خيانة الثوار لا تعني أن ثورة 25 يناير مؤامرة.. هذه حقيقة لابد وأن نؤكدها على الدوام.. خاصة بعد أن استغل أعداء الثورة من رموز النظام السابق ومريديه قصة تسجيلات «مرتزقة» يناير من أجل الطعن في الثورة نفسها ومدى شرعيتها بل واعتبارها مؤامرة أمريكية صهيونية كان الهدف منها زرع الفتنة بين صفوف الشعب وتقسيم المجتمع!! وللأسف نسى هؤلاء أو تناسوا أن خروج الشعب على نظام مبارك لم يكن وراءه، مؤامرة دفعته له قوى خارجية، ولكن لأن هذا النظام أورثنا الفساد والمرض والجهل وجعل كل اهتمامه توريث السلطة لنجل الرئيس وكأن مصر عزبة ورثها الرجل عن أجداده.. فكان الرجل - مبارك - أشبه بخيال المآتة وكل شىء في البلد يتحرك بأمر ولي العهد ووالدته، ومن هنا ونظراً لأن هذه الثورة البريئة الطاهرة خرجت للدنيا بلا قائد فقد استغل «أولاد الحرام» من الهبيشة ونشطاء السبوبة الفرصة ووثبوا عليها وحركوها حسب رغبة وإرادة مموليهم وسادتهم، وهذا ما أخرج الثورة عن مسارها السليم ووأد أحلامها المشروعة «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية» فقتلوا أحلام الشعب وخطفوا ثمار الثورة حتى إن الشعب شعر بأن ثورته خطفت وخرجت عن مسارها بل أصبحت وسيلة لتحقيق أحلام غيره فكانت نتيجة الثورة أن الشعب ازداد فقراً والهبيشة وتجار الأوطان ازدادوا ثراءً ورفاهية. ومن هنا كفر الكثيرون من الشعب بالثورة وبرموزها من الناشطين الذين تحول الواحد منهم الى «لاطش» سياسي لا «ناشط» سياسي وتحالف هؤلاء مع الإخوان في ركوب الثورة وتغيير مسارها نحو أهدافهم في السطو على الوطن ووأد إرادة شعبية، ومن هنا كانت الحاجة الماسة لثورة جديدة.. يحدد الشعب مسارها بنفسه دون أن يسمح لهؤلاء الهبيشة وتجار الدين بركوبها، وقيادتها مرة أخرى.. هذه هى قصة ثورة يناير وما أصابها من حول سياسي بفعل من تصدى لقيادتها لكن كل ذلك لا يمكن أن يمس طهارة هذه الثورة ونقائها ومشروعية مطالبها ولا نبل أهدافها، فقد خرجت لتحرير الوطن من حاكم فاسد وعصابته التي «مصت» دماء المصريين!! إذن المقارنة بين ثورتي يناير ويونية لا ينبغي أن تجعلنا نسارع في الطعن في نقاء ونزاهة وشرف كلا منهما.. ولا نبل أهدافها فكلاهما كانت «صرخة غضب» ضد حاكم.. في الأولى كانت ضد حاكم فاسد حوَّل البلد إلي عزبة يديرها هو وأنجاله وعصابته، والثانية خرجت لخلع حاكم جاهل شاءت إرادة الله أن يبتلينا به حتي ندرك فساد عقله وقصور أدائه وخيانته لكل قيمة وطنية حتي أضحت مصلحة الجماعة عنده أولى من مصلحة الوطن فكان السقوط حتمياً والفشل لازماً لمسيرته ورحلة جماعته التي تحولت لجماعة سياسية عندما رأت أن الطريق السياسي هو الذي سيوصلهم لجنة السلطة، وعندما ضاعت السلطة من بين أيديهم سقطت عنهم ورقة التوت الأخيرة لنكتشف أننا أمام عصابة دموية لا تقيم وزناً لأي حياة بشرية أو دماء إنسانية طالما كانت قرباناً للسلطة وثمناً لها. إذن يا سادة أرجوكم لا تأخذوا فضيحة تسجيلات وخيانة بعض الثوار طريقاً للطعن في الثورة ذاتها، بل وتبرئة نظام مبارك وغسل صفحته القذرة في تاريخ مصر.. فثورتا يناير ويونية كلتاهما ثورة نقية وطاهرة وشريفة ولا يمكن أبداً أن توصف أي منهما بالمؤامرة.. فكلتاهما صرخة صادقة صدرت من شعب مقهور بعد أن شعر بأن مستقبله ورزقه وهويته ذاتها معرضة للفشل والدمار فكانت الثورة وكان الغضب الشريف.. فلا توصموها بالمؤامرة.