إسبانيا تهدد بالرد على أي عمل إسرائيلي ضد أسطول الحرية    حوادث ميكروفون الأمم المتحدة تتواصل.. قطع الصوت عن رئيس الوزراء الكندي    الإمارات تدعو مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته لردع إسرائيل    الأهلي يواجه الحدود .. والزمالك يستضيف الجونة بالدروي في بروفة أخيرة قبل لقاء القمة    الليلة .. بيراميدز على موعد مع التاريخ أمام أهلي جدة في « إنتركونتيننتال»    عودة فتوح.. تشكيل الزمالك المتوقع لمواجهة الجونة في الدوري    من كفر الشيخ إلى مجد الدراما.. حكاية صداقة أسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبد الحافظ    وزير الصحة: العمل ميدانيا على 29 مشروعا جاريا في 12 محافظة    بالعلامة الكاملة.. نابولي يتصدر الدوري الإيطالي    نجم المصري السابق: الكوكي أقل من النادي.. والساعي إضافة قوية للفريق    صدمة في أسعار الذهب اليوم الثلاثاء 23 سبتمبر 2025 في مصر وعالميًا    بينهم يسرا وعمرو يوسف وتامر أمين.. تكريم الفنانين والإعلاميين بالدورة ال16 من مهرجان الفضائيات العربية (صور)    حكم فسخ الخطوبة بسبب ترك الصلاة.. دار الإفتاء توضح    أسعار الفراخ اليوم تفاجئ المستهلك بعد ارتفاعها أمس    السيسي: مؤتمر حل الدولتين فرصة تاريخية يجب اغتنامها لإنهاء عقود من الصراع    حالة الطقس اليوم الثلاثاء| حار رطب.. والأمطار تضرب هذه المناطق    بعد انخفاض الأخضر في البنوك.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري الثلاثاء 23-9-2025    روسيا: إسقاط عشرات المسيّرات الأوكرانية قرب موسكو والقرم    ميسي يهنئ ديمبيلي بعد الفوز بالكرة الذهبية 2025    رونالدو وفيليكس يقودان النصر أمام جدة في كأس الملك    اعتراف فرنسا بالدولة الفلسطينية.. خطوة تاريخية نحو كسر الجمود السياسي    حجز "مستريح السيارات" بحدائق القبة بعد استيلائه على 50 مليون جنيه من المواطنين    «معلومات الوزراء» يستعرض واقع الصناعة الذكية وتطورها محليًّا ودوليًّا    سميح ساويرس: سيارتي في مصر منذ 15 عاما.. وشراء أحدث موديل يُؤنب ضميري لأنها فلوس في الهواء    تكريم مبدعين وشخصيات فنية في ختام مهرجان بورسعيد السينمائي    بعد البيانو.. سميح ساويرس يكشف عن حلمه الجديد: أستعد لإخراج أول أفلامي.. وهذه نصيحي للشباب    محمود حمدان يتألق في مهرجان الفضائيات العربية ويظفر بلقب أفضل مؤلف    صلاح عبد الله يسترجع ذكريات الصداقة مع هشام سليم في ذكراه الثالثة: المهلبية بداية الحكاية    بكام الفراخ النهارده؟.. أسعار الدواجن والبيض في أسواق وبورصة الشرقية الثلاثاء 23-9-2025    عاجل| رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة: خطوات لا رجعة عنها نحو حل الدولتين    رئيس برشلونة يكشف لحظات التوتر قبل إعلان جائزة أفضل لاعب    مصرع 3 أشخاص وإصابة آخر إثر إصطدام ثلاثة سيارات بالطريق الزراعي بالبحيرة    الاَن توزيع درجات أعمال السنة 2025-2026 لصفوف النقل.. التفاصيل كاملة    نجلاء بدر: تصوير مشهد جريمة القتل في «أزمة ثقة» كان الأصعب    داخل منزله.. أول صور ل علاء عبد الفتاح بعد العفو الرئاسي    الداخلية تكشف ملابسات صورة جرافيتي على مبنى محافظة الدقهلية    وزير الزراعة: وضعنا خريطة سمادية جديدة لترشيد الاستهلاك.. و95% من المزارعين تسلموا حصصهم    رابط التقديم على أراضي الإسكان الأكثر تميزا (مسكن)    بدء الدراسة في مراكز «الأسرة والطفولة» بقرى «حياة كريمة» ب9 محافظات    خرّجت مشاهير.. 16 معلومة عن المدرسة السعيدية بعد فيديوهات الشرطة المدرسية    عليك مكافأة نفسك.. حظ برج الجدي اليوم 23 سبتمبر    «ساعدني».. قاضٍ يعترف باستخدام الذكاء الاصطناعي في إصدار حكم قضائي    لاعب غزل المحلة يغادر المستشفى بعد الاطمئنان على حالته الصحية    آمنة على أطفالك.. استشاري تغذية يوصي باستخدام «لانش بوكس» من هذا النوع    بعد وصول سعر الكيلو ل25 جنيهًا.. 6 بدائل رخصية ل الطماطم موجودة في كل مطبخ    أكبر مشكلة تؤثر على تركيز الأطفال.. خبيرة تكشف تأثير ال «ريلز» على المخ    من أبرز وجوه ثورة يناير ..العفو عن علاء عبد الفتاح.. انفراجة سياسية أم استثناء مفروض بضغوط غربية؟    بالصور.. ختام أولمبياد الشركات ببورسعيد بمشاركة 23 ألف رياضي    الداخلية تضبط شبكة تمارس أعمالًا منافية للآداب عبر تطبيق هاتفي في الإسكندرية    الاعتداء على باسم عودة وتدوير "أبو الفتوح" ونائبه بالتزامن مع قرار العفو عن "عبدالفتاح"    مستشفى مبرة المعادي ينجح في علاج ثقب بالقلب باستخدام تقنية التدخل المحدود    مصرع 3 عناصر إجرامية في مداهمة أمنية بالبحيرة    ما هي صلاة الغفلة وكيفية أدائها؟.. أمينة الفتوى تجيب (قيديو)    البحوث الإسلامية: الأمة الإسلامية في حاجة ماسة إلى تجديد الصلة بالنبي    من هم ال70 ألفًا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب؟.. الشيخ رمضان عبد المعز يوضح    تعرف على مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 22سبتمبر 2025    "طلاب من أجل مصر" ترحب بدفعة طب الجديدة بجامعة بورسعيد الأهلية (صور)    5 خطوات لتسجيل طلاب الثانوية الأزهرية بتنسيق التعليم العالي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الموريسيكون» المصريون
نشر في الوفد يوم 06 - 01 - 2014

كعربي مسلم نشأت منذ طفولتي، ومع نمو قراءاتي، على نوع من الحنين إلى الأندلس باعتبارها رمزاً لمجد المسلمين الضائع، وهو ما دعاني إلى المزيد من الاهتمام بتجربة الحكم الإسلامي هناك وتتبع تطورها واضمحلالها. كان من أكثر ما قرأته علمية ورصانة موسوعة أصدرها مركز دراسات الوحدة العربية في لبنان حول الحضارة العربية الإسلامية في الأندلس وفيها توسعت في قراءة مشكلة من أطلق على تسميتهم ب «الموريسكيين»، وقدم الكتاب- الموسوعة دراسة وافية بشأنهم ومنها تأسى على ما واجهه المسلمون هناك خلال محنة سقوط الأندلس أو ما يسميه الإسبان والغرب حروب الاسترداد.
و«الموريسيكون».. إخوان لنا مسلمون تعرضوا للنفي من إسبانيا إثر سقوط الأندلس وأخر معاقلها غرناطة وخيروا بين ذلك الأمر أو التحول إلى المسيحية. وقد رسمت لنا الأديبة المبدعة رضوى عاشور صورة بالغة الروعة في «ثلاثية غرناطة» حول هذه القضية لدرجة تكاد أن تبكيك.
ما زلت – رغم مرور أكثر من عقدين على قراءة الرواية أذكر «علي» ذلك الشاب المسلم الذي تم إجبار أهله على الرحيل وأقنعه صديقه الإسباني بالبقاء طمعا في الاستيلاء على بيته فيما بعد فلم يجد بدا من قتله – وأنا هنا أكتب من الذاكرة – فيما بدا لي يعكس أزمة أخلاقية.. تمحورت حول ما إذا كان «على» ناكراً للجميل أم أنه كان يدافع عن حقه؟ وهى الأزمة التي نواجهها في كل وقت وحين!
رغم أني قرأت تفاصيل أخرى عن الموضوع في كتاب المستشرق الأمريكي إيرفنج واشنطن «أخبار سقوط غرناطة»، إلا أن مفاجأتي الكبرى كانت فيما قدمه نظيره برنارد لويس في كتاب له أقوم بالإشراف على إصدار ترجمته إلى العربية قريبا عنوانه «صدام الحضارات.. المسلمون والمسيحيون واليهود في عصر الاكتشافات الجغرافية» حيث أشار إلى أن التجربة – النفي أو الإجبار على التحول إلى المسيحية - لم تكن خاصة بالمسلمين فقط وإنما شملت ضمن ما شملت اليهود كذلك. رغم الحذر الواجب في تلقي ما يقدمه لويس باعتبار يهوديته ومواقفه المنحازة ضد المسلمين إلا أن الرجل يقدم رؤية بالغة الأهمية حول الموضوع.
في تفاصيل القضية أن الكثير من المسلمين الذين قبلوا التحول أقدموا على ذلك ظاهريا فقط فيما كانوا يمارسون إسلامهم في السر.. بل وتذكر بعض الروايات أنه تم العثور على مصاحف مدفونة كان المسلمون المتحولون للمسيحية يقرأونها سرا بعيدا عن أعين الرقابة من مواطنيهم الإسبان.
من بين ما يذكره لويس بشأن اليهود أن أعدادا كبيرة منهم رفضت التخلي عن معتقداتهم القديمة سراً كذلك بل ونقلوها حتى إلى أولادهم وأحفادهم، فقد تحول هؤلاء اليهود إلى المسيحية بالقوة ولكنهم لم ينظروا لدينهم الجديد بما يتجاوز هذا الأمر حيث ظلوا على إيمانهم القديم ليس ذلك فقط بل حرصوا على تلقين أولادهم وأحفادهم التعاليم اليهودية رغم أنهم كانوا يعمدونهم في الكنيسة عند الولادة ويتركونهم يدرسون الدين المسيحي.
لقد كانت الشكوك – وننقل هنا عن لويس - دائماً تحوم حول الموريسكيين ولذلك وقعوا تحت طائلة التمييز فى التقاضي والظلم فى دفع الضرائب والجزية وكانوا يعاملون وكأنهم مازالوا مسلمين. ورغم ان أعداد الموريسكيين تناقصت بشكل كبير بسبب الهجرة الطوعية، فقد ظلوا عنصراً مهماً فى التركيبة السكانية وانفجرت معاناتهم أحياناً فى شكل عصيان علني.
وتكشف نظرة تأملية فيما حدث عن الفشل في تحقيق الهدف الذي قامت على تحقيقه السلطات المسيحية على المدى القصير.. حيث لم يحقق طرد المسلمين الذين تحولوا الى المسيحية تهدئة مخاوف الإسبان من التهديدات التى يمثلونها ضدهم، الأمر الذي وصل لحد إنشاء جهاز دائم يتمتع بسلطات تشريعية وتحريات وتنفيذية للكشف عن أى نفوذ اسلامي وكشف أو إقصاء أى سلالة منهم ومن نسلهم وبالتالي حماية الدولة والكنيسة والمجتمع الإسباني من «شرهم». الغريب أن هذه الشكوك والمخاوف استمرت لقرون وكان يعززها الخطر الخارجي الذي تواجهه إسبانيا.
وفي قراءة متأنية لما جرى آنذاك وربطه بما جرى ويجري في التاريخ الإنساني قد يصبح من الممكن بل من الواجب تحويل التوصيف من اقتصاره على جماعة بشرية بعينها - هم المسلمون في إسبانيا وضم اليهود إليهم بناء على رواية لويس - في ظرف زماني معين إلى مفهوم متكامل ينطبق على الحالات التي تتشابه معها بما يمكن معه القول أن الموريسكية أو «المرسكة» ظاهرة إنسانية متكاملة الأركان. وعلى ذلك فقد يصح وصف ما واجهه المسلمون في صدر الإسلام بأنه انعكاس لذات القضية - «المرسكة»- حين وجدوا أنفسهم منفيين، طوعا أو كرها، إلى الحبشة وحين هاجروا إلى المدينة في ظل الاضطهاد الذي تعرضوا له على يد قريش آنذاك. ويمكن القول أن الظاهرة لا تقتصر على الشكل الديني وإنما اتخذت، إذا وسعنا النظرة لها أشكالا سياسية عكست اضطهادا لخصوم ومعارضين سياسيين.
وعلى غرار ظاهرة «المكارثية» التي عاشتها الولايات المتحدة، وكتبنا عنها هنا منذ شهور، فإن «المرسكة» أصبحت، كما أشرنا، تتجاوز كونها ظاهرة تقتصر على مسلمي الأندلس أو يهودييها وإنما تشمل مجتمعات إنسانية أوسع وقد تجد لها تطبيقا في مصر سواء في التاريخ القديم أو المعاصر.. انظر حولك وستدرك صحة ما أقول!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.