآخر إلى أن ظهور جماعة «أنصار بيت المقدس» يرجع إلى ما بعد11 فبراير 2011، مستغلة في ذلك فترة الفراغ الأمني لترتيب صفوفها وإعلان منهجها، هذا المنهج الذي يرفض فترة الديمقراطية بشكل قاطع، وظهر بشكل أوضح عقب عزل الرئيس السابق محمد مرسي، فيما يبدو لإثبات منهجها الرافض لآلية الانتخابات كأحد أدوات العمل الديمقراطي. وتبرز العلاقة بين جماعة «أنصار بيت المقدس» وتنظيم القاعدة في الاعتراف بمنهج «القاعدة» دون مركزية «التواصل» ربما لصعوبته واتساع رقعة التنظيم الدولي الذي يوجد عقله المدبر في أفغانستان وزعيمه أيمن الظواهري. وتعتبر الجماعة التي هددت مؤخراً ب «اغتيال» المشير عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع، ووزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، أن أسامة بن لادن هو المرجعية الروحية لها، واصفة زعيم تنظيم القاعدة الراحل بأنه «شيخ المجاهدين». جغرافياً - حسبما يشير المتخصصون في شئون الحركات الإسلامية - تنتشر جماعة «أنصار بيت المقدس» في «شمال سيناء»، وتحديداً في مناطق «الشيخ زويد»، ورفح الحدودية (المنطقة ج) إلى جانب تواجد ملحوظ في بعض الدول العربية في مقدمتها «قطاع غزة»، والشام والعراق وبلاد المغرب العربي، ويعزز تواجدها في أكثر من بلد عربي رؤيتها في ضرورة إذابة الحدود بين جميع دول العالم الإسلامي. على السطح يبدو الحدث الأبرز ل «جماعة أنصار بيت المقدس» هو تهديد المشير عبدالفتاح السيسي بالقتل عبر بيان يحمل عنوان «الانتقام آت»، وهو البيان الذي قلل البعض من جديته وصعوبة النيل من المشير نظير حرص المؤسسة العسكرية على قائدها من ناحية التأمين، في الوقت الذي دعا فيه بعض الخبراء إلى ضرورة التعامل الأمني مع التهديدات التي توجه للقيادات السياسية والأمنية بالدولة، استناداً إلى وقائع التفجيرات الغادرة التي تنفذها تلك الجماعة المشبوهة مستغلة حالة الانفلات التي يعيشها الشارع الآن جراء مسيرات لاتنقطع لجماعة الإخوان المسلمين «المحظورة» وأنصارها. في خلفية التهديدات التي لا يمكن تهوينها تأتي صورة اللواء محمد السعيد مساعد وزير الداخلية، الذي اغتالته الجماعة ذاتها منذ أيام، بما يعني أن أذرعها في داخل القاهرة تعمل وبشكل فعال على رصد تحركات القادة المستهدفين وهو ما يعزز من ضرورة التعامل الحذر والسعي إلى تفكيك التنظيم المسلح مع القبض على عناصره التي تشكل خطراً على أمن البلاد. في هذا السياق، قال جمال أسعد، المفكر السياسي عضو مجلس الشعب السابق: إنه منذ 28 يناير وأن هناك ثأراً بين الفصائل الإسلامية وجهاز الشرطة يكشف عنه الآن القضايا المنظورة أمام القضاء. وأضاف أسعد ل «الوفد»: أن الزج باسم المشير عبدالفتاح السيسي في التهديدات يأتي نظير تصوير الإخوان المسلمين وحلفائهم للقوات المسلحة على أنها السبب في إسقاط حكم الرئيس المعزول محمد مرسي. وأشار إلى أن الشرطة والجيش لديهما خطط أمنية احتياطية إزاء تلك التهديدات، خاصة في حالة نزول السيسي معترك الرئاسة، وهو الأمر الذي لن يخلو من عقد مؤتمرات جماهيرية تتطلب تكثيفاً أمنياً للمشير في ظل الأجواء المتوترة حالياً. ولفت «أسعد» إلى أن بعض الباحثين يؤكدون وجود جماعة أنصار بيت المقدس، لافتاً إلى أن بعض الذين يريدونها وهمية لديهم رؤية أخرى.. واستطرد قائلاً: «ربما يكون تعاوناً تكتيكياً بين الجماعات المسلحة والإخوان نظير الحلم المشترك في الحكم الإسلامي».