أثار اتجاه مجلس القضاء الأعلى لتخصيص وتشكيل دوائر جديدة متفرغة لنظر قضايا الإرهاب حالة من الجدل القضائى بين مؤيدين ومعارضين. فبينما يرى العديد من القضاة أن هذه الدوائر تمثل العدالة الناجزة لسرعة نظر القضايا المتعلقة بالإرهاب وللقضاء على أزمة تنحى القضاة عن نظر القضايا المتورط فيها الإخوان المسلمون يرى آخرون أن هذا الأمر يمثل قمة اختراق القضاء المصرى ويطيح بمفهوم العدالة ومخالف لجميع الأعراف القضائية، مشيرين إلى أن تخصيص قضاة بعينهم لنظر قضايا بعينها يعد تدخلاً صارخاً فى عمل السلطة القضائية وأن توزيع القضايا على المحاكم أمر تحدده فقط الجمعيات العمومية للمحاكم وأعضائها. ومؤخراً كشفت عدة مصادر أن محكمة الاستئناف تعتزم إعلان الدوائر الثمانى التى خصصها مجلس القضاء الأعلى لنظر قضايا الإرهاب والتى اختيرت بين القاهرة والجيزة والاسكندرية وأن المكتب الفنى للمحكمة يجرى اتصالات حالية برؤساء تلك الدوائر لاطلاعهم بالقرار تمهيداً لتنفيذه وتفريغها لنظر قضايا الإرهاب فقط. وكان المستشار أحمد الزند، رئيس نادى القضاة العام، قد أعلن فى الجمعية العمومية للقضاة مساء الجمعة الماضية، أن كلاً من مجلس القضاء الأعلى ووزير العدل ورئيس محكمة استئناف القاهرة ورؤساء محاكم استئناف طنطا والإسكندرية يبحثون إيجاد علاج لأزمة تنحى بعض دوائر الجنايات عن قضايا الإخوان المسلمين وأنه ستتم معالجة الأمر بتشكيل دوائر جديدة متفرغة لنظر قضايا الإرهاب. ومن جانبه، رحب المستشار محمود حلمى الشريف، نائب رئيس محكمة النقض، سكرتير نادى القضاة، بالأمر، مشدداً على أن تخصيص تلك الدوائر حل لمسألة تنحى القضاة عن نظر القضايا المتعلقة بالإرهاب. وأكد أن التنحى عن نظر القضايا التى يحاكم فيها قيادات وأعضاء الإخوان ليست ظاهرة، وإنما هى حالات فردية جار معالجتها. وأكد سكرتير نادى القضاة أنه يتم استغلال التنحى كحيلة من الإخوان المسلمين لإقصاء القضاة عن نظر قضاياهم وبالتالى إطالة أمدها فى التقاضى. وشدد على أن الإخوان يتخذونها حيلة فيثيرون حالة من الفوضى داخل جلسات المحكمة لإدخال الغضب إلى نفس القضاة، وهناك قضاة حينما يغضبون لا يحكمون أو يستشعرون الحرج، فالأمر متفاوت بين القضاة. واضاف «الشريف» أن القضاة لن يسمحوا بأن تهتز ثقة الشعب بالقضاة وأن هناك قضاة لا يتأثرون بما يفعله الإخوان فى الجلسات لأنهم يعلمون الغرض الذى يريده الإخوان ولذا جار تخصيص دوائر متفرغة لنظر هذه القضايا. وأضاف المستشار علاء قنديل، عضو مجلس إدارة نادى القضاة العام، أن تخصيص دوائر متفرغة لنظر قضايا الإخوان وبعض القضايا الأخرى من شأنه تحقيق العدالة الناجزة ويسرع إجراءات التقاضى لأن تلك الدوائر ستكون متفرغة تماماً. على جانب آخر، اعترض عدد من القضاة على تخصيص دوائر لنظر قضايا الإرهاب، وأكدت مصادر قضائية أن تخصيص تلك الدوائر يطيح بمفهوم العدالة وأنه يجب عدم إقحام القضاة فى السياسة. وصرح المستشار محمد عصمت يونس، رئيس نادى قضاة بنى سويف، بأنه حتى الآن لم يتم تحديد مفهوم متفق عليه لتحديد معنى قضايا الإرهاب ليتم تخصيص دوائر لها، وأشار إلى أن تخصيص دوائر بعينها لنظر قضايا بعينها أمر مخالف للدساتير وللعرف القضائى ومضمون العدالة نفسه. وشدد رئيس نادى قضاة بنى سويف على أن توزيع العمل والقضايا أمر يتم بمعرفة الجمعية العمومية لكل محكمة، وإذا كان القضاة يمنحون رئيس المحكمة تفويضاً فى جمعيتهم العمومية لإنجاز هذا الأمر لا يعنى ذلك أن يكون مضمونه تعديل قواعد العمل بالمحكمة أثناء العام القضائى لأن هذا سيترتب عليه خلل فى سير العدالة، وشدد «يونس» على أنه لابد من إبعاد القضاة وعدم إقحامهم فى المعترك السياسى حفاظاً على القضاء وثقة الشعب به. وأضاف أن تنحى القضاة حق أصيل للقاضى أياً كانت القضية التى ينظرها ونوعيتها، مشيراً إلى أن إنجاز الفصل فى القضايا أمر محتم على القضاة وفقاً للقوانين ومرتبط بالقوانين التى تنظم عمل المرافعات والقضاء. وأكد «يونس» أن الحل لتحقيق العدالة الناجزة هو تعديل القوانين وخاصة قانون الإجراءات الجنائية وليس بتحديد أشخاص بعينهم لنظر قضايا بعينها.