لم تكن العائلة البسيطة التى تربت فى أحضان الريف المصرى بقرية الماي، إحدى قرى شبين الكوم بمحافظة المنوفية، تتخيل أن ينتهى المطاف بأصغر أبنائها وراء قضبان السجن لمدة خمس سنوات بعد أن تمت مكافأة الإبن الأكبر على شهامته بعاهة مستديمة ستظل ملاصقة له طوال حياته، لتحكى مأساة اجتمع فيها الأبطال الثلاثة.. البلطجية والصحة وأخيراً الشرطة. بلطجة وإهمال تبدأ أحداث القصة كما يحكيها صبحى علي يونس الشرقاوى - مواطن بسيط - حينما حاول على ،ابنه الأكبر 21 عاماً، الدفاع عن إحدى الفتيات ضد خمسة أشخاص يحاولون اغتصابها على الطريق، مما دفعه إلى الاشتباك معهم، ولأنه نجح في تخليصها منهم بيتوا النية على الانتقام منه ومعرفة خط سيره، وبعدها بأربعة أيام هاجمته مجموعة من البلطجية وهو في طريقه لعمله، وأصابوه بسيوفهم وسنجهم ومطاويهم بكافة أنحاء جسده. هرع الأب سريعا إلى مستشفى الجامعة بشبين الكوم حاملا ولده المصاب " الذي تم تقطيعه على حد وصفه". لم تتحرك قلوب أطباء وممرضى المستشفى أمام منظر الشاب فتركوه ينزف من الثامنة والنصف من صباح ذلك اليوم المشئوم حتى الواحدة والنصف ظهراً، وعندما بدأ يدخل فى غيبوبة كاملة بدأ الأطباء فى "مطوحة" أهل المريض بين أقسام العظام والجراحة والأشعات، إلى أن انتبهوا بعد ساعات طويلة أن المصاب في حاجة لإجراء جراحة عاجلة .. يقول الأب: " لم نجد طبيبا يهتم بالحالة، وعندما جاء بعد ساعات قال ببرود " نستنى شوية"، وتحدث معنا بأسلوب غير محترم قائلا "روح هات شاش وقطن".. وكأن المستشفي لا يوجد به حتى الاسعافات الأولية. الأب الذى استمر فى الصراخ لإنقاذ ابنه، والذى قبَّل الأقدام والأيادى لمناشدة الجميع بسرعة إنقاذ فلذة كبده، أرسل فى طلب ابنه الثانى "محمود" الذى يعمل "مبيض محارة"، بعد أن فاجأتهم إحدى الممرضات بحاجة ابنه الشديدة لنقل دم، والذى سرعان ما أتى بصحبة عدد من زملائه للتبرع لإنقاذ "علي"، وعندما وجد أخيه ينزف دون أية عناية ثار على الجميع لهول المشهد دون أن يتعد على أحد، مما دفع الطبيب لطلب الشرطة، فجاء إليهم النقيب ماجد المسئول عن الأمن بالمستشفى وقام بالسب والتعدى بالضرب على الابن الأصغر وزملائه دون أي اهتمام بالمصاب الذي ينزف، وعنما صاح الأب معترضا وهو يرى ابنه يهان ": هى الثورة لسه ما غيرتش فيكم حاجة؟"، رد النقيب :"الثورة دى هناك عند أمك.. فى ميدان التحرير"! تأليف وإخراج النقيب ادعى الطبيب فى التحقيقات تعرضه للضرب من جانب أهل المريض، ولأنه لا توجد به أية إصابات أو حتى خدوش، ولأنه لم تصدر عن المستشفى أية تقارير طبية تفيد صحة ادعاءاته.. قام النقيب ماجد باقتياد الجميع إلى مكتب الشرطة بالمستشفى، وقام بإخراج "مطوتين" من جيبه الخلفى طالباً من معاون المباحث تسجيلهما لمحمود وزميله هانى، ثم أسرع فى طلب الشرطة العسكرية التى ألقت القبض على محمود وهانى وثلاثة آخرين، وصدر الحكم ضد أول اثنين بالسجن خمس سنوات، أما الباقى فكان نصيبهم السجن سنتين بتهمة سب الطبيب. يقول الأب المجروح واصفاً تلك اللحظات: "أصبحت هائماً على وجهى، حائراً فيما بين الانتظار بجانب المصاب الذى يقترب من الموت، وأخيه صاحب ال 19 عاماً الذى أصبح مجرما بتهمة لهفته على أخيه، إلا أنى قررت البقاء بجانب الأول لأنه أولى بالرعاية، وكانت المفاجأة خروجه من غرفة العمليات مباشرةً للشارع فى نفس يوم الحادث. أرسل صبحى الشرقاوى عدة طلبات لكل من رئيس المجلس الأعلى المشير حسين طنطاوى والدكتور عصام شرف رئيس الوزراء، ووزير الداخلية منصور العيسوى إلا أن أحداً لم يرد عليه حتى الآن. . ويتساءل الأب هل من العدل أن يكون جزاء شاب أنقذ فتاة من الاغتصاب أن ينتهي به المطاف لعاهة مستديمة فضلاً عن إلقاء أخيه الأصغر بالسجن لمدة خمس سنوات..؟! شاهد الفيديو