قصة قصيرة كتبها- عبد المنعم البدري: خرجت من عملها الحكومى مبكرا سلكت الطريق الى السوق لشراء احتياجات البيت كعادة شهرية تتزامن دائما مع المرتب الذى لاتسمح عدد أوراقه برفاهية تكرار هذه العادة إلا فى نفس الميعاد من الشهر التالى وربما لايسمح اذا تدخلت مؤثرات خارجية. شاردة بعينها تنظر الى كل شيء وكأنها لاتراه؛ فجأة وقع نظرها عليه رمقته بطرف عينها وكأنها تتحاشى ان تنظر اليه .استوقفها فأخذت تتأمله من بعيد ثم تقدمت قليلا واعادت النظرالى هذا الذى يستقر أمامها خلف الحاجز الزجاجى فى أناقة واضحة . ألقت نظرة سريعة على المحيطين به كانوا جميعا يبدو عليهم حسن المظهر وربما كانوا أكثرمنه أناقة لكنه هو الذى لفت انتباهها وحرك غريزتها الانسانية – نظرت الى الارض متألمة ثم عادت تنظر اليه. كم تتمنى لو تحصل على هذا الزوج الانيق الذي بالتأكيد سوف يريحها من المعاناة التى تراها مع الزوج الحالىالذى اصبح منهكا بفعل الزمن والعمل الدؤوب لمدة خمس سنوات اى من وقت ارتباطه بها وقتها كان هو ايضا فى قمة اناقته وقوته ولكنه الان لم يعد يصلح. لقد انتهى عمره الافتراضى ولم يعد قادرا على أداء واجباته كما يجب وهى قد تعبت وتحتاج الى زوج جديد. ولم لا يكون هذا الزوج من نصيبها وقتها تستطيع ان تترك الزوج الحالى غير مأسوف عليه وان كانت ستحفظ له ذكراه الطيبة. كان واضحا أن شهوتها التى كانت خامدة كل هذه السنوات قد استيقظت فجأة مع رؤيتها له وهو مادفعها الى التفكير فى وضع رغبتها موضع التنفيذ. كانت مترددة فى الإقدام على الخطوة التى تلى الإعجاب وهى التعبير عن هذا الاعجاب ولكنها حسمت أمرها وقررت أن تأخذ الخطوة. سلام عليكم • وعليكم السلام لوسمحت هى الجزمة السودة اللى فى الباترينة دى بكام • انهى واحده ياستى – دى ؟ لأ اللى جمبها • اااه دى بتسعة وستين جنيها ياااااه طيب شكرا كان السعرالذى قاله البائع كفيلا بإخماد شهوتها الشرائية التى تولدت من لحظات وجعلها تتراجع عن تنفيذها بالرغم من انها فى هذه اللحظات تملك المال الذى يكفى لشراء الحذاء ولكنها اعتبرت اقتطاع مبلغ سبعين جنيها من ميزانية اسرة مكونة من أربعة افراد قبل موسم الدراسة لشراء حذاء جديد لها قد يعتبر نوعا من السفه الذى يستوجب الحجر الفورى عليها من قبل أولادها الثلاثة الذين توفى والدهم من خمس سنوات!! نظرت الى الحذاء نظرة أخيرة ثم أدارت ظهرها ومشت وهى تفكر فى إمكانية شرائه اذا دبرت ثمنه فهى بالفعل تحتاجه بدلا من حذائها الحالى الذي سوف يعرض قدميها للغرق عندما يحل الشتاء لكثرة فتحات التهوية التى أصابت نعله المهترئ اصلا . كما انها تحتاج حذاء جديداً لكى تحضر به فرح ابنة اختها بعد اسبوعين؛ كما أنها لم تشتر اى شيء جديد من خمس سنوات عندما خرجت مع زوجها قبل وفاته بشهر واشترت حذاءها الحالى بخمسة وثلاثين جنيها كانت تحاول أن تبحث عن مبررات تقنع نفسها بها بأهمية الحذاء الجديد وترد بها على اى اتهامات قد تنالها من ضميرها فى حال اقدامها على تحقيق هذه الشهوه الشرائية. ربما تستطيع شراءه من الحوافز التى سوف تقبضها الاسبوع القادم عقدت العزم على ذلك وليكن مايكون فهى بالفعل تحتاج الى زوج جديد ....من الأحذية خرجت من عملها الحكومى مبكرا بعد ان قبضت الحوافز لم تفكر كثيرا ولم تترك للتردد اى مجال. ذهبت الى محل الأحذية واشترت الحذاء ؛ عادت الى البيت وهى فى قمة سعادتها لم يكن فى البيت غير ابنها الأصغر ذي العشر سنوات - إيه رأيك فى الجزمة دى يا .. يا سلاااااام • ياااااه جميلة قوى ياماما جبتيها بكام لازم تعرف يعنى ....جبتها بتسعين جنيها ياسيدى • ياااااااه دى غالية قوى ياماما ربنا يخليكى لي فعلا انا كان نفسى فى الجزمة دى من زمان عشان اروح بيها المدرسة. مبروك عليك ياحبيبي ياللا بقى روح نادى لاخواتك علشان نتغدى مسرعا فتح باب الشقة وخرج مرتديا حذاءه الجديد وهى تتابعه بعينها التى وقعت فجأة على حذائها القديم الذى يقبع أمامها. ايقنت انها لن تستطيع شراء حذاء جديد لها وان ارتباطها بحذائها القديم سيظل فترة أخرى من الزمن بعد ان تحاول مداراة الثقوب التى طالته . نظرت الى حذائها القديم نظرة طويلة واسندت خدها على راحة يدها اليمنى وابتسامة خفيفة على شفتيها ودمعة صغيرة من عينيها أبت أن تفر.