أغنية مش مجرد حب لرامي جمال تقترب من تحقيق مليون مشاهدة (فيديو)    المطورين العقاريين: القطاع العقاري يُمثل من 25 إلى 30% من الناتج القومي    ما شروط وجوب الحج؟.. مركز الأزهر للفتوى يوضح    تزامنا مع زيارة ترامب.. تركيب الأعلام السعودية والأمريكية بشوارع الرياض    زلزال بقوة 5.5 درجات يضرب جنوب غربي الصين    المجلس الوطني الفلسطيني: قرار الاحتلال استئناف تسوية الأراضي في الضفة يرسخ الاستعمار    النصر يتطلع للعودة إلى الانتصارات بنقاط الأخدود    أمن الإسماعيلية: تكثيف الجهود لكشف لغز اختفاء فتاتين    بينهم أطفال.. مصرع شخص وإصابة 7 آخرين في حادثين منفصلين بالأقصر    الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 12-5-2025    لبنى عبد العزيز لجمهورها: الحياة جميلة عيش اليوم بيومه وماتفكرش فى بكرة    يارا السكري ترد على شائعة زواجها من أحمد العوضي (فيديو)    النبأ التاريخى.. التفاصيل الكاملة لخبر ترامب الأكثر تأثيرا على الإطلاق    حكم اخراج المال بدلا من شراء الأضاحي.. الإفتاء تجيب    أمريكا تعلق واردات الماشية الحية من المكسيك بسبب الدودة الحلزونية    وفري في الميزانية واصنعيه في البيت، طريقة عمل السينابون    جيش الاحتلال ينفذ عمليات نسف كبيرة فى رفح الفلسطينية جنوبى قطاع غزة    حقيقة وفاة الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق    بعد ضم 5 نجوم.. 3 صفقات سوبر منتظرة في الأهلي قبل كأس العالم للأندية    أصالة تدافع عن بوسي شلبي في أزمتها: "بحبك صديقتي اللي ما في منك وبأخلاقك"    الصراع يشتعل على المقاعد الأوروبية.. جدول ترتيب الدوري الألماني    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الاثنين 12 مايو    مدير الشباب والرياضة بالقليوبية يهنئ الفائزين بانتخابات برلمان طلائع مصر 2025    حريق هائل يلتهم محصول القمح في الغربية    ملخص أهداف مباراة الاتحاد والفيحاء في دوري روشن السعودي    حبس وغرامة تصل ل 100 ألف جنيه.. من لهم الحق في الفتوى الشرعية بالقانون الجديد؟    خاص| سلطان الشن يكشف عن موعد طرح أغنية حودة بندق "البعد اذاني"    عمرو سلامة عن مسلسل «برستيج»: «أكتر تجربة حسيت فيها بالتحدي والمتعة»    عمرو سلامة: «اتحبست في دور المثير للجدل ومش فاهم السبب»    ترامب: سأعلن عن خبر هو الأهم والأكثر تأثيرا على الإطلاق    تكليف «عمرو مصطفى» للقيام بأعمال رئيس مدينة صان الحجر القبلية بالشرقية    المهندس أحمد عز رئيسا للاتحاد العربى للحديد والصلب    البترول تعلن شروطها لتعويض متضرري "البنزين المغشوش"    عاجل- قرار ناري من ترامب: تخفيض أسعار الأدوية حتى 80% يبدأ اليوم الإثنين    عاصفة ترابية مفاجئة تضرب المنيا والمحافظة ترفع حالة الطوارئ لمواجهة الطقس السيئ    بسبب ذهب مسروق.. فك لغز جثة «بحر يوسف»: زميله أنهى حياته ب15 طعنة    تبدأ في هذا الموعد.. جدول امتحانات الصف الأول الثانوي بمحافظة أسوان 2025 (رسميًا)    محافظ الشرقية يصدر قرارًا بتكليف رئيس جديد لصان الحجر    أسعار كرتونة البيض اليوم 11 مايو 2025    سعر الذهب اليوم الإثنين 12 مايو محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير (تفاصيل)    عاد إلى إفريقيا.. الوداد يحسم مشاركته في الكونفدرالية بفوز في الجولة الأخيرة    نجم الزمالك السابق: تعيين الرمادي لا يسئ لمدربي الأبيض    ندوة "العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في فتاوى دار الإفتاء المصرية" بالمركز الثقافي القبطي الأرثوذكسي    3 أبراج «مكفيين نفسهم».. منظمون يجيدون التخطيط و«بيصرفوا بعقل»    وزيرا خارجية الأردن والإمارات يؤكدان استمرار التشاور والتنسيق إزاء تطورات الأوضاع بالمنطقة    فلسطين.. الاحتلال يقتحم كفر اللبد ويعتدي على شاب من ذوي الإعاقة شرق طولكرم    مشاجرة عائلية بسوهاج تسفر عن إصابتين وضبط سلاح أبيض    وفاة طالب بطهطا بعد تناوله قرص غلة بسبب خلافات أسرية    «انخفاض مفاجئ».. بيان عاجل بشأن حالة الطقس: كتلة هوائية قادمة من شرق أوروبا    مع عودة الصيف.. مشروبات صيفية ل حرق دهون البطن    حسام المندوه: لبيب بحاجة للراحة بنصيحة الأطباء.. والضغط النفسي كبير على المجلس    خبر في الجول - جاهزية محمد صبحي لمواجهة بيراميدز    مواعيد عمل البنك الأهلى المصرى اليوم الاثنين 12 مايو 2025    الاعتماد والرقابة الصحية: القيادة السياسية تضع تطوير القطاع الصحي بسيناء ضمن أولوياتها    هل هناك حياة أخرى بعد الموت والحساب؟.. أمين الفتوى يُجيب    جامعة بنها تطلق أول مهرجان لتحالف جامعات القاهرة الكبرى للفنون الشعبية (صور)    الإفتاء توضح كيف يكون قصر الصلاة في الحج    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي، أم يجوزُ لي تأجيلُه؟.. الأزهر للفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيصل جلول يكتب: بطليموس العرب" و"أرنب الجاد" الصيني
نشر في الوفد يوم 18 - 12 - 2013

دخلت الصين لتوها نادي القمر الذي كان يضم عضوين فقط، هما روسيا السوفييتية والولايات المتحدة الأمريكية الليبرالية، لتصبح بكين الشيوعية هي العضو الثالث في هذا النادي الذي بات وسيلة قياس على بلوغ الحد الأعلى من التطور التكنولوجي والحد الأعلى من النفوذ الدولي .
أن يستقر العلم الأحمر الصيني الشيوعي على سطح القمر مثله مثل العلمين السوفييتي والأمريكي، فهذا دليل على أن الإبداع لا يرتبط ارتباطاً عضوياً بالليبرالية كما تصم أذاننا أساليب الدعاية الغربية ليلاً نهاراً، ولو كان الإبداع شرطه ليبرالياً لغاب عن العالم القسم الأكبر من الاختراعات في القرون الوسطى وما قبلها ولغاب عن العالم القسم الأهم من الاكتشافات العلمية ومنها حركة الكواكب وإيقاعها .
بالأمس ومع "ارنب الجاد" الذي أطلقه الصينيون على سطح القمر لم يشر أحد إلى "ماساة ساحة تيان ان مين" ولم يذكر أحد اسم أي من سجناء الرأي الصينيين ولم يتحدث احد عن شروط عمل ملايين العمال القاسية، إلى غير ذلك من مواضيع الدعاية الليبرالية المكرسة لمحاصرة التقدم الصيني أخلاقياً . بالأمس ساد الذهول أمام تمكن الصين من السير على خطى الروس والأمريكيين القمرية . بالأمس ساد الذهول أمام قدرة الصينيين على تحقيق إنجاز قمري في زمن قياسي، ولعل الدرس الأول والأخير من هذه التجربة هو أن التقدم يأتي أولاً وأخيراً من تماسك البلدان الداخلي ومن قدرة الدول على تغليب أولويات الوطن على الأولويات الشخصية وعلى قدرة الأمم على منع التدخل الخارجي في شؤونها، فلا هي معتدية على الغير ولا هي ضعيفة بحيث تغري الغير بالتدخل في شؤونها . لقد لجم الصينيون بقوة كل حديث عن شؤونهم الداخلية في وسائل الإعلام الغربية حتى صارت "تيان ان مين" صدى لماض غابر .
لا يمكن لعربي في هذه المناسبة إلا أن يشعر بالإحباط ليس حسداً وليس غيرة، وإنما لكونه ينتمي إلى حضارة كانت السباقة في وضع أسس العلوم الابتدائية حول القمر إلى حد أن أسماء 18 عالماً عربياً تطلق اليوم على مواقع في القمر الذي صار مرآة لتقدم الأمم ولنهضتها ولعراقتها ومساهماتها في تقدم البشرية .
ولا يمكن لعربي إلا أن يشعر بالغضب في هذه المناسبة لأن الأمم الأخرى الناهضة مشت على طريق شقه العرب ثم أهملوا السير عليه بسبب احترابهم وسقوطهم في الفتنة تلو الفتنة وخضوعهم لأنظمة جاهلة تنصب الأفخاخ لبعضها بعضاً والانتقام من بعضها بعضاً .
وحتى لا يبدو هذا الكلام ضرباً من الحنين الأخرق إلى ماض بلا حاضر، وقدراً من التعميم والمبالغة التي لا تغني مرتبة ولا تعلي شأناً، أشير فقط إلى بعض العلماء العرب الطليعيين في علوم الفلك ومن بينهم صانع الاسطرلاب الحديث بالقياس إلى من سبقه من الإغريق إبراهيم الفزاري والبيروني وأبو الفدا وثابت بن قرة والخوارزمي وأبو عبدالله البتاني وآخرين .
ولكن أتوقف عند البتاني المولود في القرن التاسع الميلادي الذي أثبت بملاحظاته الذكية وبوسائل رصده المحدودة ان الكواكب تدور حول الشمس في مسار بيضاوي وليس في مسار التوائي كما استنتج بطليموس من قبل . وقد رصد البتاني الكسوف والخسوف وصار مرجعاً حتى بعد مرور سبعة قرون على ملاحظاته في كل علوم القمر، بل ثمة من يعتقد أن ملاحظاته فاقت بأهميتها وبدقتها ملاحظات كوبرنيكوس الذي اعترف بفضله وذكره بكثافة في أعماله واكتشافاته، تنسب إلى البتاني أيام السنة الشمسية وتحديدها ب365 يوماً . علماً بأن أعماله ترجمت في فترة مبكرة في القرن الثاني عشر إلى اللغة اللاتينية، وفي القرن السادس عشر إلى اللغة الإسبانية بعد سقوط الأندلس .
ولأنه طليعي في علوم الفلك والقمر ومرجع لا يمكن المرور على أعماله التأسيسية مرور الكرام، فإننا نرى اسمه في مسلسلات الفضاء الأمريكية الشهيرة كمسلسل "ستارتريك" المعروف وقد أطلق على إحدى المركبات الفضائية، والمذهل في الأمر أن المشاهدين العرب لم ينتبهوا إلى هذا الاسم وظنوه أجنبياً جراء افتتانهم بالأجنبي وبأسمائه . واليوم من يعرف اسم البتاني من الأجيال العربية الجديدة؟
أما قمة المأساة فتكمن في ما جرى للمحيط الذي ولد فيه البتاني وعمل فيه ومات . فهو حراني المولد في العراق اليوم وقد مات بالقرب من سامراء أثناء رحلة أرادها للشكوى من الظلم لدى الخليفة العباسي، أما عمله فقد تركز في مدينة الرقة السورية وعلى ضفة نهر الفرات وفيها نصب مراصده وصاغ أبحاثه وملاحظاته .
لو عاد محمد بن جابر بن سنان البتاني الحراني اليوم إلى أمكنة ولادته ويومياته ووفاته وإلى العصر الذي يعيش فيه أهله العرب اليوم وإلى التطور الذي حققه غير العرب استناداً وانطلاقاً من علومهم لا نفطر قلبه ولتمنى لو إنه ما عاد وما رأى .
ومشكلتنا نحن عرب اليوم تكمن في أننا نرى ما يقع لنا ومازلنا نبحث من دون جدوى عن إجابة عن سؤال: لماذا تقدم غيرنا ولماذا تخلفنا؟ وما زلنا ندّور الزوايا ونغلف عجزنا وقصورنا بمبررات وحجج ضعيفة وغير مفيدة، ومازلنا نحمل غيرنا مسؤولية مصيرنا، تماماً كما يفعل المراهقون والقاصرون، كأننا لم نبلغ بعد سن الرشد مع أننا شخنا وشبعنا تقدماً في السن .
أطلق الغربيون على البتاني اسم "بطليموس العرب" تيمناً ببطليموس اليوناني للقول إن الأصل عندهم وإن البتاني تلميذ مجتهد عند عالم إغريقي جليل . ثمة من يفتخر بهذا الوصف ويعتبره نقطة مضيئة في عالم عربي مظلم، وعندما يكون الظلام قاتماً إلى هذا الحد فلا بأس من الاستئناس بشمعة، لذا أقول شكراً لأبي عبدالله البتاني فقد نزل اليوم على قمرك "ارنب الجاد" الصيني بعد أن مشى أصحابه على طريق فتحتها قبل 11 قرناً .
نقلا عن صحيفة البيان الاماراتية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.